تُظهر آخر استطلاعات الرأي التي قدمتها كل من مجلة "الإيكونمست" و"يوغفرمنت" الشهيرتين أن ثلثي الأمريكيين مستعدون لانتخاب امرأة رئيسة وتظهر الدراسة أيضا أن الناخب الأمريكي يؤمن بقدرة المرأة على اتخاذ القرارات الصعبة حتى العسكرية منها، وتم تسجيل ارتفاع مستمر في نسب المؤيدين لتولي المرأة منصب الرئاسة خلال الفترة ما بين سنتيي 1996 و2007 وهي نسب تعد أكثر من تلك المسجلة في فترة الثمانينات وبداية التسعينات من القرن الماضي. ويعتقد أن هذا التغيير قد ظهر في فئة النساء أنفسهن حيث أظهرت العديد من استطلاعات الرأي والدراسات للإجابة على سؤال ما إذا كانت الولاياتالمتحدة الأميركية مستعدة لانتخاب امرأة رئيسة لأميركا فارقا بسيطا جدا بين الرجال النساء يقدر ب1 بالمائة إذ أن 66 بالمائة من الرجال يؤيدون انتخاب امرأة مقابل 67 بالمائة من النساء يعتقدن أن أميركا مستعدة لتواجد امرأة في مكتب البيت الأبيض. ولم تحسم نتائج الدراسات واستطلاعات الرأي الجدل الذي تثيره مسألة رئاسة امرأة للولايات المتحدة الأميركية في الأوساط السياسية والإعلامية والفضاء العام وحول ترشيح هيلاري كلينتون نفسها للانتخابات الرئاسية لعام 2017، ليعيش الناخب الأميركي على وقع حملات وصراعات انتخابية قبل موعد الانتخاب بشهور، وقد انطلقت هذه المعركة الانتخابية من الفترة الراهنة بصراعات عنيفة من جانب المرشحين. هل تغير المرأة أمريكا؟ كما أن إعلان كلينتون إقدامها على خوض المعركة الرئاسية للمرة الثانية رغم خسارتها قبل سبع سنوات أمام الرئيس أوباما، أخذت أبعادا وقراءات متعددة لأسباب كثيرة منها عدم استسلامها للخسارة في عام 2008، ومواصلتها السعي نحو منصب الرئاسة عبر العمل بتبني استراتيجية جديدة في إعادة ترتيب أوراقها الانتخابية التي تعدّ من بين أهم نقاطها مشاركتها في العمل في إدارة أوباما كوزيرة للخارجية وفي ذلك نيتها في التركيز على النجاح الذي حققته في إدارتها لعجلة السياسة الخارجية الأميركية. فوز هيلاري كلينتون ودخولها الجناح الغربي للبيت الأبيض كأول امرأة تتولى منصب الرئاسة في تاريخ أميركا الذي قارب على قرنين ونصف القرن منذ تأسيسها هو فوز بطعم مختلف عن الديمقراطيات الأخرى في أوروبا وغيرها. لا جدال في ريادة هيلاري كلينتون وقدرتها على صنع واتخاذ القرارات الصعبة، فهذا ما بدا جليا في مسيرة عملها السياسي والحكومي وأثناء تقلّدها لعدد كبير من المناصب السياسية. وترى الناشطات النسويات والسياسيات من الفئة (المتقدمة في السن) في الحزب الديمقراطي أن فوز كلينتون يعد الفرصة التاريخية لتحقيق ما حلمن به وناضلن من أجله لعقود. وكانت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت قد أدلت بتصريحات نارية في الصدد تطالب فيها كل النساء الأميركيات بدعم كلينتون (المرأة) التي ستصنع التاريخ النسوي الأمريكي في حال فوزها بالبيت الأبيض حيث قالت "هناك مكان خاص في الجحيم للنساء اللاتي لا يساعدن النساء الأخريات" كان التصريح ردا على خسارة كلينتون للأصوات النسائية في ولاية نيو هامبشاير لفائدة منافسها بيرني ساندرز. هذه التصريحات النارية أثارت حفيظة عدد كبير من النساء وخاصة بين الشابات اللاتي نجح ساندرز في استقطابهن.