تعرض حاليا ببعض القاعات السينمائية ببلادنا الحلقة الثالثة من السلسلة السينمائية الأمريكية "الليلة الأمريكية للتطهير" و تحمل هذه الحلقة عنوان "الانتخابات" ، و هي من كتابة و إنجاز نفس المخرج الأمريكي " جيمس دي موناكو " الذي أخرج الحلقتين السابقتين سنتي 2013 و 2014 و الذي شارك فيها كلها الممثل " أدوين هودج " بدور غير رئيسي. الحلقات الثلاث تتناول موضوع الليلة الأمريكية المأساوية التي يتم خلالها في كل سنة قتل المواطنين الذين يعتبرون عالة على المجتمع أو الذين يعانون الهشاشة الاجتماعية ، و الهدف من ذلك هو تنقية البلاد منهم و الرفع من رقيها و مستواها الاقتصادي كما كان يمارس قديما في بلدان أخرى لأهداف سياسية أو اجتماعية. الحلقة الجديدة تستعرض خلال 109 دقيقة محنة "السيناتورة" "شارلي" (الممثلة الأمريكية إليزابيت ميتشيل) العازمة بكل قوة على الترشح للانتخابات الرئاسية و الفوز فيها لحذف الظهير الذي ينص على تنظيم هذه الليلة المأساوية في كل سنة ، و هو أمر سيثير الغضب الشديد في كل أعضاء العصابة الحاكمة الذين يرفضون رفضا مطلقا أن يتم حذف هذه الليلة التي أعطوها طابعا دينيا و سياسيا لكسب تضامن المواطنين معهم ، و جعلوا منها ليلة مقدسة تدخل في تقاليد الأمة الأمريكية. كل هذا سيؤدي إلى مواجهة كلامية حادة و شرسة بين الطرفين ، و سيدفع بالطبقة الحاكمة إلى استعمال كل ما تملكه من وسائل مشروعة و غير مشروعة لتصفية السيناتورة "شارلي" التي تريد التمرد و القضاء عليهم بطريقة ديمقراطية و سلمية. ستنطلق المطاردة و البحث عنها في كل مكان ، و سيتكون حولها فريق مساند لها من بضعة أشخاص على رأسهم "السرجان" (الممثل فرانك كرييو الذي شارك أيضا في الحلقة الثانية) ، و المواطن الأسمر "دجو" (الممثل مايكلتي ويليامسون) و الذين سيحاولون الدفاع عنها و إخفائها و إنقاذها من القتل بالرغم من بساطة ما يتوفرون عليه من وسائل دفاعية. بعد أخذ و رد سيتمكن النظام الحاكم من إلقاء القبض عليها و سيقرر التضحية بها من أجل البلاد بقتلها بطريقة مشروعة في ليلة التطهير ، و لكنها ستنجو من القتل في آخر لحظة بأعجوبة عجيبة ،و سيتحقق لها ما كانت تحلم به في نهاية سعيدة و لكنها غير نهائية بسبب قيام مظاهرات و أحداث مناوئة لها بعدما أصبحت رئيسة للبلاد، و هو ما يفسح المجال ربما لإمكانية إنجاز حلقة رابعة للتخلص نهائيا من أنصار ليلة التطهير المأساوية. الحلقة الثالثة من هذه السلسلة مشحونة بالعنف أكثر من سابقتيها و ممنوعة على من يقل عمره عن 12 سنة ، و لكنها نحيفة من ناحية المضمون مما يجعل الأحداث تدور حول نفسها جراء التمطيط و كثرة الكلام الذي لا يدفع بالقصة نحو الأمام و أخص بالذكر عملية المطاردة و البحث عن "السيناتورة" التي طالت كثيرا و استغرقت وقتا طويلا من مدة الفيلم. الفكرة الرئيسية العامة لهذه السلسلة جيدة و نبيلة (حذف ليلة التطهير) بل أصبحت تبدو هي الأقوى لكون تناولها و معالجتها في ثلاث حلقات سينمائية بجعلها تفقد تدريجيا قوتها و حرارتها خصوصا في هذه الحلقة الثالثة التي وظفت فيها فكرة بسيطة تتمثل في الترشح للرئاسة قصد إلغاء ليلية التطهير ،و التي عولجت بسطحية و تساهل و ببعض المبالغة على مستوى بناء الأحداث و الشخصيات. أريد لهذه الحلقة أن تكون بطلتها المرشحة للرئاسة شقراء مثل هيلاري كلينتون، و أريد لمنقذها من القتل أن يكون مواطنا بسيطا من السود الأمريكيين ، و أريد لمهاجر مكسيكي أن يكون من بين أعضاء الفريق الذي يحميها، و هو ما يعني أن البطلة المرشحة للرئاسة محاطة بأشخاص بسطاء من مختلف أطياف المجتمع الأمريكي، و قد حاول كاتب السيناريو (المخرج) أن يعطي لفيلمه بعض المصداقية و أن ينقص بعض الشيء من المبالغة فأراد لأحد المدافعين الرئيسيين عنها أن يقتل قبيل النهاية. الفيلم متقن تقنيا و من ناحية الإخراج أيضا ، تتناوب فيه لحظات التشنج و التوتر و لحظات الاسترخاء المؤقتة ، يهدف أساسا إلى التسلية المأساوية الدموية البشعة في أجواء مظلمة في مجملها تهتز فيها الكاميرا و تتحرك بسرعة مصحوبة بالصخب و الصراخ و الضجيج و الانفجارات و الاصطدامات والطلقات النارية الممطرة الموترة للأعصاب و المتعبة للعينين والأذنين،و هي توابل تستقطب من يعشق هذا النوع من الأفلام و من يستحمل كل ذلك. الفيلم يميل إلى النوع التلفزيوني بشكله و مضمونه ، و هو من بين الأفلام الأمريكية التي استطاعت أن تحقق في الأكشاك أرباحا مالية فاقت بكثير ميزانية إنتاجه بالرغم من تواضعه من ناحية المضمون و المعالجة الدرامية و الفنية.