يبدو أن ادريس لشكر الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي “استفاق” متأخرا، عندما وجد نفسه وحيدا في مواجهة العاصفة، التي نزلت من “فوق” والتي تطالبه بضرورة التنحي عن موقعه على رأس حزب القوات الشعبية. حيث يسابق هذه الأيام الزمن من أجل ضمان “خروج مشرف” من الحزب، عبر بوابة التعديل الحكومي، والحصول على منصب وزير دولة في حقوق الإنسان بدل مصطفى الرميد. حيث اكتشف أن كل “المعارك” التي خاضها منذ توليه مهمة الكاتب الأول لحزب عبد الرحيم بوعبيد، كان المستفيد الأول منها هو الحبيب المالكي. المالكي الذي تحول إلى المخاطب الوحيد داخل الحزب من طرف “أصحاب القرار”، حيث أكد أكثر من مصدر مطلع انقطاع التواصل بين لشكر و”أصحاب القرار”، منذ مدة طويلة بسبب “اختلالات” كثيرة ارتكبها، جعلته مغضوبا عليه. كما أن المالكي هو المستفيد الأكبر من تجربة لشكر على رأس الحزب، ومن “مفاوضاته” بعد انتخابات 7 أكتوبر 2016، حيث حصل على رئاسة مجلس النواب، رغم أن الحزب لم يحصل سوى على 17 مقعدا برلمانيا فقط في هاته الانتخابات التشريعية. وتؤكد الأخبار القادمة من داخل مقر “العرعار”، أن كل المعارك التي خاضها لشكر، ابتداءا من صراعه مع الراحل أحمد الزايدي، مرورا بأحمد رضا الشامي وعبد العالي دومو وحسناء أبوزيد، إلى بيان العشرة، قبل المؤتمر الأخير، كانت أغلبها بتحريض خفي من الحبيب المالكي، بدعوى الدفاع عن الشرعية التي يمثلها لشكر، في حين أنه كان يدفع في اتجاه إخلاء الحزب من أي منافسين محتملين، للاستيلاء على منصب الكاتب الأول في المؤتمر المقبل. حيث يواظب المالكي على توزيع الابتسامات في كل الاتجاهات، في حين أنه يضمر مخططاته، التي بدأ يجني ثمارها منذ انتخابه على رأس مجلس النواب، وحصوله على المنصب الثاني على المستوى البرتوكولي بعد رئيس الحكومة، في حين خرج لشكر خاوي الوفاض، حيث صرخ في أحد اجتماعات المكتب السياسي، بعد الخرجة الإعلامية القوية الأخيرة لحسناء أبو زيد، التي وصفته فيها بأنه “ذبح تاريخ الحزب”، (صرخ) “شنو ربحت أنا.. شي دّا مجلس النواب.. شي استوزر.. وأنا وليت عساس حاضي المقر”. الخرجات الإعلامية الكثيرة لادريس لشكر في الأيام القليلة الماضية، والمواقف التي أعلنها، وعلى رأسها عزمه عدم الترشح لولاية ثالثة على رأس الحزب، ودعوته للمصالحة مع الغاضبين، تؤكد أنه يسابق الزمن لتدارك الوضع قبل فوات الأوان، من خلال المناورة وإعطاء إشارات للجهات التي “يهمها الأمر”، بأنه مستعد لترك الحزب مقابل استوزاره، خاصة إذا استحضرنا أنه لم يسبق له أبدا وأن ناقش فكرة انسحابه من الحزب، في اجتماعات المكتب السياسي، مما يؤكد أنها مناورة فقط، كما أن توجيهاته لازالت صارمة، بخصوص عودة الغاضبين، حيث لازال يعطي أوامره بأن كل من أراد العودة إلى الحزب يجب أن يملأ استمارة “طلب الالتحاق” بالحزب، كأي وافد جديد، وما الطريقة التي تعامل بها مع شريفة لموير عضوة المجلس الوطني السابق للحزب وعضوة المكتب الوطني الحالي لشبيبة الحزب، إلا دليل على ذلك. جدير بالذكر أن الخرجة الأخيرة لحنان رحاب عضوة المكتب السياسي للحزب، والتي يعلم الجميع أنها لا تقوم بأي شيئ إلا بأمر من الكاتب الأول، والتي أكدت من خلالها أن “لشكر لا يمثل و”لا يجسد” لوحده حزب الاتحاد الاشتراكي”، بمعنى أن هناك أسماء أخرى يمكن أن تقدم ما قدمه وأحسن..”، تحمل تأويلين لا ثالث لهما، أولهما أنها مجرد ورقة ضمن ورقات أخرى، يلعبها لشكر، للإيحاء باستعداداه للمصالحة، ولكن ليست كل القيادة في نفس صفه، وهكذا سيجد سببا لتبرير “فشل دعوة المصالحة التي قدمها”، خاصة وأن كل خصومه، يعتبرون أن أول خطوة نحو أي مصالحة تتجسد في مغادرته للحزب، وثاني التأويلين، أن رحاب تلقت أمرا بشق عصا الطاعة على لشكر، وهو أمر ستليه حتما خطوات أخرى، وهذا أمر يبقى ضعيفا، لكن ليس مستحيلا.