في غرفة مظلمة يبدو أن خيوط الشمس لم تتسرب داخلها منذ مدة طويلة أو كأن النور الطبيعي هجرها كما تهاجر الطيور في آخر كل فصل من فصول السنة، يرقد عبد المولى زعيقر، الطفل الذي تعرض للدهس من طرف سيارة تابعة للقوات المساعدة إثر احتجاجات جرادة، محاطا بكرسي متحرك وعكاكيز طبية فضلا عن الكثير من علب الأدوية وصور الأشعة. تفاصيل القصة تسترجعها، نجاة المحجوبي، والدة عبد المولى، بكثير من الوجع والحسرة، من داخل المركز الاستشفائي نور للترويض والتأهيل ببوسكورة، حيث يرقد ابنها منذ ثلاثة أشهر، قائلة في حديثها لموقع “الأول”، إن ابنها ذو الستة عشر ربيعا، كان يعيش حياة عادية، كأي طفل في سنه يتلمس خطواته الأولى نحو المستقبل، إذ كان يتابع دراسته في السنة التاسعة إعدادي، بالموازاة مع ممارسة هواية كرة القدم التي كان شغوفا بها حد الهوس، حتى أنه كان يحلم بأن يصبح لاعبا مشهورا في صفوفها، غير أن سيارة الأمن دهست جثته وقتلت معها حلما فتيا. تضيف نجاة بأسى. الأم المكلومة، لم تستطع مغالبة دموعها وهي تستعيد شريط ما وقع لفلذة كبدها بحسرة: “لو لم يتعرض ابني للإهمال، وجرى نقله لإحدى المستشفيات بالخارج، أو على الأقل، للمستشفى العسكري لكان حاله أفضل مما هو عليه الآن”. وفي سردها لتفاصيل الوضع الصحي لعبد المولى زعيقر، أوضحت المتحدثة أنه “أُخضع لعمليتين جراحيتين في وقت سابق، علاوة على عملية جراحية أخرى على مستوى العمود الفقري تم إجراؤها له في غيابي ومن دون إذني بمستشفى ابن رشد بالدار البيضاء، وأخبروني بأنه يتعين تمكينه من الترويض الطبي لمدة 6 أشهر”، غير أنني، تؤكد نجاة المحجوبي “تفاجأت هذا الأسبوع بقرار صادر عن مدير مركز نور يقضي بمغادرة عبد المولى للمركز، بالرغم من أنه لازال لم يستوف بعد المدة التي حددها مستشفى ابن رشد”، متسائلة “إلى أين سأحمله.. هل أتوفر على مستشفى؟”، قبل أن تستدرك “في الوقت الذي يتواجد فيه عبد المولى في هذا المركز وحالته الصحية والنفسية لم تتحسن، فما بالك إذا نقلته إلى البيت!!”. وأوضحت والدة عبد المولى، بأنها راسلت جهات رسمية، منها رئيس الحكومة، ووزير الداخلية وحقوق الإنسان، بالإضافة إلى وزير الصحة، كي يتدخلوا ليمكنوا ابنها من العلاج، لكنها لم تتلق أي جواب، لافتة إلى أنها أمام هذا الوضع وبعدما انسدت في وجهها جميع منافذ وسبل إنقاد ابنها بالمغرب ومعالجته، ارتأت أن تتوجه للمحسنين من أجل إعادة بث الأمل في روحه، عبر السفر لتركيا قصد إخضاعه لعملية زراعة الخلايا النخاعية وتركيب بعض الفقرات، كما أخبرتها إحدى المصحات هناك، الأمر الذي يتطلب مبلغا ماليا قدره 18 مليون سنتيم. الأم التي تعاني شظف العيش، وتواجه بمفردها هذا المصير بعد وفاة زوجها، شددت في تصريح لموقع “الأول” على أن عالم السياسة وحساباتها لا دخل لها فيها، وأفادت بأن كل ما تحلم به الآن هو أن يستعيد طفلها عافيته، موجهة مناشدة للملك محمد السادس التدّخل لعلاج ابنها.