فيما خرج الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن صمته، ورد على اتهامات رئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير فاروق القدومي له بالتواطؤ مع اسرائيل لتصفية الزعيم الراحل ياسر عرفات، تواصلت ردود الفعل المختلفة على "القنبلة" التي فجرها القدومي، وبدا ان حركة فتح داخل الأراضي الفلسطينية على قلب رجل واحد ضد تلك الاتهامات، ودعت عبر لجان الاقاليم فيها بالضفة الغربية الى محاسبة القدومي وتجميد عضويته لحين البت في امره عبر المحكمة الحركية التي طالبتها بفصله تماما من الحركة. وجاء رد عباس عبر تلفزيون فلسطين الرسمي, إذ توعد القدومي بالمحاسبة على اتهاماته، ووصف ما قاله "أبو اللطف" بأنه اكاذيب وافتراءات وزوبعات الهدف منها تعطيل المؤتمر السادس لحركة المزمع عقده في بيت لحم الشهر المقبل، وأكد "إن قضية القدومي ستتابع من كافة المستويات التنظيمية وغير التنظيمية وسنتابعها بالتفصيل ولن نسكت عنها". وأضاف زعيم حركة فتح "ما حدث هو أن مجموعة من الأكاذيب فبركت لتخرج في هذا الوقت بالذات، مع العلم بأن القدومي يدعي أنها منذ خمس سنوات، فلماذا لم ينشر هذه القضايا قبل خمس سنوات إذا كانت هذه القضايا والمعلومات صحيحة ومؤكدة، وهو نفسه يفهم أنها غير صحيحة ولكن جاء الآن ليروي هذه الأكاذيب ليعطل المؤتمر السادس للحركة". ورغم ذلك أبدى عباس ثقته في الوصول إلى المؤتمر العام لحركة فتح الذي قرر عقده في مدينة بيت لحم بالضفة الغربية في الرابع من الشهر المقبل "رغم كل الأكاذيب والزوبعات التي أثارها القدومي"، كما دعا عباس في تصريحاته إلى الاحتكام للانتخابات الرئاسية والتشريعية العامة بمراقبة عربية ودولية في موعدها المقرر في 25 يناير المقبل لإنهاء الانقسام الفلسطيني الداخلي، وأشار إلى أن حركة فتح والسلطة الفلسطينية لا تخشيان من نتائج الانتخابات "إلا إذا كانت حركة حماس تخاف من الانتخابات ونتائجها". وفي غضون ذلك، طالبت لجان الاقاليم لحركة فتح بالضفة الغربية بمحاسبة القدومي على تصريحاته التي اتهم فيها الرئيس الفلسطيني والقيادي البارز في الحركة محمد دحلان بالتواطؤ مع رئيس الوزراء الاسرائيلي الأسبق أرييل شارون في اغتيال الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات. وقالت اللجان في بيان صحفي وصل "الرأي" نسخة عنه ان تصريحات واتهامات القدومي تستهدف النيل من وحدة حركة فتح وشق صفها، قبل عقد المؤتمر السادس للحركة، وتعبر عن نوايا خبيثة للرجل الذي غاب طويلا عن المشهد السياسي والتنظيمي، على حد تعبير البيان، ودعت اللجان الرئيس عباس على الاستمرار على ذات النهج وعدم الالتافات الى "خزعبلات القدومي" والمضي قدما نحو وحدة فتح والوحدة الوطنية بشكل عام وفق ما جاء في البيان. وبدوره، دعا عضو اللجنة المركزية لحركة فتح حكم بلعاوي إلى محاكمة القدومي، وقال في تصريحات صحفية "إن أي مساس بالقيادة الوطنية وأركان العمل الوطني هو مس بالبيت الفلسطيني وأساساته". وأضاف ردا على اتهامات فاروق القدومي أن الرجل "اعتاد أن يكون في موقع الشاذ عن القيادة"، وتسائل "أين كانت تلك الوثائق المزعومة منذ خمس سنوات؟! ولو كان هناك وثائق من هذا القبيل لما ائتمنه الشهيد الراحل أبو عمار عليها، معتبرا أن مزاعم القدومي في هذا التوقيت محاولة لإفشال المؤتمر الحركي السادس لفتح الذي طال انتظاره". وحول الإجراءات المنوي اتخاذها بحق القدومي، قال بلعاوي الذي وصفه الأول متهكما ب (حكم بلاوي)، "إن الاعتذار عن الأقوال غير كاف، فالمطلوب أن تبادر مركزية فتح إلى الاجتماع واتخاذ قرار بمحاكمته أمام المحكمة الحركية". وفي أول تعقيب خارجي على اتهامات القدومي، عبرت الخارجية المصرية عن "انزعاجها مما جاء على لسان القدومي، خصوصا في ضوء توقيتها"، وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية حسام زكي "إن تلك التصريحات 'تضر بالوحدة الفلسطينية ولا تنفعها"، مشيرا في تصريحات نقلتها وكالة الشرق الأوسط المصرية "إلى أنه كان الأجدر والأوفق لجميع القيادات الفلسطينية، وبصفة خاصة التاريخية منها أن تسعى لتلبية مطالب الوحدة ونبذ الإنقسام والإبتعاد عن إثارة موضوعات لا تفيد سوي المصالح الضيقة دون إعتبار أو مراعاة لدقة المرحلة التي تمر بها مسيرة الكفاح الفلسطيني من أجل إنشاء الدولة". وذكر المتحدث الرسمي أن مصر، إذ تواصل جهودها لرأب الصدع الفلسطيني، فهي تتطلع إلي تحلي الجميع بالمسئولية الوطنية لتحقيق هذه الغاية الهامة والنبيلة، وشدد على ما يحظى به السيد الرئيس من مصداقية وتقدير لدى مصر وقيادتها، معربا عن ثقته في تجاوز هذا الموقف. وعلى الجانب الآخر نقلت تقارير اخبارية عن مصدر أردني قوله إن الحكومة طلبت من القدومي عدم الإدلاء بأي تصريحات من شأنها أن تسبب إحراجا للأردن أو تسيء لمواقفه السياسية، وقال المصدر -الذي طلب عدم ذكر اسمه- إن القدومي أبدى تجاوبا مع الطلب الأردني، وشدد المصدر على أن الأردن لم ولن يطلب من القدومي مغادرة أراضيه، واعتبره ضيفا مرحبا به.