من المؤكد أن الناخبات و الناخبين يلعبون دورا مركزيا في تعزيز بناء الديمقراطية المحلية ، خصوصا في ظل التحولات العميقة التي تجتازها بلادنا ، حيث يعلق المغاربة آمالا كبيرة على أن تكون انتخابات يوليوز 2009 استحقاقا حقيقيا لدعم مسلسل اللامركزية وتقوية الديمقراطية المحلية ، والحفاظ على المكتسبات وتجاوز النقائص . هناك عدة مداخل لجعل استحقاقات 2009 محطة نوعية في مسلسل الديمقراطية المحلية في بلادنا، لعل أبرزها المشاركة الواسعة للمواطنين والمواطنات في التسجيل في اللوائح الانتخابية، باعتبارها واجبا وطنيا بعيدا عن جميع مظاهر الابتزاز والترغيب والترهيب. ومن المؤكد أيضا أن المشاركة الواسعة للمواطينين والمواطنات في هذه الاستحقاقات، تعتبر أساسية وجوهرية لإفراز مؤسسات منتخبة ذات مصداقية وفعالية ، تخضع للمراقبة والمحاسبة الشعبية،ولذلك من الضروري توفير كافة الشروط لضمان هذه المشاركة ، و في مقدمتها تسهيل التسجيل وإعادة التسجيل في اللوائح الانتخابية التي كانت في الماضي تفصل على المقاص ، فهذه اللوائج يجب أن تعكس حقيقة الخريطة الديمغرافية في بلادنا، دون انتقاص أو مبالغة .. إن المواطينين في حاجة إلى مزيد من الثقة في الانتخابات المقبلة عبر توفير أجواء جديدة مختلفة تماما عما عرفته التجارب الماضيه من نقائص وانزلاقات، وفي هذا الإطار لا بد من اتخاذ التدابير اللازمة والصارمة في مواجهة تصرفات بعض الموظفين وأعوان السلطة بخصوص عملية التسجيل، فمن غير المعقول أن يضطر المواطن إلى قضاء الساعات الطوال من أجل تحقيق غرض كان من المفروض أن يتم إنجازه خلال دقائق معدودة. كما أن عملية التسجيل، يجب أن تبتعد عن منطق الزبونية والحسابات السياسية الضيقة، فليس مقبولا أن يسمح رئيس هذه الجماعة أو تلك المقاطعة بتسجيل مواطنين ويحرم آخرين من ذلك تحت أي مبرر كان، لأن ذلك ضد الديمقراطية وضد المصلحة العليا للبلاد. وإذا كان االتسجيل في اللوائح الانتخابية يأخذ طابع الإلزامية والمسؤولية، حيث إن إغفاله تكون له عواقب وخيمة على التجربة الديمقراطية بشكل عام والديمقراطية المحلية بشكل خاص، فإنه لابد من إقناع المواطنين بالتسجيل في هذه اللوائح، والتصويت في العملية الانتخابية ، من خلال توسيع الحملات التحسيسية التي يجب أن تلعب فيها وسائل الإعلام العمومية دورا أساسيا، عبر انخراطها في إنجاز مناظرات وبرامج ولقاءات مع سياسيين و خبراء ومختصين تنصب بالداراسة والتحليل على مختلف القضايا المرتبطة بتجربة الديمقراطية المحلية في بلادنا. ومن المفروض الانتباه، في هذا السياق ، إلى أن التسجيل في اللوائح الانتخابية، لا يعني بالضرورة الرفع من نسبة المشاركة في الانتخابات الجماعية القادمة، لأن ذلك لا يعني أن المواطنين سيشاركون في عملية التصويت بكثافة، بل إنهم قد يمتنعون عن الذهاب إلى مكاتب التصويت، وإن ذهبوا ، فقد يدلون بأوراق بيضاء كما حصل في الانتخابات التشريعية الأخيرة، لذلك لا بد من ضمان شروط التعبئة الشاملة ليتحقق هدف التسجيل في اللوائح وهدف التصويت في الانتخابات معا.. إن نجاح المغرب في الاستحقاقات المقبلة رهين إلى حد بعيد بالانخراط الواسع للمواطنين المغاربة في العملية الانتخابية ، ذلك أن الغاية الأولى والأخيرة هي انتخاب جماعات محلية ومجالس مكلفة بتدبير شؤونها تدبيرا ديمقراطيا ،تستطيع المساهمة في تحقيق التنمية المحلية وتلبية حاجيات وانتظارات المواطنين ..