شكل موضوع “الحريات الفردية في المغرب”، محور ندوة نظمت أمس الخميس بأوسلو، بمشاركة ثلة من المثقفين والأكاديميين وفاعلين مغاربة وأجانب من المجتمع المدني. وتم خلال هذا اللقاء، الذي نظمته جمعية موزاييك، التطرق لبعض المغالطات التي تشوب موضوع الحريات الفردية، وتسليط الضوء على مبادئ وقيم المواطنة التي ينبغي أن توجه كل فرد، ومناقشة واقع الممارسات في مواجهة لا شرعية دينية وقانونية واجتماعية. كما حاولت الندوة، التي عرفت حضور سفيرة المغرب بالنرويج وإيسلندا، لمياء الراضي، معالجة الفجوة بين الممارسات داخل المجتمع المغربي والمجتمعات العربية والغربية الأخرى. وحسب منشطة اللقاء، الكاتبة والصحفية المغربية سناء العاجي، فإن المجتمع المغربي يمر بمرحلة انتقالية على مستوى الحريات الفردية، والدليل على ذلك، هو النقاش الذي يدور حاليا، ورغم أنه يسوده التوتر في بعض الأحيان، إلا أنه لا يزال “مفيدا”، لأنه ترسخ في الفضاء العام، في حين أنه كان نقاشا نخبويا حتى وقت قريب. وأوضحت أنه على الرغم من التقدم المحرز في بعض القضايا، مثل حق الأم العازبة في منح اسمها العائلي لابنها، وهو اعتراف كامل بالمواطنة، إلا أن الطريق لايزال طويلا. وبعيدا عن الرغبة في إضفاء الشرعية على الممارسات المرفوضة اجتماعيا، أبرزت سناء العاجي أن الحريات الفردية جزء لا يتجزأ من دولة القانون ومكون أساسي للديمقراطية على الرغم من إطارها المعياري والمحدد، في إشارة إلى بعض القضايا التي تشغل النقاش العمومي مثل المساواة بين الجنسين والإجهاض والعلاقات الجنسية قبل الزواج. وفي هذا الصدد، ألقت المتحدثة الضوء على الترسانة القانونية المغربية المؤطرة للحريات الفردية، بما في ذلك بعض أحكام القانون الجنائي، مشيرة إلى أن هذا النص، الذي يعود تاريخه إلى سنة 1963، قد تمت صياغته في سياق مختلف. وأبرزت سناء العاجي، أن دور الدولة يتمثل في احترام حقوق الجميع وقيم المواطنة، مضيفة أن الإشكال ليس ما إذا كان النقاش الاجتماعي الحالي سيكلل بالنجاح، بل في إرساء تفكير صحي ونقدي و إيجابي من أجل التنبيه ومحاربة الصور النمطية والتأثير الإعلامي السلبي، بالإضافة إلى تحمل المسؤولية المشتركة بدلا من لعب دور الضحية. وسناء العاجي حاصلة على الدكتوراه في علم الاجتماع من معهد الدراسات السياسية (Science Po) في جامعة إيكس مارسيليا. وهي مؤلفة “مجنونة يوسف” (إصدارات أركانة ، 2003)، وساهمت في مؤلفين جماعيين: رسائل إلى شاب مغربي، (Le Seuil ، 2009) و النساء والأديان (Le Fennec ، 2014). ونشرت في سنة 2017 كتابها “النشاط الجنسي والعزوبة في المغرب: الممارسات واللفظ” (ملتقى الطرق)، وهو ثمرة أطروحتها في الدكتوراه.