مما جاء في الرسالة التوجيهية للسيد رئيس الحكومة بخصوص قانون المالية سنة 2017 وفي الجانب المتعلق بالتعليم: "ويأتي على رأس الأولويات إصلاح التعليم وتمكين المدرسة المغربية من الاضطلاع بوظائفها في التنشئة الاجتماعية والتربية على القيم الوطنية والكونية، والتكوين والتأطير وتشجيع البحث والابتكار، وتيسير الاندماج الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للشباب المغرب. وفي هذا الإطار ينبغي العمل على التفعيل السريع والسليم للرؤية الاستراتيجية لإصلاح التعليم، وما تتضمنه من تدابير عملية تروم إرساء مبادئ الإنصاف والمساواة وتكافؤ الفرص، والرفع من نجاعة وحكامة المنظومة التربوية ككل وخاصة الموارد البشرية، وإرساء نموذج بيداغوجي وتكويني قائم على التنوع والانفتاح وتحصين الفرد والمجتمع من نزوعات التطرف والانغلاق، وتمكين التلاميذ والطلبة من إتقان المعارف والمهارات، وإتقان اللغات الوطنية والأجنبية. هذا مع ضرورة تقوية آليات الترابط بين التعليم العمومي والتكوين المهني، وإدماج مسالك ممهننة في المسار الدراسي تساعد على الاندماج والتأقلم مع المهن وعالم المقاولة، وتساهم في تقليص ظاهرة الهدر المدرسي". طبعا هذه رسالة توجيهية، ولكن تعالوا نلاحظ كيف تتحول إلى أرقام وهل يتم تنزيلها على ارض الواقع بما يخدم المدرسة المغربية؟ وذلك بالرجوع إلى أرقام قانون المالية سواء لسنوات سابقة خاصة 2016 أو 2015 أو ما سيفرزه قانون مالية 2017. ففي تنزيلها لمثل هذه التوجيهات خصصت الحكومة قرابة 50 مليار درهم لمباشرة إصلاح منظومة التربية والتكوين. إصلاح عناوينه الكبرى إحداث عدد من المدارس والثانويات، في أفق الرفع من نسبة التمدرس، والعمل على تحسين مستوى الحكامة في نظام التعليم عن طريق إعادة النظر في عمل مجالس الإدارة بالأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، وكذا ميكانيزمات التعاقد، وتطوير قدرات الفاعلين على جميع المستويات، خاصة بالمؤسسات التعليمية، وهو ما ستحاول تحقيقه عن طريق مشروع المؤسسة، مع مواصلة المجهودات المبذولة بخصوص اعتماد منظومات معلوماتية و تقييمية، وتعزيز آليات الحكامة ومدارس الانصاف والجودة...... وفي تفصيل للمحاور الكبرى كان العمل سيتم على إحداث 50 مدرسة جماعاتية و 60 ثانوية إعدادية جديدة، و 30 ثانوية تأهيلية. هذا مع إنشاء مركز للأقسام التحضريية. وتعويض 1000 حجرة مفككة؛ وتأهيل 3.280 مؤسسة، وربط 2.733 مؤسسة بشبكة الماء الصالح للشرب، و 3.648 مؤسسة بشبكة الكهرباء، و 3.440 مؤسسة بالصرف الصحي، والمرافق الصحية، و تجديد تجهيزات 3.780 مؤسسة وداخلية؛ واقتناء المعدات التربوية للأقسام التحضيرية، وتأهيل وتوسيع العرض في مجال التعليم التقني. هذه الإجراءات تروم الرفع من نسبة التسجيل إلى مائة المائة 100 في السلك الابتدائي، 90 في المائة في السلك الإعدادي. على أن يصل الرقم في السلك الثانوي إلى قرابة70 في المائة، برسم الموسم الدراسي 2018/2017، والحد من نسبة الهدر المدرسي بحصره في حدود 2,1 في المائة في السلك الابتدائي، و5,6 في المائة في السلك الإعدادي. على ألا يتجاوز في السلك الثانوي التأهيلي 7,4 في المائة. ودون التساؤل عما تحقق وما لم يتحقق، يحق لنا أن نتساءل بكثير من الحنق والغصة كيف تم اختزال كل مشاكل التعليم المغربي في مقاربات عددية وتحول المتعلمون إلى مجرد أرقام: عدد الملتحقين بأسلاك التدريس، عدد المنقطعين منهم ، عدد المستفيدين من التغذية، عدد المستفيدين من الدعم الاجتماعي، نسبة التأطير، عدد الحجرات، أرقام وبيانات حول عدد المسجلين ونسب الناجحين، ونسب تقليص الهدر المدرسي، دون الخوض في جوهر الإشكال وهو توضيح نوعية التعليم الذي يتلقاه الحاصل على شهادة الابتدائي و الباكالوريا، وما نوعية المفاهيم والمعارف التي اكتسبها، والقيم التي تشبع بها؟ نتمنى تدارك مثل هذه الأمور في تنزيل خصوصا في ظل سياق تنزيل الرؤية الإستراتيجية والتي نظن أنها ستلقى نفس مصير المشاريع السابقة إن لم يتم الإسراع بإخراج إطار قانوني لها، وكذا بتجند الجميع للمشاركة في إنجاح هذا الورش.