أنا المرأة الرابعة في قصة فاطمة النجار ولا صك لي.. وإليكم أجأر بمظلمتي وهذه صرختي فاطمة.. امرأة بعلم يسير وبلا عمل.. تزوجت رجلا آزرته في كل المحن حتى وارى أبناؤه جثمانه الثرى.. تعلمت حرفته: الوعظ! حفظت بعض الآيات وبعض الأحاديث وتدبيجها في الخطب وإلقاءها في المحافل هذا هو كل زاد هذه المرأة ليكون لها موطئ قدم وسط العباءات والبراقع… واعظة في زمن عضها ولم يعظها إلا بباهظ الثمن! المرأة الأرملة بأطفال صاروا رجالا باكرا لأن الطفلة صارت أُمّاً قبل الأوان؛ و بكل الآيات ودروس الوعظ لا يمكنها إلا أن تكون امرأة بقلب وجسد.. هذا الجسد الذي له علينا جميعا حقوق لا ينكرها منا أحد، يشعل جسدا آخر كان بحاجة أيضا ومن جديد لشد الأزر في رحلة الوعظ.. آمنت بأن التعدد والزواج ستر من الله فتوكلت عليه لتخبر الأطفال الذين صاروا رجالا قبل الأوان لأن الطفلة صارت أما باكرا لكنهم انفجروا بالرفض.. طبعا رجال لا يسمحون لأمهم بالانتقال إلى ملك رجل آخر، بل يجب عليها أن تبقى ملكا روحا و جسدا للقبر و هم حراس التركة.. ولأن الرجال في عين الأم ليسوا سوى أطفالا مهما كبروا فإنها سلمت بأنهم أطفال لا يدركون ومضت إلى "الأئمة" رجال الجماعة مع المالك الجديد تطلب الأزر والنصرة.. لكنهم بين مراوغ ورافض انفضوا ولم يفتوا سوى في جواز الزواج أما كيف فلتعم بحرها.. المرأة الخدومة بمسحة الاستعباد في رداء الطاعة لم ترى ضيرا في المضي قدما و مزيد من الخدمة.. الذكر الذي ينعم بدفء امرأته الأخرى في وضح النهار واعظ أيضا لكن من عظات القدر أنه لا يعظ زوجته.. بطلعاته المتعددة يعظ الناس بالتعدد لكنه لا يعظ زوجته بذلك.. لعلها أدرى أنه مسلك لا غير وأن القلب خال إلا من المسوغات.. الواعظ الذي ينهى عن الفساد في البر و البحر لا يجد لامرأته مكانا يحفظ فيه عرضها ويحميها من الحيوان فيه.. في وطن لا ينكح في العراء إلا بهائمه ومتشردوه.. المرأة التي ترى فيه حاميها تكرس نفسها فقط لإيصاله إلى المنتهى.. حتى في الحميمية التي تحمي جسدها من نهش الغوغاء في الطريق لا حق لها في أن تفرج عن بعض هم هذا الجسد المسكين.. وتعد بعد ذلك طقوس الفطور.. لتنتهي حيث ينتهي المجرمون في رمشة عين لم تنم وفي حرب لا تضع أوزارها وستحمل طويلا وربما إلى الأبد وزرها.. و لأن للسلطة شهوتها فإن "الأئمة" قذفوا بها خارج أسوارهم ولم يجدوا هم أيضا لها مكانا يحفظ كرامتها أو يصرفوا لها مكافأة نهاية الخدمة! طبعا الموعد حرب والمشروع يستحق أن يتحول نساؤه ورجاله إلى مداس أو مجرد حطب الطريق.. ولن يواري أحد في المرحلة سوأة أخيه ولو بعث الله فيهم مائة غراب.. و لأنه الذكر ظهرت المرأة الأخرى امرأة النهار لتطلق سراح البعل أما هي امرأة الظل، فلتعم مرة أخرى بحرها لأن لا صك ملكية لها.. و بعد الكثير من العناء والمذلة ستخرج وليتها ما خرجت، فالسجن ومرافقة المجرمين أرحم من ابن يضرب أمه.. أما المرأة الثالثة طفلتها كي تنجو قليلا من ضربنا جميعا انهارت في المصحة! لا أحب الوعاظ والواعظات فمن لم تعظه نفسه لا واعظ له حتى أسلم من الوعاظ و من أعدائهم على حد سواء؛ أنا هنا ليس لأدافع عن أحد لكنني المرأة الرابعة في كل هذا؛ امرأة بتوقيت الوطن وهذه صرختي: أرذل الرجال من إذا عز الرداء عرى امرأته ليغطي فرسه وأردأ الأرحام و النطف تلك التي تنجب أبناء يضربون أمهاتهم باسم الشرف!