مالي ترد بقوة بإغلاق أجوائها أمام الجزائر احتجاجاً على دعمها للإرهاب    الممنوعات في الحلويات: "تهريب مهلوسات عبر قفة عيد الفطر يورّط عائلات سجناء"        فضيحة لغوية في افتتاح المعرض الدولي للكتاب: الوزير بنسعيد منشغل بهاتفه وشاشة العرض تنحر اللغة    غزة.. قادة مصر والأردن وفرنسا يبحثون هاتفيا مع الرئيس الأمريكي سبل ضمان وقف إطلاق النار بشكل عاجل    كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم لأقل من 17 سنة.. المنتخبان الإيفواري والمالي يحجزان بطاقة العبور لربع النهائي    الفريق الاشتراكي ينضم إلى مبادرة تقصي الحقائق في الدعم الحكومي "للفراقشية" الكبار    الجزائر تفقد صوابها وتستمر في المعاناة من متلازمة "إسهال البلاغات المزمن"    توقعات أحوال الطقس ليوم الثلاثاء.. ارتفاع ملموس في درجة الحرارة    تفاصيل مثيرة.. نفق تهريب الحشيش بين سبتة والفنيدق يورط عناصر أمنية    ترامب يهدد الصين بتعريفات إضافية في حال أبقت رسومها ردا على إجراءاته    الندوة الصحفية التقديمية للمعرض الدولي للنشر والكتاب في دورته 30    النفط عند أدنى مستوى في 4 سنوات بسبب الحرب التجارية    موكوينا يتمسك بمنصبه مدربا للوداد    المغرب يتوج بجائزة سياحية مرموقة    الضمان الاجتماعي يعلن عن مستجدات هامة تخص معاش التقاعد واسترجاع الاشتراكات للمستقلين    بايتاس يؤطر مستشاري شؤون البرلمان    حزب "القوة الشعبية" البيروفي يجدد دعمه لمغربية الصحراء وسيادة المملكة على كافة أراضيها    تحطيم سيارات يستنفر شرطة إنزكان    غياب الشهود يدفع استئنافية البيضاء إلى تأجيل البت في قتل "الشاب بدر"    خسائر ضخمة في سوق هونغ كونغ    الأطر الصحية بوجدة تتضامن مع غزة    بنعلي يؤكد بطلان رقم "13 مليار درهم" المروج حول دعم استيراد الأضاحي    السلطات الصحية البريطانية تحقق في إصابة بفيروس (إمبوكس) غير معروفة الأسباب    النشاط الصناعي.. بنك المغرب: ركود في الإنتاج وارتفاع في المبيعات خلال فبراير 2025    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على انخفاض حاد    يحتضنه المغرب في سابقة بمنطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط .. ندوة تقديمية للمنتدى العالمي الخامس للسوسيولوجيا اليوم بالرباط    موسم أصيلة الثقافي الدولي 46 في دورته الربيعية    خاص: المعارضة كانت تنتظر ردا من الاتحاديين منذ الخميس على مبادرة لجنة تقصي الحقائق حول "الفراقشية".. دون أن يأتي    مضاعفات الحمل والولادة تؤدي إلى وفاة امرأة كل دقيقتين    أصغر من حبة الأرز.. جيل جديد من أجهزة تنظيم ضربات القلب يذوب في الجسم    وزارة الصحة المغربية تُخلّد اليوم العالمي للصحة وتطلق حملة للتحسيس بأهمية زيارات تتبع الحمل    "الإبادة في غزة" تطارد إسرائيل.. طرد سفيرها من مؤتمر إفريقي    الأمم المتحدة "الإطار الشرعي الوحيد" لمعالجة النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية (محمد ولد الرشيد)    الفرحة تعود لمنزل سلطان الطرب جورج وسوف (صور)    بعد طردها من مايكروسوفت…ابتهال المغربية تتوصل بعرض عمل من ملياردير كويتي    الدكتورة غزلان توضح ل "رسالة 24": الفرق بين الحساسية الموسمية والحساسية المزمنة    تعزيز الشراكة العسكرية بين المغرب والناتو: زيارة وفد بحري رفيع المستوى إلى المملكة    علوم اجتماعية تحت الطلب    أوزود تستعد لإطلاق النسخة الأولى من "الترايل الدولي" الأحد المقبل    مبابي: "أفضل الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا على أن الكرة الذهبية"    أغنية "تماسيح" جديد الشاب بلال تحتل المرتبة العاشرة في "الطوندونس" المغربي    مزراوي يحظى بإشادة جماهير مانشستر يونايتد    مهمّة حاسمة للركراكي.. جولة أوروبية لتفقد مواهب المهجر استعداداً لتعزيز صفوف المنتخب    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    "الاثنين الأسود".. حرب الرسوم الجمركية تُفقد بورصة وول ستريت 5 تريليونات دولار    القاهرة ترفع ستار مهرجان الفضاءات المسرحية المتعددة    المغرب.. قوة معدنية صاعدة تفتح شهية المستثمرين الأجانب    ماراثون مكناس الدولي "الأبواب العتيقة" ينعقد في ماي المقبل    الولايات المتحدة الأمريكية تحظر منتوج ملاحة في كوريا    روعة مركب الامير مولاي عبد الله بالرباط …    توضيحات تنفي ادعاءات فرنسا وبلجيكا الموجهة للمغرب..    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صورة اليهودي في الامثال الشعبية المغربية: مقاربة سيمائية – لسانية.
نشر في عالم برس يوم 07 - 01 - 2021

يتناول هذا البحث الموسوم ب المقاربة السيميائية – اللسانية لصورة اليهودي في الامثال الشعبية المغربية معرفة الخطوات والمراحل التي يجتازها بناء المعنى من مستوى السطح إلى مستوى العمق، من اجل توضيح الأسس والسياقات التي يشيد المعنى بها سيميائيا ودلاليا .
المثل ببنيته اللغوية المختزلة تجعله ينفرد وتمايز بوظائف خاصة يفرض بها وجوده كنص يتمتع بقدرة دلالية، أولا كخطاب يتم حصره كنتاج للتفاعل بين مرسل ومرسل اليه وارسالية ترقى به الى الوظائف الستة للكلام المعروفة التي وضعها اللساني رومان جاكوبسون R.JAKOBSON وثانيا كمنتج للمعنى كما يرى جاك دريدا Jacques Derrida، تغلب عليه السردية المسجوعة والواصفة والبعد الايقاعي الذي يساعد على عملية حفظ الامثال كسيرورة مجتمعية وحركة وصراع الانسان مع الحياة بلغة فنية واعية فالأمثال كما عند ابن عبد ربه هي( " وشي الكلام وجوهر اللفظ وحلي المعاني، والتي تخيرتها العرب ونطق بها في كل زمان وعلى كل لسان، فهي أبقى من الشعر وأشرف من الخطابة، لم يسر شيء مسيرها ولا عم عمومها حتى قيل: أسير من مثل". ) ( 1)
يكتسب المثل من دلالته المعجمية ، صفة لغوية باعتباره اثرا شفويا ثم اثرا كتابيا ايضا ، انه دال لساني يستحضر مفهوم المدلول على حد تعبير دي سوسيرFerdinand de Saussure ، انتجته سياقات ثقافية معينة ، ويبقى قائله مجهول الهوية ، اكتسب شرعية تاريخية وثقافية . فهو يجمع بين كونه ملفوظا يتسم الإيقاعية وخطاب يجمع ما بين العديد من الصور الاسلوبية والبلاغية تعطيه دلالات متداخلة ، تجمع ما بين الدلالة الحرفية والدلالة المضمرة ( فالأمثال الشعبية تستمد بقاءها من تواصلها الاجتماعي ، ومن اندراجها الشفهي والكتابي في المنظومة المعرفية للمجتمع ) ( 2)
فمن الناحية الشكلية فان ما يميز المثل هو الاستقرار الصرفي والتركيبي من الناحية التوزيعية مما يجعله ضمن الاحكام والأقوال المأثورة والتعابير المجمدة ، التي لا يمكن استبدالها او اضافة عنصر لغوي لها ، اما من الناحية الموضوعاتية فتطرح الفرضيات السردية لصورة المثل في الثقافة الشعبية المغربية من خلال تركيبتها اللسانية و الدلالية العديد من المحكي عن اليهودي الذي يختزل سياقات التعايش مع المسلمين والتي غالبا ما تستحضره بشكل سلبي وهي نفس الصورة التي تستحضر بها في ثقافات اخرى كما تشير الى ذلك ويكيبديا التي ترى ان الصور النمطية لليهود هي صور معممة عن اليهود، غالبًا ما يتم تصويرها بالرسوم الكاريكاتورية حيث عززت بعض المنشورات ككتاب بروتوكولات حكماء صهيون مثلًا بالإضافة إلى بعض المنشورات الأدبية كمسرحية تاجر البندقية لوليام شكسبير ورواية أوليفر تويست لتشارلز ديكنز الصورة النمطية لليهود المحتالين.
تعمل جميع الامثال الشعبية المغربية على استحضار الارتباط القوي اليهود بدينهم وعقيدتهم في مقابل الديانات الاخرى واستحالة التخلي عنه من مثل : ( لا تتيق باليهودي الا سلم واخا من وراء الربعين عام)، (يهودي وسلمت بين يديك) ، (بحال عاتق اليهود، زوجوني ولا نسلم) ( بحال اللي دافع اليهودي للجامع) بالإضافة الى تمثلات اخرى من مثل : (بحال اللي كايحسن لولاد اليهود لا أجر لا منفعة)( بحال مزلوط اليهود، لا دنيا لا آخرة) (جا لوسط الملاح، وقال ألعاشقين في النبي صلوا عليه)،( الثقل والعقبة والحمار يهودي ،(الرباعة د اليهود). (خسارة فاليهودي عينيه) (بحال مقابر اليهود، البيوضا وقلة الرحمة)،( ليهودي الخانز )، (كول ماكلة اليهود وانعس في فراش النصارى )،( ليهودي الى خرج من عيدو ، يا ويل من يطيح ف ايدو )،( اذا تعطلات ليهودية بالنفاس ، طرنن ليها الريال يطلل من بطنها الراس) ، (جنان ليهودي ، كل منو وانعل مولاه )، وتمتد هذه الصورة السلبية على المستوى الكاريكاتوري في احتفالات ظاهرة "بوجلود" أو "بيلماون" بالأمازيغية أو حتى "بولبطاين" بتعبير ساكنة المدن الشمالية،
هذه الامثال حفظت مظاهر اجتماعية وتاريخية للوسط الاجتماعي المغربي والتي تعكس معاملة المكون اليهودي وهو جزء ،من رؤية عامة تعمل على شيطنته بالكامل في الثقافة العربية بل وفي الثقافة العالمية . ففي قصص التراث الديني يتم استحضار اليهود وكنموذج للقتل ، وفي الأدب كنموذج للجشع وحب المال وذلك من خلال شخصية "شايلوك" في "تاجر البندقية" لشكسبير ومربي اللصوص "فاجن" الذي يجمع الشيطانية والشر في "أوليفر تويست" لتشارلز ديكنز. أول رواية ظهرت في فلسطين "الوارث" لخليل بيدس 1920 وتبدو فيها شخصية اليهودي انتهازية جشعة متكالبة على المال. وفي "زقاق المدق" لنجيب محفوظ (1947) يأتي وصف اليهوديات على لسان حميدة بأنهن متحللات من العادات والأعراف والتقاليد. ولا تختلف الصورة عند إحسان عبدالقدوس في رواية «لا تتركوني هنا وحدي» (1979) ففيها المرأة اليهودية التي تضحّي بكلّ شيء في سبيل المال، بينما تستحضر رواية «دم لفطير صهيون» (1971) لنجيب الكيلاني اليهودي على انه المحتقر للآخرين والمستبيح دمهم، ونموذجا للخيانة والإرهاب والجبن والنفاق في رواية «أحمد وداود» (1986) لفتحي غانم.
والسؤال الذي تطرحه هذه القراءة ، هو هل يمكن اعتبار هذه القيم المحمولة عبر الامثال المذكورة اعلاه في رؤيتها السلبية لليهودي كافية للحديث عن غياب التسامح والقبول بالأخر الذي غالبا ما يتم التأكيد على انه موجود تاريخيا في وسائل التواصل الاجتماعي وميز علاقة المسلمين باليهود في المغرب ؟ سؤال قد نجد له جوابا في العديد من الامثال التي تستحضر اليهودي في جانبه الايجابي ايضا ، كإقرار من المسلم لليهودي بأنه شديد التمسك بعقيدته الدينية وتقاليدها في بيئة مغايرة له، لا يحيد عنها ولا ينسى واجباتها وتعاليمها ،( سير مع اليهود، وخلي الجيران شهود). ذلك ان تداولية المثل في الثقافة الشعبية كوحدة سردية وبيانية يتم تصريفها بين متكلم ومخاطب من اجل الترويج لقيم دلالية ثابتة وتحمل عدة معاني دلالية تنطلق من تجارب المعيش اليومي، و تسير في سياق العديد من المؤشرات اللسانية والسيمائية والتي تحمل وحدات تضمينية في التركيبة الدلالية التي تنطلق من تهيئة مجتمعية بمرجعيات سوسيوثقافية التي لا ترى في اليهودي الا صورة سلبية ، لا تمنعه من حضوره التاريخي والرمزي كمكون اساسي من مكونات الهوية المغربية .
هوامش الدراسة :
1- ابن عبد ربه- العقد الفريد – ص400
2- خليل احمد خليل- نحو سوسيولوجيا للثقافة الشعبية- دار الحداثة-بيروت 1979-ص 76


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.