لم تخل الجلسة الافتتاحية لمؤتمر القمة الاقتصادي والتنموي والاجتماعي التي عقدت يوم أمس بالعاصمة الكويتية من لحظات جذبت إليها اهتمام وسائل الاعلام، قليل منها التقطتها عدسات الكاميرات وتسنى للرأي العام متابعته وكثير منها لم تتسع إليه مساحات وقدرات هذه العدسات ،، وكان محل اهتمام كبير من قبل الحاضرين. أولى هذه القضايا التي زادت سخونتها مع مرور الوقت في هذه الجلسة تمثلت في المواجهة المصرية، السورية وهي وإن لم تكشف عن نفسها بالأسماء إلا أنه كان واضحا أن الطرفين تبادلا مايكفي من القذائف. وكانت البداية مع كلمة رئيس الجمهورية السورية الذي قال : «ولا يقل أهمية عن كل ما سبق دعمنا السياسي والمعنوي لغزة من خلال التأكيد على حقها بالدفاع عن نفسها بكل الوسائل وحق مقاومتها الثابت في الرد على العدوان، وما يعنيه ذلك من ضرورة دعمنا الصريح غير الملتبس للمقاومة الفلسطينية ورفض كل ما من شأنه التشكيك في وطنيتها أو شرعيتها أو إضعافها». وبما أن الإشارة الى الدعم الصريح غير الملتبس تحيل على ما تضمنته وسائل إعلام كثيرة جدا من تصريحات سورية ومصرية سابقة فقد جاء الرد على لسان الرئيس المصري محمد حسني مبارك الذي تناول الكلمة مباشرة بعد الرئيس بشار الأسد، وهي الكلمة التي وصفها صحافيون حضروا الجلسة «بالعنيفة جدا» حيث قال «كان منطق الأمور يملي علينا الوقوف الى جانب غزة بمواقف جادة تعني خطورة العدوان وشراسته، وتسعى لإيقافه واحتواء تداعياته الانسانية... بعيدا عن المزايدة والشعارات الجوفاء» وزاد حدة العنف في الخطاب حينما قال ان الأمة العربية كانت مدعوة للالتفاف حول موقف عربي واحد ينأى عن حملات التشهير والتخوين، وأضاف «من المؤسف أن يعمل البعض على تقسيم العرب بين دول الاعتدال ودول الممانعة «كأننا لانتعلم من أخطاء الماضي ودروس التاريخ القريب. هل هي عودة لجبهة الرفض» وحذر الرئيس المصري من اختزال القضية الفلسطينية في غزة واختزال غزة في المعابر واختزال المعابر السبعة في معبر رفح. وكان واضحا أن عدم مشاركة الرئيس السوري وتصفيق القاعة على خطاب الرئيس المصري كان يترجم موقفا متجليا. التجاذب لم يقف عند حده المعلن والمنقول الى الرأي العام، بل إن تكثيف الاتصالات داخل القاعة وأثناء انعقاد الجلسة كان يؤكد أن القمة كانت مهددة فعلا بالتجاذب السوري المصري، وكان لافتا جدا للحضور أن ينزل أمير الكويت من المنصة بينما كان رئيس البنك الدولي يلقي كلمته وتوجه إلى الرئيس محمد حسني مبارك ودخلا القائدان في نقاش لم تتجل منه غير القبلات التي كان أمير الكويت كل مرة يضعها على خدي الرئيس المصري، وعاد أمير الكويت إلى موقعه في المنصة ودخل في نقاش مع الرئيس السوري بشار الأسد، وإن لم تكشف هذه الاتصالات عن مضامينها إلا أن جميع الوقائع تؤكد أن أمير الكويت كان بصدد إطفاء لهيب الخلاف والتجاذب بين القائدين. وفعلا أثمرت هذه المحاولة نتائجها، حيث كان أمير دولة قطر وراء اللقاء التي جمع الرئيسين السوري والمصري بعد انتهاء الجلسة الافتتاحية، وانتهى بالعناق الحار بينهما، مما أشر على مصالحة جديدة بين القائدين. وكما كان لهذه التجاذبات موقعا في متابعة الحضور لوقائع الجلسة الافتتاحية، فلقد كانت هناك نقاط ضوء أخرى، تجسدت في إعلان أمير دولة الكويت تخصيص 34 مليون دولار أمريكي لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين و500 مليون دولار مساهمة من الكويت في إعمار غزة الجريحة. وما أن أعلن رئيس الجلسة عن إعطاء الكلمة لخادم الحرمين الشريفين، والتي لم تكن مدرجة في برنامج الجلسة حتى توقع جزء من الحضور أن إصرار العاهل السعودي على تناول الكلمة يؤكد عزمه إعلان مبادرة هامة فيما يتعلق بغزة، وهذا ما حصل حيث أعلن جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز عن تخصيص مليار دولار للمساهمة في إعمار غزة. وتواصلت اشغال القمة مساء أمس في جلسة مغلقة كانت كل التوقعات تؤكد أنها ستعرف سخونة شديدة.