تداولت في وسائل التواصل الاجتماعي مؤخرا صورا للشاعر العراقي مظفر النواب والظاهر وقد حوله مرض "الزهايمر" إلى إنسان آخر يختلف تماما عن النواب الذي كان يتمتع بذاكرة متّقدة، وصوت متميز. وقد عبر مجموعة من المثقفين على شبكات التواصل حزنهم للوضع الصحي لصاحب "وتريات ليلية" واستياءهم من اللامبالاة التي تتعاطى بها الحكومة العراقية لواحد من أبرز شعراء العرب الملتزمين بالدفاع عن القضية الفلسطينية، والمناوئين للاستبداد العربي. وكان النواب قد بدأ مساره الشعري والسياسي ضمن الحزب الشيوعي العراقي، وفي عام 1963 اضطر لمغادرة العراق، بعد اشتداد التنافس بين القوميين والشيوعيين الذين تعرضوا إلى الملاحقة والمراقبة الشديدة من قبل النظام الحاكم، فكان هروبه إلى الأهواز عن طريق البصرة، إلا ان المخابرات الإيرانية في تلك الأيام (السافاك) ألقت القبض عليه وهو في طريقه إلى روسيا وسلمته إلى الأمن السياسي العراقي، فحكمت عليه المحكمة العسكرية هناك بالإعدام، إلا ان المساعي الحميدة التي بذلها أهله وأقاربه أدت إلى تخفيف الحكم القضائي إلى السجن المؤبد. وفي سجنه الصحراوي واسمه نقرة السلمان القريب من الحدود السعودية-العراقية، أمضى وراء القضبان مدة من الزمن ثم نقل إلى سجن (الحلة) الواقع جنوببغداد. في هذا السجن قام مظفر النواب ومجموعة من السجناء بحفر نفق من الزنزانة يؤدي إلى خارج أسوار السجن، وبعد هروبه المثير من السجن توارى عن الأنظار في بغداد، وظل مختفياً فيها ثم توجه إلى الجنوب (الأهوار)، وعاش مع الفلاحين والبسطاء حوالي سنة، حيث عمل في شركة هولندية. وفي عام 1969 صدر عفو عن المعارضين فرجع إلى سلك التعليم مرة ثانية. غادر بغداد إلى بيروت في البداية، ومن ثم إلى دمشق، وراح ينتقل بين العواصم العربية والأوروبية، قبل أن يستقر به المقام في دمشق. أما الآن وبعدما اشتد عليه المرض فقد انتقل للعيش رفقة شقيقته في الشارقة، بالإمارات العربية المتحدة.