يعتبر قطاع الفلاحة من المصادر التي يعتمد عليها سكان إقليم تاوريرت الذي يعتبر منطقة فلاحية من الدرجة الأولى ويشتهر بزراعة الحبوب والخضروات والأشجار المثمرة ، وتؤكد المساحة المخصصة للزراعة بمختلف أنواعها ( ما يزيد عن 125 ألف هكتار منها 116 ألف هكتار بورية تستعمل لزراعة الحبوب و 9 آلاف هكتار مسقية تخصص لزراعة الكلأ والخضر والفواكه والأشجار المثمرة سيما أشجار الزيتون التي تتميز بجودة الثمار والزيوت المستخلصة منها ) وإعداد الماشية بمختلف أصنافها ( أزيد من 450 ألف رأس ) الدور المهم للمنطقة في الفلاحة الوطنية ، ورغم أن الإقليم الفتي المغلوب على أمره حباه الله بمعطيات طبيعية وموارد مائية سطحية وباطنية ويتوفر على ثلاثة سدود لكنه ومع كامل الأسف لا يستفيد من موارده المائية بالشكل المطلوب ،، فمنذ بداية الموسم ألفلاحي الحالي 15 / 2016 وأنظار الفلاح مشدودة إلى السماء في انتظار غيث يقيه شر الجفاف ، لكن بسبب ( التأثيرات المناخية المنخفضة ) وتأخر التساقطات المطرية خلال شهر أكتوبر ونونبر و أيام شهر دجنبر الجاري وبسبب موجة الصقيع ، ضاع كل شيء وخاب أمل الفلاحين الذين قاموا بحرث عشرات الهكتارات والبقع الأرضية في البور والسهول والمرتفعات ، وبدأت بوادر أزمة حقيقية تظهر في الأفق وذلك بسبب الأضرار الواضحة التي بدأت تلحق المحاصيل الزراعية والغطاء النباتي والعيون المائية بالعديد من الجماعات القروية ، علما بان بعض مناطق الإقليم شهدت خلال بداية الموسم ألفلاحي الحالي تساقطات مطرية مهمة مما شجع العديد من الفلاحين على حرث أراضيهم الفلاحية ،، ومن خلال زيارتنا للعديد من الجهات ومجالستنا لمجوعة من الفلاحين من مختلف جهات الإقليم وفي سياق تبادل الحديث حول نسبة الأضرار التي تلحق بالمحاصيل الزراعية بسبب تأخر التساقطات المطرية ، اتضح أن هذه النسبة تصل إلى 80 % بل هناك جهات سيلحقها الضرر بنسبة % 100 ..... وقد لمسنا أيضا مدى تأثر هؤلاء الفلاحين بالأزمة الحاصلة سواء في مجال استغلال الأرض وتربية الماشية باعتبارها الركائز الأساسية التي يتوقف عليها مستقبل رجل البادية ، وقد عبر احد المواطنين من قبيلة السجع بجماعة لقططير في تصريح مختصر جامع وشامل : « لقد يبس كل شيء ....» واستطرد مواطن من دوار أولاد أمحمد قائلا : « إذا بقيت الحالة عما هي عليه ولم تكن هناك التفاتة من الجهات المعنية سأكون مضطرا ( أنا وأفراد عائلتي ) إلى مغادرة القرية إلى مدينة تاوريرت لنرتاح جميعا من الوضعية المتأزمة ومن العزلة ....» أما آخر فقال : « لم يبق لا زرع ولا إنتاج ولا ماء ، فماذا بقي لي أن افعل بالبادية ....» وإذا كانت بعض المناطق ( وخاصة السقوية ) عرفت المحاصيل الزراعية فيه انتعاشا ملموسا ، لكن نوعا من الطيور المتسلطة والمعروفة لدى ساكنة المنطقة ب « ترابكر « قد تكاثر بشكل لافت للنظر ، وأصبح يتحرك في الصباح الباكر من كل يوم وبأسراب كبيرة عبر المناطق وخاصة الأراضي المزروعة ، وأخذ يعبث بسنابلها ،، كما أثرت موجة الصقيع القوية التي يشهدها المغرب هذه الأيام على المحاصيل الزراعية خاصة أصناف الخضراوات والفواكه . وكان لانخفاض درجات الحرارة كذلك اثر على المحاصيل الفلاحية ، خاصة الخضر والفواكه ، ودعا المكلفون بالقطاع ألفلاحي أن الفلاحين مطالبون حاليا بسقي أراضيهم يوميا بعد إن كانوا يسقونها مرتين في الأسبوع تفاديا إلى خسارة المنتوج بأكمله . كما يشكو الفلاحون بمجموعة من الجماعات القروية بإلاقليم ( أيضا ) من انتشار للخنزير / الحلوف الذي يعبث فسادا في الأراضي الفلاحية ، حيث يتلف كل المزروعات مما يترتب عنه أضرارا جد قاسية ضدهم ... وتجدر الإشارة ، أن الخنزير يتخذ من أشجار " العريش " الكثيف والمتداخل والمتواجد على ضفاف الوديان والأنهار مثلا – مهراز ، وادي زا ، ملوية ،، و ،، - مأوى يختفي فيها من مطارديه وتساعده على التكاثر والتوالد ... وتبقى مادة " الذرة " من أنواع المنتوجات الفلاحية المفضلة له، كما أن أشجار الزيتون والسواقي لم تسلم هي الأخرى من هجوماته بحثا عن حبات الزيتون و الحشرات " الديدان " تحت السواقي ،، وقد سبق لجريدة " العلم " أن نبهت مرارا وتكرارا إلى ذلك ، لكن الحملات تبين فيما بعد أنها لم تعط أكلها الشيء الذي رفع من نسبة التكاثر والتوالد ، وهناك من يرى أن هذا الحيوان / المشاكس سيضرب أرقاما قياسية بجماعات الإقليم ... وتفيد الأخبار المتداولة أن الخنزير القادم من الغابات والمحميات وصل إلى حي موجنيبة على ضفة الخط ألسككي بتاوريرت ، والى الضيعات الفلاحية بمحيط المسبح البلدي ، ولا يستبعد أن نرى الخنزير / ذي الحصانة يتجول بين ظهرينا وسط مدينة تاوريرت وبحديقة العمالة ومحيط تجزئة المسيرة ،، ونشير أيضا أن مشكل الخنزير شكل فيما سبق نقطة ساخنة ميزت إحدى دورات المجلس الإقليمي لعمالة تاوريرت ، وقد أدلى جميع الأعضاء آنذاك بدلوهم في شان الإصرار التي مافتئ يخلفها الخنزير ،، لكن السؤال المطروح هنا فيما تنفع حملات صبيحة يوم الأحد إن كان الخنزير يؤقت هجوما ته الشرسة على المحروثات والمزروعات والاغراس ليلا ، ليختفي بعد ذلك في الأماكن التي لا يستطيع أن يصلها الإنسان ؟؟؟.... فالي متى تظل مثل هذه الحالات قائمة خاصة وان الفلاحين متخوفون على فلاحتهم المهددة باستمرار سواء من الهجوم العنيف للخنزير والزاوش والفئران والكلاب الضالة أو الفيضانات التي تأتي على كل المزروعات بإتلافها والعبث بها والتأثير عليها ؟؟ ..... إن الفلاح متخوف اشد التخوف من ارتفاع أثمان الأعلاف ( الشمندر ، الفوراج ، الفصة، التبن، النخالة ) إن الواجب يفرض إعادة النظر في التعامل مع الفلاح الصغير وذلك بالتركيز على المعطيات الأساسية التي نجملها فيما يلي : إعادة النظر في تاريخ أداء القرض ألفلاحي الذي يؤدى بعد عملية الحصاد ، بحيث أن السلفات لا تستوفي السنة عند الفلاح وانه في هذه الفترة يشدد الخناق على الفلاح لبيع منتوجه بأي ثمن للتخلص من الديون ومترتبات الفوائد في حالة التخلف عن هذا الموعد،، إعادة النظر في أثمان البذور والأسمدة والأدوية وباقي المكونات الفلاحية التي لا تتناسب وقدرة الفلاح وتوفيرها حسب الطلب لمحاربة الاحتكار ،، توفير الشغل للفلاحين للتعويض عما فقدوه من ثروات فلاحية تشكل العمود الفقري لنشاطهم الاقتصادي والمصدر الأساسي لقوتهم اليومي ،، وضع مخطط تنموي اجتماعي واقتصادي لإنقاذ مواطني المناطق المتضررة من كارثة منتظرة تجنبهم هجرة جماعية كما تدعو الضرورة إلى خلق مزيد من اوراش بناء الطرق الثلاثية وذلك للدور الهام الذي تلعبه في تنمية العالم القروي ن كما تدعو الضرورة إلى إحداث مراكز التكوين المهني حتى تتوفر البادية على يد عاملة متخصصة ،، وإذا كانت بعض المناطق ستعرف مستقبلا عملية السقي في إطار مشروع منطقة تافراطة ، فهناك مناطق لن تشملها العملية وهو ما يتطلب التفاتة مستقبلية لهذه الأراضي وفلاحيها بكل الضروريات ،، إننا ننبه من يعنيهم الأمر الذين كانوا يعدون الفلاحين إلى تحويل مناطقهم خضراء إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة والمستعجلة لتفادي مخلفات هذه الوضعية التي آلت إليها الأوساط الاجتماعية ببادية إقليم تاوريرت قبل لن يستفحل الداء.