كما هي العادة في مثل هذه اللحظات من تاريخ البلاد، ينقسم المجتمع بين مؤيد ومعارض للإصلاحات المتعلقة بتوسيع هامش الحريات الفردية وحقوق النساء، التي يرى البعض على أنها عكس المرجعية الإسلامية. وفي ظل النقاش الدائر حول إصلاح مدونة الأسرة والقانون الجنائي، وكل ما يخصّ الحريات الفردية، أساسا إلغاء تجريم العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج ومنع تزويج القاصرات، وتحريم الافطار العلني في رمضان، والاجهاض وغيرها؛ لا يزال حزب العدالة والتنمية وأمينه العام عبد الإله بنكيران يقف معارضاً شرساً لكل إمكانية تغير لصالح التيار "الحداثي" في المجتمع. بنكيران هاجم بقوة عبد اللطيف وهبي وزير العدل، واصفاً إياه بمحاربة الاسلام هو وحوله الأصالة والمعاصرة، فيما وهبي قال إنه مصرّ على تمرير تعديلاته عن طريق الأغلبية البرلمانية المساندة للحكومة، خصوصا أن هناك حديث داخل الأغلبية عن توافق حول هذه التعديلات بين مكوناتها. العدالة والتنمية يرفع ورقة المرجعية الإسلامية في وجه وهبي الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية أصدرت عقب أخر اجتماع لها بلاغاً تضمن رداً مباشراً بخصوص موضوع التعديلات، جاء فيه: "وفي خضم النقاش حول مدونة الأسرة، وما يثار بشكل غير مسؤول من طرف وزير العدل، عنها وعن مسألة الحريات الفردية؛ تذكر الأمانة العامة من جديد أن مرجعية ورش تعديل بعض مقتضيات مدونة الأسرة ومراجعة القانون الجنائي محسومة لأنها مؤطرة ومقيدة تقييدا دستوريا بالثوابت الجامعة للأمة المغربية". وأضافت قيادة "البيجيدي": "وهي ثوابت غير قابلة للتعديل أو المساومة، وأن منظومة قيم المغاربة وهويتهم الدينية الراسخة وتاريخهم المجيد في التشبث بها والدفاع عنها، لن يسمح على الإطلاق بتمرير هذه الأجندات الغريبة التي تصادم ثوابت المغاربة ودولتهم". وفي نفس السياق علم "الأول" من مصادر مطلعة أن التعديلات الخاصة لمدونة الأسرة يبدو أنها وصلت مراحل متقدمة بعد التوافق عليها من طرف مكونات الأغلبية الحكومية. وأضافت ذات المصادر، "أما موضوع القانون الجنائي وعدد من القضايا الشائكة لا يزال هناك أخذ ورد ومن المستبعد أم ترى النور في الأيام القليلة المقبلة". المجتمع المدني وقوى اليسار يطالبون بالاصلاح الشامل والانتصار الحريات الفردية من جهة أخرى انخرطت الحركة النسائية بمختلف مكوناتها سواء المدنية او الحزبية، في التعبئة من أجل دعم الإصلاحات في إطار المزيد من الحريات وتوسيع مجال حقوق النساء، نفس الشيء ذهبت إليه أحزاب اليسار. ومن أهم الأحزاب التي عبرت علانية على ضرورة المضيّ في هذه الإصلاحات الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي لم يخفي كاتبه الأول دعمه للتغيير فيما يخص مدونة الأسرة والقانون الجنائي، نفس الشيء بالنسبة لنبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية. أيضاً نبيلة منيب ورفاقها في الاشتراكي الموحد، وحزب فدرالية اليسار الديمقراطي، الذي عقد لقاءً بحضور عدد من رجال القانون للمطالبة بالتسريع بهذه الإصلاحات.