وصف جورجي ميرسكي الخبير في معهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية بموسكو الجمهورية الإيرانية بأنها القوة العظمى في الشرق الأوسط التي عززت مكانتها خلال الأعوام الأخيرة في هذه المنطقة الهامة بالعالم. ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية عن ميرسكي القول في تصريحات أدلى بها الأحد إن طهران أصبحت القوة الأولى في المنطقة بعد القضاء على نظام صدام حسين عدو النظام الإيرانى. وأكد أنه بالرغم من أن إيران ليست بلدا عربيا أو سنية المذهب ، لكنها أصبحت الطليعة للمقاومة العربية بدليل أن جميع الذين يؤکدون على ضرورة استمرار الكفاح في مواجهة المد الأمريكى والصهيونى فى منطقة الشرق الأوسط يعقدون الأمل على طهران. وتابع "طهران دعمت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" ذات المذهب السني والتي تصدت لإسرائيل أخيرا كما قدمت الدعم لفلسطين أکثر من دعم الدول العربية للسلطة الفلسطينية". واستبعد الخبير الروسي أن تتخلى إيران عن مواقفها إزاء واشنطن وتعلق تخصيب اليورانيوم وتوقف دعمها للمنظمات الجهادية مثل حماس ، موضحا أن طهران لن تقبل بمثل هذه الشروط بل إنها ستطالب واشنطن بتقديم الإعتذار لها بسبب سياساتها المناهضة للنظام الإيرانى خلال العقود الثلاثة المنصرمة . وأشار إلى أن الرئيس الأمريكى باراك أوباما لم يتطرق إلى قضية تخصيب اليورانيوم خلال كلمته التى وجهها إلى الشعب الإيرانى ، وذكر أن التجارب أثبتت أن الإيرانيين "دبلوماسيون ماهرون" ولديهم خبرات وتجارب ترشحهم لمواجهة الولاياتالمتحدة فى "المباريات المعقدة". وانتهى الخبير الروسي إلى القول إن طهران ربما تطلب في محادثاتها مع واشنطن أن يشطب أوباما النظام الإيرانى من القائمة الأمريكية التي تسميها "محور الشر" ، بالإضافة إلى تعهدها بألا تقوم بأية خطوة عسكرية ضد حكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية ، ويبدو أن واشنطن لم يبق أمامها سوى القبول. وتأتي تصريحات الخبير الروسي بعد يومين من توجيه أوباما في 20 مارس رسالة مسجلة على شريط فيديو إلى إيران، وعد فيها الجمهورية الإسلامية ب "بداية جديدة" على أساس من الاحترام المتبادل. وقال أوباما مخاطبا إيران :"الولاياتالمتحدة تريد أن تتبوأ إيران المكانة التي تستحقها في المجتمع الدولي، وهذه المكانة لا يمكن أن يتم التوصل إليها عن طريق الإرهاب أو السلاح، وإنما من خلال حوارات سلمية تظهر العظمة الحقيقية للشعب الإيراني وحضارته". وأضاف " لدينا خلافات خطيرة نمت مع مرور الوقت.. إدارتي الآن ملتزمة بالدبلوماسية لعلاج مجموعة كاملة من القضايا المطروحة، والسعي لبناء العلاقات بين الولاياتالمتحدةوإيران والمجتمع الدولي". واستدرك مخاطبا زعماء إيران "لكن هذه العملية لن تتعزز بالتهديدات.. نحن نسعى بدلا من ذلك إلى حوار يكون خالصا ويقوم على الاحترام المتبادل". ووزع البيت الأبيض شريط الفيديو الذي يتضمن الرسالة مع ترجمات باللغة الفارسية ونشره في موقعه الإلكتروني ليتزامن مع احتفال إيران بعيد النيروز (أول الربيع) وبدء السنة الإيرانيةالجديدة. والرسالة تمثل تحولا مثيرا في لهجة الخطاب الأمريكي، بعد أن كان الرئيس السابق جورج بوش ضم إيران إلى جانب كوريا الشمالية والعراق في مصطلح "محور الشر". وعلق المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي على الرسالة قائلا :" إنه لم ير تبدلاً حقيقياً في سياسة واشنطن تجاه بلاده، رغم تعهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما ببداية جديدة" للعلاقات مع طهران"، مضيفاً أن تغيير اللهجة لا يكفي، بل يتوجب على الولاياتالمتحدة أن تطبق ما تدعو إليه على أرض الواقع. وشدد خامنئي، الذي كان يتحدث بمناسبة بدء السنة الجديدة بالتقويم الفارسي ، على أن سياسة طهران لن تتغير قبل أن تتغير سياسة واشنطن، واعتبر أن القوى الكبرى أدركت عدم قدرتها على وقف تقدم البرنامج النووي الإيراني، واصفاً التدشين الاختباري لمفاعل بوشهر في 25 فبراير الماضي بأنه أحد "التطورات المفرحة". وأشار إلى أن دعوة أوباما تجاهلت ما وصفها ب"الأخطاء السابقة" التي ارتكبتها واشنطن بحق طهران ، وذكر بحادث إسقاط طائرة مدنية إيرانية من قبل البحرية الأمريكية عام 1988 والذي أودى بحياة 290 شخصاً آنذاك، مشدداً على أن الحادث لا يمكن نسيانه، كما اعتبر أن الوجود العسكري الأمريكي في أفغانستان والعراق هو السبب الوحيد لحالة عدم الاستقرار في المنطقة. وأضاف "إذا قام أوباما بإجراءات جذرية وتغييرات جوهرية في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الدول الأخرى، وبينها إيران، فإن إيران، بشعبها وحكومتها، لن تدير ظهرها له".