أي لعنة أصابت هذا البلد هذه الأيام والمغاربة يغرفون وقائع تعيد النظر في آدميتهم المفقودة في وسائل الإعلام العالمية بعد مجزرة برشلونة وفورة الجسد في كل من سيدي قاسموالدارالبيضاء لينسج الفضاء سؤالا سرمديا : هل فقد المغاربة جهلهم ؟ أي جنون هذا الذي جعل المغاربة يقطفون التفاحة التي أخرجت ادم من الجنة وجعلتهم يتدافعون على أرصفة العالم يتسابقون ويركضون ويلهتون في كل الاتجاهات بحثا عن شبق ملغوم حتى وان اختلف إيقاع ولون خاصية تنزيله بعدا أن امتازت أرواحهم ووجوههم بالتضاريس المتباينة فهم يعزفون على الإلغاء والقتل والاغتصاب و بمزمار الموت الذي أصبح علامة باذخة على وجوه ضائعة في زحام مدن تسير إلى حتفها كما يرى جاك دولوز. رحم الله الشاعر عبد الله راجع الذي كان يحدثنا عن المدن السفلى والذي لم يمهله القدر ليعيش فيها بعد أن أضحت اليوم متنفسا في زمن الغدر، وسيكون معها صاحب بنية الشهادة والاستشهاد مجبرا على تغيير رأيه بعد أن يكتشف وحشيته في مدينة كالدارالبيضاء … وحشيتنا أن نسكت وفتاة بكماء تغتصب في واضحة النهار تعيش عذابات جموع تتفرج وهي تفتح بوابات كاميرات هواتفها لتكشف عن جسد ذنبه انه لأنثى ولان الوعي الجمعي الذكوري لطخه بنزيف الافتضاض والمضاجعة والشهوة ليسافر به ساعات النشوة نحو تخيل الفحولة الزائدة التي أصبحت تسيل من أنوف قاصرين قاموا بعزله في ركن حافلة مهترئة ومباغتته واهانته وتلقينه درسا في الرجولة التي أصبح الجميع يتغنى بها حد التضرع.. عندما تغيب الإنسانية و الثقافة والتربية وكل الاشياء الجميلة المرتبطة بالحياة في المؤسسات التربوية وداخل الأسر اليوم بعدما كان الإبداع والصيرورات والسير والف ليلة وليلة وحكايات الجدة رهانا تواصليا جميلا يحضر الشر في كل متاهات الحياة بين الدروب والازقة والمقاهي المنتشرة كالفطر بوجوه حالكة ضاربة في السواد موشومة باخاديد تنخرها تهيم بالدراهم ولان المدينة مسرح رحب مترام قرر فيه الجميع أن يلعب دور الشيطان بادوار مختلفة . الدارالبيضاء كانت منبعا للحياة ذات يوم وبوابة للانفتاح الاقتصادي مما أعطاها صفة الكلية الجمعية المتمحورة على ذاكرة متشظية قابلة للتفجير في كل لحظة لتنفث بعيدا كبركان يرمي بحممه الساخنة كل ما يجد أمامه ،اما اليوم فان الانتماء اليها فيفتح لصاحبه كل بوابات جهنم وكل معاني البداوة التي أصبحت علامة فارقة في شوارعها جعلت جماهير المدن الأخرى تضرب بها المثل في غياب الذوق والأنفة وسبل التعايش التي ميزت أناسها ذات يوم … كم هو عدد مسارح البيضاء ودور الشباب فيها في مقابل مقاهي الشيشة والقتل اليومي ؟ كم هو عدد الكتب التي يقراها شباب المدينة الذي نتابعه نهاية أسبوع وهو يتعرى على مدرجات الملاعب وفي قر الشتاء بملابس داخلية شفافة وفي التصاق شبقي غريب ؟، اين نحن من شباب وصفهم الكاتب لويس بورخيص في زيارته لمكتبة بدولة عربية ذات يوم من أنهم يعشقون الكتب إلى درجة أنهم يضعون بوحشية قبلا على صفحاتها ، فهو لم يكن يدري ان زمن كازانيكرا سيأتي بشباب فائض عن القيمة لا يمنح غير الموت. عذرا صديقي مبارك مرابط اعرف انك تدري ما معنى العيش في المدنية القديمة في زمن بعيد كما حكيتها ذات يوم في مقال جميل لم يعد كما كان، ففي كل ليلة تنتحب الدارالبيضاء على ركبة الأطلسي وتشكو له آثار الحروب اليومية التي تعرفها أزقتها وشوارعها جعلتها تعجز عن لعب دورها التاريخي لتمازج هوياتي مغربي بعد أن طغى الهم المعيشي والتجاري على كل شيء …