حسب مصادر موثوقة في الرابطة العربية الاسترالية بسيدني عاصمة استراليا حاولت مجموعة صغيرة من عناصر البوليساريو الانفصالية، مدعومة من طرف الملحقين الثقافي و الإعلامي، و موظفين في السفارة الجزائرية (مخابرات)، إفشال و نسف مهرجان السينما الوثائقية، بسبب تقديم فيلم وثائقي حول ظاهرة العبودية، الممارسة بشكل منهجي و لا أخلاقي في مخيمات "اللاجئين" الصحراويين بتندوف الجزائرية (لجوء قسري و لا إرادي)، و ذلك بتزكية و تواطؤ و علم الدولة المضيفة "الجزائر". إن هذه المناورة الجزائرية لإجهاض هذه المناسبة الثقافية سببها يرجع إلى محتوى الفيلم، الذي كان يسعى إلى فضح عملية المتاجرة في الأطفال، و الاستغلال الجنسي للفتيات القاصرات الصحراويات و الإفريقيات، من طرف قادة و عناصر الجيش الجزائري، المتمركز في تندوف و في ولايات الصحراء الشرقيةالجزائرية الأخرى، و كذلك من طرف عناصر من مليشيا البوليساريو الانفصالية. كما كشف الفيلم الوثائقي الذي كان عبارة عن قنبلة إعلامية و الذي أنجزه الصحافيان الاستراليان فيوليتا أيالا و دانييل فالشاوو معاناة الأطفال ذوي البشرة السوداء و خاصة الفتيات، و النازحين السود القادمين من مالي و النيجر و موريتانيا، الموطنين قسرا بتندوف بسبب الجفاف والمجاعة و الفقر قصد تضخيم عدد المحتجزين الصحراويين و المتاجرة فيهم، و حتى يتسنى للبوليساريو توظيفهم لبلوغ أهداف سياسية و تجارية (الإغاثة الدولية المغفلة !) . و لفهم ما جرى، نعود بالقارئ إلى بداية القصة التي انطلقت منذ أن قام مدير الإذاعة و التلفزيون الجزائري السابق حمراوي حبيب شوقي، بتنسيق مع مدير المخابرات العسكرية التابعة للبوليساريو، بدعوة الصحافيين المشار إليهما سابقا إلى تندوف، قصد انجاز فيلم وثائقي دعائي يصور ما يسمى كذبا و بهتانا بمعاناة "الشعب الصحراوي"، وهكذا تمت الرحلة بتمويل جزائري سخي سنة 2007، طبقا لدفتر تحملات مضبوط و متفق عليه سابقا . في الواقع، كان هدف هذه الزيارة الإعلامية هو فبركة فيلم وثائقي يساند أطروحة الانفصال في إقليم الصحراء، وتقديمه للرأي العام الاسترالي بغية جمع المساعدات الغذائية و المالية و الطبية، و التأثير على المجتمع و الأحزاب و الحكومة و الإعلام في هذه القارة البعيدة التي تجهل كل شيء عن النزاع و خلفياته الحقيقية. عمل، في رأي السينمائيين الاستراليين، يرنو إلى تغيير الموقف المحايد في هذا البلد من النزاع الإيديولوجي القديم بين المغرب و الجزائر، واستغلال الفيلم للتضليل في محيط و بيئة معروفة بنضالها و إنسانيتها، و بمؤازرتها للقضايا الإنسانية العادلة في العالم، فالشعب الاسترالي لا يحب المشروعات الوهمية و المفتعلة التي تخدم قضايا سياسية مبنية على إستراتيجية هيمنة الجزائر في المنطقة. فبعد مكوث الصحافيين أيالا و فالشاو أسبوعين في مخيمات لحمادة، المحاصرة أمنيا بكتائب عسكرية تابعة للبوليساريو و الجيش الجزائري وأثناء تصوير الفيلم، لفتت نظرهما ظاهرة العبودية و الفوارق الطبقية و القبلية و التحرش الجنسي و دعارة الأطفال في المخيمات. كما فوجئا من دور القيادي في البوليساريو المدعو عبد الرحمان سيدي إبراهيم بوهوم الملقب بميتشل في تجارة الأطفال المخطوفين من قبائل الرحل الإفريقية المنتشرة في دول الساحل. بعد هذا الاكتشاف المفاجئ العجيب لهذه المأساة الإنسانية، بدأ الصحافيان يركزان على حالات العبودية و عمليات المتاجرة المفضوحة في الأطفال دون مسوغ قانوني أو أخلاقي في أماكن اللجوء. فتم تسليط الأضواء على هذه الإشكالية اللاأخلاقية التي تنتهك المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان. أمام هذا الوضع الملتبس، انتبهت إليهم أجهزة البوليساريو و المخابرات العسكرية الجزائرية، و تساءلت عن الأسباب الحقيقية الكامنة وراء تغيير الصحافيين لموضوعهما الأصلي، الذي كان أساس دعوتهما إلى تندوف، و أساس عقد التصوير الذي تم بين الطرفين و الذي أتيا من اجله. فقامت هذه الأجهزة السرية (جزائرية و انفصالية) بمصادرة فيلمهما الوثائقي الذي سربت نسخة منه إلى الخارج عبر الأقمار الاصطناعية. و بعد حبسهما و إهانتهما تم طردهما من الأراضي الجزائرية بفضل تدخل السفير الكندي، الراعي لمصالح استراليا في الجزائر. و هكذا فشلت المخابرات الجزائرية مع صنيعتها البوليساريو مرة أخرى في مناوراتها وتهديداتها لمنظمي المهرجان في استراليا فشلا ذريعا، و تم تقديم الفيلم الوثائقي للإعلام الاسترالي و الأممالمتحدة و جمعيات حقوقية دولية، منظمات لازالت مع الأسف صامتة على هذا الوضع المأساوي و اللاإنساني المستمر، الذي أصبح نموذجا حيا لانتهاك حقوق الإنسان و المواثيق الدولية ذات الصلة، فانقلب السحر على الساحر . شهادات أخرى وردت من اسبانيا أفادت بها إحدى المنظمات الخيرية والإنسانية المحسوبة على الانفصاليين، التي تستضيف كل سنة أطفال و فتيات صغار يأتون من مخيمات المحتجزين في تندوف لاسبانيا قصد قضاء العطلة الصيفية، هذه الجمعية المساندة "للشعب الصحراوي" فضحت حالة الطفلة المسماة سلطانة بنت بلال، التي خضعت إلى خبرة طبية مختلفة و محايدة لأطباء إسبان. و لقد بين الفحص الطبي أن المعنية بالأمر ما هي إلا فتاة مشتراة كعبدة من طرف المدعو محمد لامين البوهالي، وزير الدفاع في الحكومة الوهمية الانفصالية (أصله جزائري). و في نفس السياق، كشف بعض الأطفال الصحراويين بعد انتهاء مخيمهم الخيري السنوي على شواطئ كوستا دل صول الاسبانية رفضهم العودة إلى المخيمات الصحراوية الواقعة في تندوف، بسبب خوفهم الشديد من الرجوع إلى نظام العبودية المطبق من طرف قادة البوليساريو، القائمين على حراسة مخيمات 27 فبراير و الرابوني و الداخلة، قادة يملكون عددا من العبيد رجالا و نساء و أطفالا، تم خطفهم من شمال مالي و النيجر قصد بيعهم إلى أعيان و تجار تندوف للعمل في البيوت و السخرة. فعلى سبيل المثال، نذكر قضية شراء المدعو إبراهيم احمد محمود بيد الله، الملقب بغارغوو ، لخمسة أطفال في سوق النخاسة بمدينة النعمة الموريتانية. ختاما ينبغي الإشارة في هذا الإطار، إلى تعالي أصوات الأحرار و الشرفاء في العالم لفضح هذه الممارسات البشعة و الوحشية، كمنظمة أطفال بلا حدود الأمريكية، مطالبين المنظمات الحقوقية الدولية و المندوبية السامية للاجئين و الصليب الأحمر الدولي، بفتح تحقيق عاجل و شفاف في ظاهرة العبودية في مخيمات "اللاجئين الصحراويين" في تندوف، طبقا للقاعدة الفقهية "كلكم من آدم و آدم من تراب"، و مساءلة المجرمين على هذه التجارة الغير المشروعة أمام المحاكم الجنائية الدولية "فمتى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا"يا سادة تندوف ! الجزائر تايمز - خاص ذ.عبد الرحمان كاتب و حقوقي مغربي