الوداد البيضاوي يعلن تعيين بنعبيشة مديرا تقنيا للنادي    مديرية الجديدة توضح في بلاغ رسمي توازن الوضعية التعليمية بمدرسة الروداني    التوافق يطغى على أشغال لجنة برلمانية بدأت مناقشة تعديلات مشروع القانون التنظيمي للإضراب    بوريطة: وقف إطلاق النار في لبنان تطور إيجابي لكن يتعين احترامه    مؤشر "مازي" يرتفع ببورصة الدار البيضاء    أخنوش يمثل جلالة الملك في قمة «المياه الواحدة» في الرياض    اختتام اجتماع عسكري بين المغرب وفرنسا    التوفيق: ترميم المساجد أغلى من بنائها        البواري: القطاع الفلاحي يواجه تحديا كبيرا ومخزون السدود الفلاحية ضعيف        الفنان المغربي المقتدر مصطفى الزعري يغادر مسرح الحياة    إسرائيل تهدد ب "التوغل" في العمق اللبناني في حال انهيار اتفاق وقف إطلاق النار    حكومة أخنوش تقرر إعفاء معاشات المتقاعدين من الضريبة على الدخل    "الاعتداء" على مسؤول روسي يعزز دعوات تقنين النقل عبر التطبيقات الذكية        مطالب بفتح تحقيق في التدبير المالي لمديرية الارتقاء بالرياضة المدرسية    طائرة خاصة تنقل نهضة بركان صوب جنوب أفريقيا الجمعة القادم تأهبا لمواجهة ستينبوش    دبي توقف إمبراطور المخدرات عثمان البلوطي المطلوب في بلجيكا    الأمم المتحدة: كلفة الجفاف تبلغ 300 مليار دولار سنويا    إنتخاب عبد الحميد أبرشان رئيسا جديدا لمقاطعة طنجة المدينة    رحيل الفنان المغربي مصطفى الزعري    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    الفنان المسرحي الكبير مصطفى الزعري ينتقل إلى جوار ربه    التامني: استمرار ارتفاع أسعار المواد البترولية بالمغرب يؤكد تغول وجشع لوبي المحروقات    النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام تستمر في إضرابها الوطني للأسبوع الثالث على التوالي    حدث نادر في تاريخ الكرة.. آشلي يونج يواجه ابنه في كأس الاتحاد الإنجليزي    أكادير…توقيف شخص يشتبه ارتباطه بشبكة إجرامية تنشط في تنظيم الهجرة غير المشروعة    المضمون ‬العميق ‬للتضامن ‬مع ‬الشعب ‬الفلسطيني    تصريحات مثيرة حول اعتناق رونالدو الإسلام في السعودية        رحيل أسطورة التنس الأسترالي نيل فريزر عن 91 عاما    جبهة دعم فلسطين تسجل خروج أزيد من 30 مدينة مغربية تضامنا مع الفلسطينيين وتدين القمع الذي تعرض له المحتجون    حماس وفتح تتفقان على "إدارة غزة"    أمريكا تقيد تصدير رقائق إلى الصين    فن اللغا والسجية.. الفيلم المغربي "الوترة"/ حربا وفن الحلقة/ سيمفونية الوتار (فيديو)    مزاد بريطاني يروج لوثائق متسببة في نهاية فرقة "بيتلز"    فريق طبي: 8 أكواب من الماء يوميا تحافظ على الصحة    ترامب يهدد الشرق الأوسط ب"الجحيم" إذا لم يٌطلق سراح الأسرى الإسرائليين قبل 20 يناير    فيديو: تكريم حار للمخرج الكندي ديفيد كروننبرغ بالمهرجان الدولي للفيلم بمراكش    مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة .. المغرب يؤكد استعداده للانخراط في أي جهد دولي يهدف لتهيئة الظروف الملائمة لإحياء مسار السلام    كيوسك الثلاثاء | سرطان البروستات يقتل ألفي مغربي سنويا    أسعار الذهب ترتفع مع تزايد التوقعات بخفض الفائدة الأمريكية    وزيرة: ليالي المبيت للسياحة الداخلية تمثل 30 مليون ليلة    مهرجان مراكش للسينما يواصل استقبال مشاهير الفن السابع (فيديو)    مزور: التاجر الصغير يهيمن على 80 في المائة من السوق الوطنية لتجارة القرب    برلين.. صندوق الإيداع والتدبير والبنك الألماني للتنمية يعززان شراكتهما الاستراتيجية    القضاء يحرم ماسك من "مكافأة سخية"    شعراء وإعلاميون يكرمون سعيد كوبريت    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    دراسة: تناول كميات كبيرة من الأطعمة فائقة المعالجة قد يزيد من خطر الإصابة بمرض الصدفية    وجدة والناظور تستحوذان على نصف سكان جهة الشرق وفق إحصائيات 2024    فقدان البصر يقلص حضور المغني البريطاني إلتون جون    التغيرات الطارئة على "الشامة" تنذر بوجود سرطان الجلد    استخلاص مصاريف الحج بالنسبة للمسجلين في لوائح الانتظار من 09 إلى 13 دجنبر المقبل    هذا تاريخ المرحلة الثانية من استخلاص مصاريف الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الملك محمد السادس يوجه رسالة إلى المشاركين في الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي
نشر في الأول يوم 13 - 10 - 2023

وجه الملك محمد السادس، رسالة إلى المشاركين في الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، التي تنعقد بمراكش خلال الفترة ما بين 9 و15 أكتوبر الجاري.
وفي ما يلي نص الرسالة الملكية التي تلاها المستشار الملكي عمر القباج :
"الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.
أصحاب المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
إنه لمن دواعي سرورنا أن نرحب بكم في المملكة المغربية، وفي مدينة مراكش العريقة الغنية بتاريخها وتراثها الثقافي والحضاري ؛ مما جعل منها قبلة سياحية عالمية، وملتقى أثيرا لاحتضان التظاهرات الدولية الكبرى التي طبع بعضها تاريخنا الحديث.
ونخص بالذكر هنا قمة "الغات" لسنة 1994 التي شهدت ميلاد منظمة التجارة العالمية، ثم مؤخرا مؤتمر الأطراف (كوب 22) في العام 2016.
ولا يخامرنا أدنى شك بأن النجاح ذاته سيحالف الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
ولا يفوتنا أن نعرب عن تقديرنا لكم لما أبنتم عنه من مشاعر الصداقة والثقة في بلادنا، من خلال حضوركم اليوم بمراكش، بعيد الزلزال المؤلم الذي ضرب بلادنا، وكذا للدول والهيئات التي عبرت عن استعدادها لدعم المغرب لاسيما في مرحلة إعادة الإعمار.
أصحاب المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
يسعدنا اليوم، بعد سنتين من التأجيل بسبب الجائحة، أن نشهد انعقاد هذا المنتدى المرموق مرة أخرى في القارة الإفريقية بعد نصف قرن، وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بعد عشرين سنة من دورة دبي 2003.
ومن الطبيعي أن تُعقد آمال كبيرة على هذه الاجتماعات السنوية، بالنظر إلى السياق الاستثنائي الذي يمر به العالم، واعتبارا للتحديات الجيو-سياسية والاقتصادية والبيئية التي ما فتئنا نواجهها منذ سنوات.
ففي الوقت الذي يواجه فيه كوكبنا تقلبات مناخية فرضت واقعا جديدا، ما فتئت تؤكده المعطيات يوما بعد يوم، لا يزال العالم غارقا في مشكلات كنا، إلى عهد قريب، نحسب أن جزءا كبيرا منها قد وجد طريقه إلى الحل، بفضل القواعد والمؤسسات متعددة الأطراف التي تم إرساؤها غداة الحرب العالمية الثانية.
فما نشهده اليوم من تشرذم جيو-اقتصادي وتنامٍ للنزعات السيادية، التي يُعزى جزء منها إلى الرغبة في إعادة ضبط موازين القوى الاقتصادية والسياسية على الصعيد العالمي، بات يشكل تهديدا للتقدم الكبير الذي تم إحرازه خلال العقود الأخيرة في ظل تعددية الأطراف.
ولقد كانت العولمة، التي بدأ مدها منذ ثمانينيات القرن الماضي وساهمت في خفض تكاليف الإنتاج وتشجيع التجارة العالمية، من بين العوامل المساهمة في تخفيف حدة التضخم الذي ينهك اليوم القدرة الشرائية للأسر في جميع أنحاء العالم، وذلك رغم السياسات النقدية المتشددة التي، وإن كان جلها قد طُبق بشكل متزامن، لم تخل من تداعيات على النشاط الاقتصادي.
فقد مكنت من تحقيق بعض التقدم الملموس من خلال تحسين مستويات العيش، مما أسهم في تخليص فئات عريضة من سكان العالم من وطأة الفقر، بالرغم مما رافقها من آثار جانبية، خاصة ما تعلق منها باتساع هوة الفوارق والتفاوتات.
أصحاب المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
صحيح أن التطورات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي شهدتها السنوات الأخيرة تستدعي إصلاح المؤسسات والقواعد التي تحكم نظام تعددية الأطراف، لكن هذا الأمر يقتضي كذلك توطيد المبادئ الأساسية التي يقوم عليها هذا النظام وإذكاء الروح التي تلهمه. ذلك أنها ما تزال ضرورية لحفظ الاستقرار والسلم العالميين، والدفع قدما بتضافر الجهود للتغلب على التحديات المشتركة التي تواجه كوكبنا وشعوبنا.
لكن التصدي للتحديات العالمية يتطلب، كما نعلم جميعا، حلولا عالمية لا تتيسر إلا في إطار الوحدة والاحترام المتبادل بين الأمم، لاسيما عبر إدماج التنوع وتثمينه، باعتباره قيمة مضافة لا مصدرا للنزاع والفرقة مع مراعاة خصوصيات كل دولة ومنطقة.
كما يتعين إعادة النظر في المنظومة المالية العالمية والعمل على تحسينها لتصبح أكثر إنصافا واستيعابا لمصلحة الجميع. ولعل هذه الاجتماعات السنوية تشكل، من هذه الناحية، أنسب فضاء لاحتضان حوار ونقاش بناء بشأن هذا الإصلاح.
فلئن كان قدرنا أن نحيا جميعاً في هذا الكوكب، فلا سبيل لأي بلد ليبني مستقبله بمعزل عن مراعاة مصائر بقية البلدان.
أصحاب المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
ذلكم هو المنظور الذي تقوم عليه رؤيتنا للتنمية في المغرب، مستندة إلى مؤهلاتنا التي هي تاريخنا العريق، ووضع بلدنا باعتباره مهدا للسلام وتلاقح الحضارات وتعايش الديانات والثقافات؛ ثم الموقع الجغرافي لبلدنا كصلة وصل بين إفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا.
فمقاربتنا لهذا الموضوع ترجح كفة الانفتاح الاقتصادي والتعاون، حيث انخرطنا في مختلف الخطط والبرامج العالمية، سواء فيما يتعلق بالتنمية الاقتصادية، أو بالتصدي للتغيرات المناخية، أو بمكافحة الإرهاب وتبييض الأموال وتنامي انعدام الأمن السيبراني الذي أفرزته الثورة الرقمية.
وفي هذا السياق، عمدنا، على الخصوص، إلى جعل التعاون جنوب-جنوب منطلقا أساسيا لانفتاحنا، معتمدين في ذلك نهجا يروم تحقيق التنمية المشتركة مع البلدان الشقيقة والصديقة في القارة الإفريقية.
أما على الصعيد الداخلي، فقد أطلقنا، منذ مطلع القرن الحالي، مجموعة من الإصلاحات المجتمعية والاجتماعية والاقتصادية الكبرى، فضلا عن برنامج ضخم للبنيات التحتية. وبموازاة ذلك، نظل حريصين على المحافظة على التوازنات الماكرو اقتصادية التي نعتبرها ضمانة للسيادة والمرونة الاقتصاديتين.
إنها مقاربة متوازنة تسخِّر السياسة الاقتصادية لخدمة التنمية البشرية التي جعلناها أولوية مطلقة منذ اعتلائنا العرش، وهو اختيار ما فتئنا نعززه منذ جائحة كوفيد-19. كما أطلقنا، في هذا المضمار، ورشاً غير مسبوق يستهدف تعميم الحماية الاجتماعية في بلدنا.
وقد بدأنا نستشعر نتائج هذه الرؤية بشكل ملموس، حيث أبان اقتصادنا عن قدرة مهمة على الصمود في ظل هذا السياق الدولي المعقد وغير المستقر، والذي شهد خلال السنوات الأخيرة صدمات متتالية خارجة عن إطار المتوقع والمألوف.
ومن ناحية أخرى، تمكنت بلادنا من توطيد تموقعها باعتبارها أرضا للسلام والأمن والاستقرار، وبوصفها شريكا ذا مصداقية، وقطبا اقتصاديا وماليا على الصعيدين الإقليمي والقاري.
ولذلك، فإننا نعتبر احتضان بلادنا لهذه الاجتماعات ثمرة لشراكة انطلقت منذ أمد بعيد بمعية مؤسسات بريتون وودز، وهو كذلك شهادة على الثقة في قوة إطارنا المؤسساتي وبنياتنا التحتية والتزامنا بدورنا في تعزيز العلاقات الدولية.

أصحاب المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
إن المغرب يتطلع، من منطلق انتمائه الإفريقي، إلى تمكين القارة الإفريقية من المكانة اللائقة بها ضمن بقية الهيئات الدولية، بما يمكنها من النهوض بخططها الاقتصادية والاجتماعية، بعد أن صار صوتها ممثلا بالاتحاد الإفريقي، مسموعا في مجموعة العشرين.
وكما لا يخفى عليكم، فإن دول القارة من أكثر بلدان العالم تضررا من آثار التغيرات المناخية، رغم تصنيفها ضمن البلدان الأقل مساهمة في الأنشطة المسببة لارتفاع درجة حرارة الأرض.
وبالتالي، ينبغي إعادة ضبط القواعد والأطر المنظِّمة لمعالجة إشكالية المديونية، بما يجعلها تراعي بشكل أفضل ما تعانيه الفئة الأكثر مديونية من الدول ذات الدخل المنخفض من إكراهات تحد من قدرتها على المبادرة ومواجهة التقلبات.
لذلك، يحق لإفريقيا، التي يرتقب أن تأوي ربع سكان العالم في سنة 2050، أن تستفيد اليوم من الشروط الكفيلة بتمكينها من تعزيز هوامش المناورة التي تمتلكها، واستثمار مؤهلاتها في الاستجابة لاحتياجات سكانها، في عالم تخيم عليه أجواء الاضطراب واللا يقين، وتطبعه تحولات عميقة طالت النماذج والمنظومات القائمة.
حضرات السيدات والسادة،
لقد أبان صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ومعهما كافة الوكالات والهيئات الدولية التي تشكل أركان النظام العالمي متعدد الأطراف، عن مستوى عال من الأداء وسرعة الاستجابة، خلال جائحة كوفيد-19، إذ كان دعمها لجهود العديد من الدول الأعضاء عاملا حاسما في تخفيف الآثار الاقتصادية والاجتماعية للجائحة.
وإننا لعلى يقين بأن هاتين المؤسستين لن تدخرا جهداً في سبيل إنجاح هذه الاجتماعات، بما يجعلها تحرز تقدما فعليا وملموسا في تحقيق أهدافها. ونأمل أن يتم تذويب الخلافات بين الاقتصادات الكبرى، وحشد مزيد من الجهود والمساعي المتضافرة في سبيل السلام والرخاء العالميين، وذلك في إطار من روح التضامن إزاء البلدان الأكثر هشاشة.
فبالحوار الصريح والبناء والمتوازن وحده نستطيع التوفيق بين التحديات الاقتصادية والمالية، من جهة؛ والبشرية، من جهة أخرى، لكي نضمن لكوكبنا المستقبل المشترك الذي يتوخاه كل منا لأبنائه.
وختاماً، نسأل الله تعالى أن يسدد خطاكم ويكلل بالتوفيق أعمالكم.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.