صديقي العزير. في الواقع، أنا لا أحن إلى أي شيء . إني أُدرك تماما أن ما مضى لن يعود أبدا ، ولو بدا متكررا . نُذُوبُ ما فاتَ مازلتُ أحملها على كتفي ، رغم المصالحة المتجددة مع ما مضى من عمر ذاتي . وذكرياتي ومشاعري الجميلة مازالت، وسوف تظل، يانعة في قلبي . فما الداعي إلى الحنين إذن ؟ في الحقيقة ، مافات هو جزء من كياني ، لكنه ليس كل الكيان . لا أنكر أن لحظات التوتر بين ذاتي والواقع طالما تُشعل نوعا من الحنين ، وتُوَلِّدُ "شِعرية ما " تُسعفني برؤيةٍ لَها بعض القدرة على تمكيني من النظر لتجاوز نَفَقٍ أراه مظلما ، في اتجاه عالم فيه من الجمال ما قد يُمَكِّنُنِي من الاستمرارحتى نهايتي الطبيعية . صديقي العزيز . كما أكره الكتابات المناسباتية المادحة أو النائحة التي تقول كل شيء، ولا تقول أي شيء، أكره أن تكون كتابتي حبلا لغويا متعدد الألوان لتعليق الاستهامات أو الإخفاقات العاطفية متوهما ،أو حتى معتقدا، أنَّ الكثيرين يشاركونني ذلك ،أو طمعا في مكانة أو لقب وَهْمِيَيْنِ لا يَعنياني في شيء . أكره ذلك ، بقدر ما أكره أن أتصور نفسي منقطع الصلة بواقعي وناسه بأحلامهم وهواجسهم وآلامهم ، وبكل مكونات وأحوال الطبيعة في الزمن القائم . أرتاح للإحساس بكوني على اتصال بالطبيعة والناس ، وكوني نقطةً على خطية طويلة اسمها مسار الإنسانية ، ولا يمكنني تحديد موقعي وهويتي وآفاق حلمي إلَّا عليها . ما أعرفه أننا نكتب أو نرسم أونغني … لعلنا نفتح طرقا أفضل في اتجاه حبٍّ أشمل وانسجام أحسن ، وحياة أكثر قابلية لأن تعاش ،،، وما الباقي إلا تفاصيل .!! صديقي العزيز . لك الحق في أن تفهم الأمور كما تشاء ، وكما تحددها لك طبيعة تكوينك ، ومع ذلك أبوح لك إن كان هذا بَوحا إن الأمر ليس مجرد حنين . هو أبعد من ذلك بكثير.؟! ومن منظور آخر، يمكنني أن أؤكد لك أنني لا أحن إلى أي شيء بالضبط ، ولستُ آسفا على أيِّ شيء إطلاقا . أحاول أن أنسج قدرا كافيا من الانسجام بين رؤيتي وعالمي وحسب . هو بحث عن نوع من الإمكان على كل حال . مودتي