كان الاجتماع التحضيري للدورة الثانية للمجلس الإداري لوكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية لأقاليم جنوب المملكة الذي ترأسه الوزير الأول يوم الجمعة الماضي، مناسبة لتأكيد حرص الحكومة على رفع وتيرة التنمية في هذا الجزء العزيز من الوطن، تجسيدا للعناية الخاصة التي يوليها جلالة الملك، من أجل ضمان العيش الكريم لكل المواطنين في الأقاليم الجنوبية. وجاء الاجتماع التحضيري، في سياق دينامية إيجابية تطبع الوضع في الأقاليم الجنوبية، من تجلياتها تنامي التأييد الدولي للمبادرة المغربية لتمكين الأقاليم الجنوبية من نظام الحكم الذاتي لتدبير سكانها شؤونهم بأنفسهم بشكل ديمقراطي، في إطار احترام وحدة المغرب الترابية وسيادته الوطنية. وتجلى ذلك التأييد في القرار 1754 الصادر عن مجلس الأمن في 30 أبريل 2007 الذي وصف المبادرة المغربية بالجدية وذات المصداقية وفي دعوة مجلس الأمن في قراره 1813 الأطراف إلى التحلي بالواقعية في المفاوضات ثم في إعلان المبعوث الشخصي للأمين العام السيد بيترفان فالسون أن استقلال الصحراء خيار غير واقعي، مرجحا بذلك مقاربة الحكم الذاتي كحل سياسي وواقعي ونهائي للنزاع المفتعل حول الصحراء. وأكد الوزير الأول أن الإرادة السياسية لبلادنا، من أجل الطي النهائي للنزاع المفتعل في الصحراء تتعزز بالمجهود التنموي في الأقاليم الجنوبية الذي تجسده أرقام ومؤشرات التنمية في مختلف القطاعات. وكانت الحكومة رصدت 7.2 مليار درهم لمخطط عمل وكالة تنمية الجنوب للفترة الممتدة من 2004 إلى 2008 واستثمرت الوكالة لحد الآن مبلغ 4.37 مليار درهم في عمليات شملت ستة محاور للتنمية تهم السكن والتأهيل والتنمية الحضرية وقرى الصيد والصيد التقليدي والساحلي والسياحة والصناعة التقليدية والماء والبيئة والطرق والكهرباء ومشاريع القرب. وطورت الوكالة استراتيجية عملها للانخراط في دينامية المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي أطلقها جلالة الملك وبدأت تركز تدخلاتها على مشاريع القرب وذات الوقع المباشر على الساكنة بدعم الولوج للمرافق الحضرية الأساسية وتقديم الدعم للجماعات المحلية وبناء وتجهيز المرافق الجماعية ودعم الأنشطة المدرة للدخل والمبادرة الخاصة ودعم التنشيط السوسيوثقافي وإنجاز البنيات التحتية ثم محاربة السكن غير اللائق. وتنخرط الوكالة بالتعاون مع وزارة الداخلية ووزارة الإسكان والتعمير والتنمية المجالية في برنامج إزالة المخيمات والقضاء على السكن غير اللائق الذي يرمي إلى إنجاز 124 ألف وحدة سكنية جديدة، بغلاف مالي يصل إلى 4.5 مليار درهم. ولا تقتصر عمليات التنمية على التدخلات المباشرة لوكالة الجنوب، بل تمتد إلى مجمل جهود القطاعات الوزارية الأخرى خصوصا في التمدرس والتطبيب وتزويد الساكنة بالماء الشروب والكهرباء ثم الاقتصاد الاجتماعي الذي يهدف، من خلال مشروع واعد في الأقاليم الجنوبية، إلى إرساء الآليات الضرورية لدعم الأنشطة المدرة للدخل. وتظل آفاق التنمية في الأقاليم الجنوبية واعدة بالمزيد من التطور. ويتبين من التوجهات العامة لمخطط عمل وكالة الجنوب لسنوات 2009 إلى 2012 الذي سيحال على أنظار مجلسها الإداري المرتقب للمصادقة عليه، إن الجهود ستتواصل لتفعيل المشاريع المنجزة وفق مقاربة تشاركية مع الفاعلين التنمويين وإعطاء انطلاقة برامج جديدة تهم الاقتصاد الاجتماعي كآلية للإدماج السوسيواقتصادي للفئات ذات الحاجيات الملحة ومواصلة دعم الجماعات المحلية ودعم المشاريع المنتجة لفرص الشغل والمدرة للدخل. ويروم مخطط العمل المقبل تنفيذ برامج سكنية جديدة في الأقاليم الجنوبية ودعم البنيات التحتية والتأهيل الحضري للمدن وتأهيل العالم القروي ومواصلة برنامج تنمية واحات الجنوب. لقد شهدت الأقاليم الجنوبية أوراش التنمية في مختلف القطاعات وتتعزز هذه الأوراش، بتوجيهات جلالة الملك، لتتكامل جهود الحكومة مع بقية الفاعلين وفي مقدمتهم أبناء هذه الأقاليم لتظل التنمية في خدمة الوحدة.