كشفت الدراسة المنجزة حول جدوى تطوير القنب الهندي من قبل وزارة الداخلية، مجموعة من الحقائق التي تحيط بزراعة نبتة "الكيف" بالمغرب، من عدة زوايا، تاريخيا واقتصاديا واجتماعيا. وتسلط الدراسة التي تحصل "الأول" على نسخة من ملخصها، الضوء على الحالة الراهنة لزراعة القنب الهندي بالمغرب، والوضعية القانونية الحالية للاستعمالات المشروعة لهذه النبتة بالمغرب، وكذا مختلف الاستعمالات لها على الصعيد العالمي، بالإضافة إلى معطيات حول السوق العالمي المشروع، وأهم النتائج حول جدوى تطوير القنب الهندي. وبخصوص الحالة الراهنة لزراعة القنب الهندي بالمغرب، فقد كشفت الدراسة أن الزراعة غير المشروعة، للقنب الهندي تمارس في الأقاليم الشمالية (الحسيمةشفشاونوزان، تاونات العرايش وتطوان). وعرفت هذه المساحة تقلصا ملحوظا منذ سنة 2003، وهي السنة التي عرفت انجاز الدراسات الاستقصائية المتعددة الأبعاد حول زراعة القنب الهندي و أثرها الاجتماعي والاقتصادي بتعاون بين المغرب ومكتب الأممالمتحدة المكلف بمحاربة المخدرات والجريمة. وانتقلت المساحات المزروعة، حسب الدراسة، من حوالي 130 الف هكتار في بداية سنوات 2000 الى اقل من 50 الف هكتار في السنوات الأخيرة. ولا تتجاوز بنية المساحات المزوعة، أكبر من 5 هكتار 9%، في حين لا تتجاوز المساحات بين 4 هكتار و5 هكتار 4%، أما المساحات بين 3 هكتار و4 هكتار فتبلغ 6%، في حين المساحات بين 2 هكتار و3 هكتار تصل إلى 11%، وبين هكتار و 2 هكتار 23%، وبين نصف هكتار وهكتار 21%، أما المساحات أقل من نصف هكتار فتحتل النسبة الأكبر وهي 25%. ووفقًا لآخر احصاء زراعي وطني عام 2016، فتمثل القطع التي تقل مساحتها عن هكتار واحد حوالي 80٪ من العدد الاجمالي للقطع المستغلة، حيث يبلغ متوسط المساحة لكل عائلة 1.25 هكتارا، ويلاحظ في عدة حالات اكتساح زراعة القنب الهندي للأملاك الغابوية والمائية. أما بخصوص الساكنة المعنية بهذه الدراسة، فيقدر عدد الأشخاص الذين يمارسون الزراعة غير المشروعة بحوالي 400 ألف شخص، أي ما يعادل 60 ألف عائلة تقريبا. فيما يلاحظ تفاوت كبير في مستوى الدخل حسب نوعية التربة ومردودية النبتة ووفرة الموارد المائية (حسب الجدول أسفله)، فيما تؤكد الدراسة أن هذه المداخيل عرفت انخفاضا في السنوات الاخيرة لعدة. أما فيما يتعلق بالمداخيل الإجمالية لزراعة القنب الهندي، تكشف الدراسة أن المداخيل الإجمالية السنوية انتقلت من حوالي 500 مليون أورو في بداية سنوات 2000 إلى حوالي 325 مليون اورو حاليا، مقابل رقم معاملات نهائي في أوروبا مر من حوالي 12 مليار أورو إلى حوالي 10.8 مليار أورو. وتخلص الدراسة إلى أن الفلاح التقليدي يتم استغلاله من طرف شبكات التهريب، فهو لا يأخذ إلا 3 في المائة من رقم المعاملات النهائي، مقابل حوالي 12% التي يجنيها الفلاح في السوق المشروعة مع العلم ان هذا الاخير يمارس زراعة مستدامة. وشددت الدراسة على أن الاستغلال المفرط لأراضي الزراعية، بسبب التخلي عن التناوب الزراعي، استنزف المياه الجوفية، مع العلم أن هذه المنطقة تستقبل أكبر قدر من الأمطار على المستوى الوطني. كما سجلت الاستعمال المفرط للأسمدة الذي يلوث المياه الجوفية، بالإضافة إلى اجتثاث الغابات، حيث يقدّر الغطاء الغابوي المدمر بألف هكتار في السنة. ويقدر الخبراء أن ٪40 من الغطاء الغابوي في المنطقة الشمالية ضاع ما بين فترة الستينيات و الثمانينيات. وبالإضافة إلى تسريع وتيرة التعرية، فهذه الاضرار زادت استفحالا بعد إدخال أصناف هجينة من نبتة القنب الهندي ذات إنتاجية عالية ومحتوى اكبر من مادة (THC). وعزز هذا النشاط الشعور بالفقر والعزلة والتهميش، فبالنظر إلى طبيعتها غير القانونية، تعرقل هذه الزراعة بشكل كبير اندماج الساكنة في سياسات التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد وتخلق جوا من التوجس والخوف لدى الساكنة يعاني مزارع القنب الهندي الغير القانوني على ثلاثة اصعدة. وكشفت وزارة الداخلية أن المزارع يتم استغلاله اقتصاديا من قبل المهربين الذين يشترون انتاجه غير المشروع، ويجبر على العيش في شبه سرية، ولا يستطيع المشاركة الكاملة في الحياة الاجتماعية، ويتدهور محيطه الطبيعي بسرعة. كما لفتت الدراسة إلى أن هذا النشاط مهدد بالزوال على المدى القريب، حيث أكدت أن تقنين القنب الطبي والترفيهي، الجاري حاليا في أوروبا والذي من المنتظر ان يشمل معظم ارجاء القارة في غضون العشر سنوات القادمة، يهدد سوق تصدير منتوج الزراعة غير المشروعة بالزوال (80 ٪ من الإنتاج تقريبا)، وقد بدأت بوادر هذا التهديد منذ عدة سنوات من خلال انخفاض اثمان المنتوج والكميات المبيعة.