سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
في ندوة صحفية للمندوب السامي للتخطيط خصصها لتقييم حصيلة سنة 2015 وكذا تقديم الميزانية الاقتصادية التوقعية لسنة 2016: المندوبية تتوقع نموا بحوالي 1,3 بالمائة سنة 2016 في مقابل 4,4 بالمائة سنة 2015
عقد السيد أحمد الحليمي علمي، المندوب السامي للتخطيط ، ندوة صحفية يوم الأربعاء الماضي بالدارالبيضاء ، خصصها لتقييم حصيلة سنة 2015 ، وكذا تقديم الميزانية الاقتصادية التوقعية لسنة 2016 . وبخصوص تقييم حصيلة السنة المنصرمة ، ذكر السيد أحمد الحليمي، أن المغرب استفاد خلال سنة 2015 من تراجع الأسعار العالمية للمواد الطاقية والمواد الأولية، وهو ما مكنه من تسهيل إصلاح صندوق المقاصة، دون ارتفاع ملموس للمستوى العام للأسعار وتقليص اختلال التوازنات الماكر واقتصادية ، منها تقليص عجز الميزانية إلى ناقص 4,4 بالمائة من الناتج الداخلي الإجمالي، وتراجع العجز التجاري للسلع ب 18,7% والعجز الجاري لميزان الآداءات بناقص 2,3 بالمائة من الناتج الداخلي الإجمالي ، وهو ما مكن الموجودات الخارجية الصافية، من أن تصل إلى حوالي 224,6 مليار درهم سنة 2015، حيث ستمكن من تغطية 6,8 أشهر من الواردات من السلع والخدمات، بينما انتقل عجز السيولة البنكية من 68,4 مليار سنة 2013 إلى 16,5 مليار سنة 2015. وتوقف المندوب السامي أمام الظرفية الاقتصادية، المتميزة بتأثيرات الظروف المناخية على الاقتصاد الوطني والمساهمة المتواضعة للأنشطة غير الفلاحية في نموه ، مشيرا إلى أن الموسم الفلاحي 2015-2016 يصنف من ضمن السنوات الأكثر جفافا التي عرفها المغرب ، وذلك بالتزامن مع بروز ظاهرة "النينيو"، التي ستجعل الموسم الفلاحي الحالي شبيها بسنوات 1995 و2007، سواء على مستوى التساقطات المطرية أو توزيعها المجالي والزماني. وذكر المندوب السامي ، أن القيمة المضافة للقطاع الفلاحي خلال هاتين السنتين عرفت تراجعا ب 41% و20,8% على التوالي، حيث ستعرف سنة 2016، حسب توقعات المندوبية ، انخفاضا ب 10,2%، قبل أن تتم مراجعتها فيما بعد على أمل تحسن الظروف المناخية خلال شهري فبراير ومارس. غير أن تأثير الجفاف على النشاط الفلاحي، سيتقلص سنة 2016، نتيجة التحسن النسبي للزراعات السقوية وإنتاج زراعات التشجير، التي تستفيد من تناوب دورة الإنتاج، وكذا نتيجة الاحتياطيات المهمة من الأعلاف وتحسن الوضعية المادية الفلاحين، بعد الموسم الفلاحي الجيد خلال سنة 2015، فضلا عن تقوية برامج الاستثمار والدعم التقني والمالي لمخطط المغرب الأخضر. وبفضل هذه البرامج، يقول السيد لحليمي ، يتعين الشروع في مسلسل طويل لتحديث هياكل القطاع الفلاحي وتحسين إنتاجيته، غير أن هذا القطاع سيواصل تأثره بالظروف المناخية وبالتالي تأثيره على النمو الاقتصادي ، فالظاهرة البنيوية التي تطرح نفسها اليوم تكمن في ضعف نمو القطاع غير الفلاحي، حيث انتقلت وتيرة نموه من 4,7% سنويا خلال الفترة 2004-2012 إلى 2% خلال 2013-2015. ويعزى هذا التراجع إلى التباطؤ الكبير لأنشطة القطاع الثالثي التي تمثل 66% من القيمة المضافة للأنشطة غير الفلاحية. وساهمت أنشطة الخدمات المالية والعقارية والخدمات المقدمة للمقاولات، والتي بلغت حصتها في هذه الأنشطة 32%، والمرتبطة بالفروع الحديثة للاقتصاد، بشكل كبير في هذا التراجع. وانتقلت وتيرة نموها من 5,9% كمتوسط سنوي خلال الفترة 2004-2012 إلى 1,8% سنة 2015 ، بالإضافة إلى ذلك، عرفت الخدمات غير التسويقية، التي تأثرت بالسياسة المالية التقشفية، تراجعا في ديناميتها بعد الارتفاع الملحوظ خلال الفترة 2003-2013. وبالإضافة إلى تراجع قطاع الخدمات، ذكر السيد لحليمي ، أن الأنشطة غير الفلاحية تأثرت بضعف القطاع الثانوي، الذي يتكون أساسا من الأنشطة التقليدية، كصناعات النسيج والصناعات الغذائية، حيث واصلت حصتها في إجمالي الصادرات انخفاضها، لتنتقل من 40% سنة 2007 إلى 29% سنة 2015. إن القطاعات الصاعدة للمهن الجديدة كصناعة السيارات والطائرات، التي عرفت دينامية مهمة، ساهمت في تحسين مستوى تنافسية صادراتنا، غير أنها لم تتمكن من النهوض بالنسيج الإنتاجي ومن الرفع من القيمة المضافة للقطاع غير الفلاحي. وبناء على زيادة القيمة المضافة للقطاع الفلاحي ب 14,2% وارتفاع أنشطة القطاع غير الفلاحي ب 1,8 %، قال المندوب السامي للتخطيط ، أن تقديرات المندوبية للنمو الاقتصادي تتوقع تحقيق معدل في حدود 4,4% سنة 2015، وهي نفس الوتيرة المتوقعة في الميزانية الاستشرافية الصادرة خلال شهر يونيو من سنة 2015. وبخصوص توقعات المندوبية لتطور الاقتصاد الوطني، فإن النمو الاقتصادي سيصل إلى حوالي 1,3% سنة 2016. ويعزى ذلك إلى تراجع حصة أنشطة القطاع الفلاحي لتستقر في حدود 12,7%، والذي ستقارب نتائجه تلك المسجلة خلال المواسم الفلاحية الجافة ، كما يعزى ذلك أيضا إلى وتيرة النمو المتواضعة للأنشطة غير الفلاحية التي قدرت ب 2,2%. وحسب المندوب السامي ، فالطلب الداخلي ، سيواصل تراجعه الملحوظ نتيجة مجهودات الاستثمار غير مدعمة وتراجع للاستهلاك ، حيث ستعرف نفقات استهلاك زيادة ب 2,9%، وهو أدنى معدل تم تسجيله على مدى الثمانية السنوات الماضية، في حين سيواصل الاستثمار الإجمالي سلسلة تراجعاته لينتقل من34,7% من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2013 إلى 29,6% سنة 2016 ، ويتعلق المنحى التنازلي خاصة ب استثمارات المقاولات، في سياق يتسم بتراجع التمويل، لتنتقل وتيرة النمو السنوية للقروض البنكية من 6% خلال الفترة 2009-2011 إلى 3,6% خلال الفترة 2012-2014. ومن جهة أخرى ، وعلى مستوى الماكرو اقتصادي أشار السيد أحمد لحليمي ، إلى أنه وبجانب المجهود المبذول من طرف المغرب لتقويم الاختلالات الاقتصادية الأساسية ، فإنه لابد من الانتباه إلى النزعة الانخفاضية للطلب الداخلي الذي يشكل المصدر الأساسي لنمو القطاع غير الفلاحي، وذلك رغم التحكم في التضخم إلى حدود من بين أدنى المستويات المعروفة في العالم، ذلك على الرغم من الوضعية المريحة للسيولات النقدية المستفيدة من إعادة تراكم احتياطات العملة الصعبة. وأنه كذلك ، وعلى الرغم من المساهمة المتنامية، ولو بمستويات ضعيفة، للطلب الخارجي في النمو، فإن هذه المساهمة تبقى ذات طابع ظرفي ما لم يتقو العرض الإنتاجي القابل للتصدير ويعرف تنوعا في بنياته وارتفاعا في إنتاجيته، وهذا ما يحيل على إشكالية النزعة التباطئية للأنشطة غير الفلاحية ولضعف تنمية محيطها الإنتاجي . وأضاف المندوب السامي ، أنه في الوقت الذي يكتسي أكثر من أي وقت مضى دور الاستثمار طابعا استراتيجيا لضمان تحسن دائم للنمو والتشغيل، يلاحظ أن انخفاض عجز الميزانية العامة يتحقق من خلال خفوت مجهود الاستثمار العمومي دون أن يعوضه مجهود الرأسمال الخاص ولا أن تدعمه سياسة نقدية اعتمادا على ما توفر لها الوضعية الدولية المواتية. وعلى مستوى الظرفية الاقتصادية، أبدى السيد لحليمي مخاوفه من التهديدات التي تتربص بالماشية والتشغيل والدخل لدى المزارعين، وكذا بالموارد المائية التي من المحقق أن تعرف توترات حقيقية في حالة عدم تحسن الظروف المناخية ، مشددا على الانتباه إلى ما تكتسيه هذه الظرفية من إعادة طرح إشكالية الفقر والفوارق الاجتماعية والمجالية التي قد تنطوي عليها تطورات الوضعية في العالم القروي وعلى الصعيد الوطني.