قالت مصادر غربية٬ إن المغرب احتفظ بتشكيل الحكومة إلى ما بعد دخول المغرب إلى الاتحاد الإفريقي٬ وقرر حل البرلمان الذي صادق في نقطة فريدة على ميثاق الاتحاد في حال تعثر هذا الدخول٬ لأن الحكومة لم تتشكل بعد٬ وستكون الانتخابات المبكرة حلا لمشكلي "بن كيران" و"الاتحاد الإفريقي". وتحالف مستشارو الملك في مقابل بن كيران٬ بعد إرضاء المستشارين الملكيين والاتحاديين السابقين٬ عزيمان والمنوني٬ إثر رئاسة الاتحاد الاشتراكي للبرلمان٬ من أجل دبلوماسية وقائية كما قالت برقية الملك إلى الحبيب المالكي. وجاء إرضاء الاتحاد الاشتراكي٬ ضغطا معنويا من اليوسفي٬ ولموقف الاتحاد الاشتراكي في الأممية الاشتراكية٬ وتكتيلا "حداثيا" كاملا لمستشاري الملك٬ بعد غياب المحافظين عن قيادة المرحلة. كانت رئاسة الحبيب المالكي٬ تلميحا قويا لعلاقات عزيمان والمنوني بكبير المستشارين علي الهمة٬ وقد تحدثوا بلسان واحد٬ فالمالكي٬ المنحدر من أبي الجعد٬ قريب من التوجهات الاستراتيجية لقائد "لادجيد"٬ ياسين المنصوري٬ ويشكل رقما اتحاديا من طينة عزيمان والمنوني المتعاطفين مع الاتحاد الاشتراكي. ويساعد هذا التحالف٬ من داخل القصر٬ على توحيد مستشاريه وعملهم كطاقم واحد٬ والمؤكد أن علي الهمة احتاج إلى "قوة قانونية"٬ لأن السياسة لم تعد كفيلة بإنهاء المشكل مع بن كيران٬ لذلك تقرب من مستشاريه المتعاطفين مع الاتحاد الاشتراكي في هذه المرحلة٬ وأراد أن يكون هذا الحزب في الحكومة٬ فيما خدم رفض بن كيران من جهة ثانية٬ العودة بالأوضاع في القصر إلى الوضع السابق. والواقع أن "النظرة الحقوقية" لعمر عزيمان٬ و"النظرة الدستورية" للمنوني٬ تشكلان حجر الزاوية في أي إجابة قانونية عن الخطوات اللاحقة لأي أزمة متحكم فيها٬ وكل أزمة في المغرب تحت السيطرة كما يعتقد الساسة. وفعلا٬ أوحى علي الهمة إلى بن كيران "عدم ترك المفاتيح" في ظرف سيظهر فيه هذا الإجراء في خدمة الخصوم داخل الاتحاد الإفريقي٬ خصوصا وأن حزب الاستقلال حليف استراتيجي لحزب العدالة والتنمية٬ وفي حال نجاح المغرب في خطوة الملك نحو الاتحاد الإفريقي وربح مقعده٬ سيضمن تشكيله للحكومة٬ وإن حدث أي طارئ٬ سيكون من الطبيعي الانقلاب على البرلمان وعلى بن كيران بانتخابات مبكرة. لا يخلو إيحاء علي الهمة٬ بتأجيل كل شيء إلى ما بعد التصويت على المغرب في الاتحاد الإفريقي٬ وهو ما نقله بنعبد الله في موقع ثان عن رئيس الحكومة من ثلاث خلاصات: الأولى: أن علي الهمة رفض "التأويل الإيجابي" لكلامه الموجه لرئيس الحكومة٬ لأنه يحتفظ بورقة الانتخابات المبكرة في حال الفشل٬ وبسرعة٬ رد فريق المستشار القوي٬ أو قائد أوركسترا الملك٬ حسب وصف "جون أفريك" في 21 يونيو الماضي. والواقع٬ أن علي الهمة يعمل كفريق مهم منه٬ كريم بوزيده٬ المشرف على الاتصالات في البلاط٬ وقد خرج للقول: "أن علي الهمة لم يثن عبد الإله بن كيران عن الاستقالة ولم يستبعد هذا السيناريو"٬ كما لم يصل الأمر المالكي رئيسا للبرلمان٬ وتعويض الهمة لعمر القباج في المشاورات الجارية مع رئيس الحكومة٬ شملت تدريس إلى اتفاق من خلال الزيارة التي اعترفت بها كل الأطراف٬ وتأكد أن الاتصالات لم تنقطع منذ التهييء لانتخاب الفلسفة وسبق الموضوع أي حديث عن تشكيل الحكومة٬ وهو ما يؤسس للتحول الذي ستعرفه المملكة لتجفيف منابع "الفكرة المحافظة" من مشكلي "الحدود" و"الشرعية التاريخية" مع حزب الاستقلال وإلى "الإسلام السياسي" مع حزب العدالة والتنمية. الثانية: أن علي الهمة يدير تبعات "البلوكاج" ولا يريد أن يتحمل مسؤولية حله. الثالثة: أن نقل تشكيل الحكومة إلى الرقم الثاني في حزب العدالة والتنمية٬ منع سعد الدين العثماني من التقدم لرئاسة البرلمان٬ كي لا يحترق ك"ورقة احتياط ". وحافظ الحزب نفسه على سعد الدين العثماني ورقة بديلة٬ وهو الوحيد٬ في نظر الغرب٬ الذي له صلات مع "الإخوان المسلمين"٬ لذلك عزل من الخارجية٬ وتباشر الخارجية الأمريكية في 60 يوما٬ تصنيفهم "جماعة إرهابية" أو تبرءتهم٬ ويبدو أن جزءا من النظام يفضل العثماني على بن كيران٬ وقيل له: "قد تعرف بسرعة كيف تشكل الحكومة٬ ولن تستطيع أن تصل إلى رئاسة البرلمان"٬ فطلب الإذن بعدم الترشيح٬ وهو من العناصر التي تربك تواصل حزب العدالة والتنمية مع حزب الاستقلال. والورقة "السوسية" كما تسميها التقارير الغربية٬ قد تسهل تشكيل الحكومة بين أخنوش وساجد والعثماني. وبن كيران ليس مترددا في قبول حكومة من الأغلبية السابقة دون حزب الاتحاد الاشتراكي٬ وإن فقد المنصب لزميل له في الحزب٬ وقد وصل الخلاف إلى نقطة بسيطة حول (4 أشهر) حين قبل الجميع تأجيل دخول الاتحاد الاشتراكي للحكومة سنة٬ فيما يريده الآخرون ستة أشهر٬ وإن كان العد٬ من تشكيل الحكومة أو من تاريخ الانتخابات٬ فهو مشكل بحد ذاته٬ لكنه رقميا٬ يقرب الطرفين بشكل واضح. عطل رئيس الحكومة المعين٬ كسائر القادة في الدولة٬ أي تشكيل للحكومة٬ لأنه يمكن العودة إلى انتخابات مبكرة لحل برلمان صادق في نقطة فريدة على ميثاق الاتحاد الإفريقي. وفضل مستشار الملك وبن كيران٬ نقاش موضوع تدريس الفلسفة على تشكيل الحكومة٬ في إطار تقديرات لتحجيم حزب العدالة والتنمية٬ أو حزب الأساتذة بتعبير "هوف بوست" يوم 19 دجنبر الماضي من خلال "ورقة بيتريز تومي أولونسو"٬ لأن الحزب حسب هذا المنظور٬ مكون لا تنسحب عليه أخطاء السياسة التقليدية المغربية٬ ولذلك فالتنافس اليوم٬ حاد بين "حداثيين" يريدون الحفاظ على جوهر النظام٬ ومحافظين غير تقليديين لا يراعون الإصلاحات الشكلية ويدافعون عن الدستور٬ وتجمل هذه النظرة أخطاء هذه السياسة التقليدية المغربية في: الابتعاد عن الجماهير المشاركة في الرشوة٬ وتغليب المصلحة الفردية والجماعية٬ وبذلك يكون حزب العدالة والتنمية بديلا للنمط الوظيفي للفئة التقليدية التي تسترجع يقظتها في الدستور بين الأحرار والحركة الشعبية في صراع وجودي. بالإضافة إلى هذه النقطة٬ نجد تكتل المستشارين الملكيين٬ الذي لم يكتمل قوسه منذ وفاة الحسن الثاني٬ تحت قيادة علي الهمة٬ قد انطلق في التصفية البنيوية ل"حزب الأساتذة" من موقع نفس الوصف الذي ساد لفترة طويلة حزب الاتحاد الاشتراكي٬ والواقع٬ أن الاتحاديين أتعبوا المخزن عندما كانوا "حزب الأساتذة"٬ واليوم تجري نفس الفصول مع حزب العدالة والتنمية بعد نعته بنفس الوصف. وحسب "بيتريز تومي"٬ فإن الفترة بين 1997 و٬2002 سجلت أن نسبة من تزيد أعمارهم عن 55 سنة في صفوف المنتخبين من حزب العدالة والتنمية٬ تصل إلى 14.7 في المائة٬ وبين 45 و55 سنة٬ 4.71 في المائة٬ وبين 35 و44 سنة٬ 3.14 في المائة. وفي الفترة من 2011 إلى ٬2016 وصلت نسبة من تزيد أعمارهم عن 55 سنة٬ 4.24 في المائة من برلمانيي الحزب٬ فيما كانت نسبة 5.41 في المائة بين 45 و55 سنة٬ وبين 35 و44 سنة٬ 5.31 في المائة٬ وبين 25 و34 سنة ما نسبته 43.2 في المائة. وتعزز هذه المؤشرات معدل الحاصلين على الشهادات العليا٬ حيث يتجاوز حزب العدالة والتنمية ب 30 في المائة معدل الأحزاب المغربية. وجاء قرار العودة إلى تدريس الفلسفة والفرنسية وباقي الإجراءات الأخرى٬ للحد من مشاتل الحركة الإسلامية٬ حيث لا يمكن القول حاليا بضعف القدرة التقنية لحزب العدالة والتنمية٬ ولكنه ضعيف للغاية على صعيد إنتاج الأفكار وإبداع الاستراتيجيات. وتهيمن "البطاقة" على "الطاقة" في كل الأحزاب٬ في معرض تحول تريده الدولة أن يكون على صعيد "الفكرة الاستراتيجية" التي ينظر لها "استراتيجيون"٬ كما نقل عن علي الهمة في مجالسه. ويبقى الهجوم "المبرمج" على حزب العدالة والتنمية٬ بأداة حكومية من نفس الحزب٬ جزءا من تشكيل الحكومة انطلاقا من الانتصار في أديس أبابا٬ وليس انتصار الشعب في 7 أكتوبر الماضي. الخطة "ب" التي قادها علي الهمة ووافق عليها بن كيران لا يمكن الذهاب إلى الخطة "ب" المحددة في الانتخابات المبكرة دون دوافع استراتيجية قوية٬ لأن بن كيران اختزل كل نقطه في حكومة من الأغلبية السابقة٬ وليس حكومة أقلية أجهضها وصول الحبيب المالكي إلى رئاسة البرلمان. ولقد كان طبيعيا٬ القطع مع سيناريو حكومة أقلية٬ وسقطت هذه الورقة من يد بن كيران٬ لكنه يحاصر بدوره أي سيناريو آخر لتعزيز التوازن السابق: التقدم والاشتراكية والعدالة والتنمية بجانب الحركة الشعبية٬ والأحرار بالجانب الآخر. ولا يستطيع بن كيران أن يحافظ على بعض قراراته٬ إن زادت كتلة التكنوقراط الذين عزل بهم رئيس الحكومة قوة الأحرار والحركة. وحاليا يحافظ رئيس الحكومة على تمثيل الأحرار والحركة الشعبية بما يزيد عن التكنوقراط٬ وقد امتص لعنصر وأخنوش الحرب الحالية بين الأحرار وحزب العدالة والتنمية. احترقت الخطة "ب" لبن كيران٬ وبقيت الخطة "ب" لعلي الهمة٬ لكن لها صعوبات أيضا٬ من واقع أن الحل قد يكون "انتخابات مبكرة" تبدأ بحل البرلمان٬ لأن لا نص على إقالة بن كيران٬ وقد منع تشكيل البرلمان من حكومة أقلية يرأسها حزب العدالة والتنمية٬ لكنه منع على الآخرين تشكيل حكومة من خلال أغلبية برلمانية تطالب برئاسة الحكومة٬ لأنها بدعة دستورية أيضا. حكومة الوحدة الوطنية ضمن خطة "ب" بما يسعف المصالحة مع حزب الاستقلال وطروحاته في حال عدم تصويت الأفارقة على عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي٬ وسيسمح الوضع بإعادة الأمور إلى النقطة صفر٬ فيما سيكون قبول المغرب مدعاة لتقديرات جديدة تؤطر التشكيل الحكومي لصالح أهداف المغرب في إفريقيا كما جاءت في خطاب الملك من دكار في جملة جامعة: "النجاح في أديس أبابا نجاح لتشكيل الحكومة في الرباط"٬ وقد ألغى العاهل المغربي زيارات إلى دول أخرى بعد وصول ردود 39 دولة بالإيجاب لصالح المملكة٬ وبحضور الملك نفسه إلى العاصمة الإثيوبية في زيارة ثانية٬ لمنع مسطرة "تأجيل الطلب المغربي". وفي هذا التقدير٬ تركت الرباط جميع خياراتها مفتوحة٬ من حل البرلمان الذي صادق على الاتفاق الإفريقي٬ بالدعوة إلى انتخابات مبكرة أو التئام حكومة وحدة وطنية٬ قد تكون بدورها خيار النجاح أيضا٬ حسب مصادر عليمة. الحكومة٬ فبن كيران سهل للملك ما يرغب فيه٬ وسيقوم القصر بدوره بتسهيل ميلاد حكومة يرأسها حزب وقبل علي الهمة وبن كيران أن يكون نجاح "الأجندة الملكية" أولا٬ وبعدها يمكن إعادة التفاوض السريع حول العدالة والتنمية. الفيتو ضد حزب الاستقلال سيسقط في أي حكومة وطنية للحفاظ على ثوابت "مؤسسه علال الفاسي"٬ وقرر ابنه عبد الواحد دعم حميد شباط لولاية ثانية٬ مما عجل بإعادة التفاوض مع الأمين العام لحزب الاستقلال من الصعب٬ في حسابات المرحلة٬ أن يكون تيار "بلا هوادة" بشعبية جارفة٬ لأن الخيارات الأخيرة للسياسة الرسمية ستتزعزع بشكل كلي وشامل٬ وسمح موقف عبد الواحد الفاسي في حفظ "الوجود الرمزي والمعنوي" لحزب الاستقلال في الانتصار على "الدولة الثانية" في المغرب٬ كما انطلقت في ٬2016 وأعادت دوائر القرار الاتصال بحميد شباط مرتين للوصول إلى تفاهمات جديدة. في كل هذه التفاهمات٬ لم يكن خيار الانتخابات المبكرة (أو السابقة لأوانها)٬ مرتبطا سوى بفشل وصول المغرب إلى مقعده في الاتحاد الإفريقي٬ والكل ضيع نقطا كثيرة في هذه الصفقة التي أخرت تشكيل الحكومة٬ بما فيها المستشار القوي للملك٬ وباقي المستشارين٬ لأن عمر عزيمان الذي دفع ثمن سحب الورقة الحقوقية من يده وتسليمها لصديق الهمة٬ رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان (اليزمي) يقرر اليوم٬ عودته عن طريق ملف التعليم٬ فبدأ بالمجانية وواصل المعركة بمقررات التربية الإسلامية وبعدها بمشكل الفلسفة٬ لإشغال الرأي العام التعليمي٬ الذي يشكل نواة الرأي العام الوطني٬ وقد كانت مناورة لصالح التعطيل وإشغال المتابعين لا أقل ولا أكثر. وأجمعت حسابات داخل القصر وخارج الحكومة٬ على رئاسة الاتحادي٬ الحبيب المالكي٬ وفعلا توحد مستشارو الملك وفقدت الأحزاب سيطرتها على هامش القرار الضعيف في اللعبة. الشروط الإفريقية في الانتقال الديمقراطي المغربي لن تسمح بالانقلاب المباشر على صناديق الاقتراع لا يسمح الاتحاد الإفريقي للمغرب بأي خروج عن نتائج صناديق الاقتراع٬ وستكون انتخابات سابقة لأوانها في المملكة مقبولة إقليميا وقاريا بعد التحول الأخير في استراتيجيات المملكة. وبالفعل٬ عرف العالم والأفارقة تحديدا٬ أن مصادقة الأحزاب بالإجماع على ميثاق الاتحاد الإفريقي٬ في ظل أزمة داخلية خانقة بين الأحزاب٬ يكشف أن جهة واحدة تمتلك القرار٬ وكما قال تقرير "مجلس السلم والأمن الإفريقي"٬ فإن "القرار الكامل في المملكة بيد الملك٬ وهذه القدرة لا يمكن استثمارها إلا بحوار قريب مع الملك محمد السادس". ورد الاتحاد على تصريحات حزبية (منسوبة لحزب الاستقلال) بأنها غير مؤثرة تماما٬ ولا يمكن لأي حزب في المغرب "إدارة أي ملف استراتيجي حاسم في المملكة الوحيدة بإفريقيا". في الفترة السابقة٬ لأنهم داموا لعقود في كراسيهم٬ لكن الانتخابات الإفريقية حاليا تتقدم على الانتخابات والآن٬ المغرب هو المملكة الوحيدة في القارة٬ والملك محمد السادس وحيد في إفريقيا٬ بعد أن نافس رؤساء المغربية٬ لأن الأحزاب تقود سياسات دولها بشكل كامل في القارة السمراء٬ والفرصة الواقعية للأحزاب متمثلة في الوصول إلى نفس المستوى القاري٬ لأن الاستفادة من الانتقال الإفريقي للديمقراطية٬ قد تغطي فشل الربيع العربي في الانتقال بدوله إلى هذا الهدف.