حقق حزب "الجبهة الوطنية" اليميني المتطرف إنجازا تاريخيا بتصدره نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الجهوية الفرنسية التي جرت الأحد، بنسبة 30.6 في المئة من أصوات الناخبين، مقابل 27 في المئة لحزب "الجمهوريين" (اليمين المعتدل) و22.7 ل "الحزب الاشتراكي" اليساري الحاكم. وحل حزب مارين لوبان في الطليعة بست مناطق من أصل 13، بحسب آخر التقديرات. وتقدمت الجبهة الوطنية بفارق كبير على المعارضة اليمينية والحزب الاشتراكي الحاكم في 3 مناطق رئيسية، في الشمال في منطقة (بيكاردي) حيث ترشحت رئيسة الجبهة مارين لوبن، وفي الجنوب الشرقي في منطقة كوت دازور حيث تقدمت ابنة أختها ماريون ماريشال لوبن، وفي الشرق في منطقة ألزاس لوران، حيث تقدم فلوريان فيليبو أحد منظري الحزب. وفي انتظار الدور الثاني بعد أسبوع، يكون الحزب اليميني المتطرف قد حقق أفضل نتائجه منذ تأسيسه في أوائل السبعينات، وتفوق على أكثر التوقعات تفاؤلا بتسجيله نتائج "جيدة"، متسببا في صدمة عنيفة وغير مسبوقة للطبقة السياسية في فرنسا. وإذا تأكد تفوقه في الدور الثاني، فستكون النتيجة بمثابة دفعة قوية لماري لوبن التي كانت تأمل أن يأتي حزبها المناهض للهجرة وللعملة الأوروبية الموحدة في المركز الأول في الجولة الأولى لتعزيز فرصها في الانتخابات الرئاسية المقررة في 2017. وفيما أشادت مارين لوبن في أول تعقيب لها ب "النتيجة الرائعة" التي حققها حزبها في هذه الدورة الأولى من الانتخابات التي تجاوزت نسبة المشاركة فيها 45 في المئة، أعلن زعيم المعارضة اليمينية نيكولا ساركوزي رفضه لأي تحالف مع اليسار في الدورة الثانية الأحد المقبل لقطع الطريق أمام اليمين المتطرف الذي حل في الطليعة في الدورة الأولى الأحد، ولأي "سحب" للوائح حزبه (الجمهوريون) الذي قال إنه يمثل "البديل الوحيد الممكن" في المناطق التي قد يفوز فيها حزب "الجبهة الوطنية". اليميني المتطرف بزعامة مارين لوبن. وهيمنت أحداث باريس الدامية على الحملة الانتخابية التي كشفت بجلاء ملامح العداء التي يضمرها اليمين المتطرف للإسلام والمسلمين من خلال تصريحات نارية لزعمائه تكرس مظاهر التحقير للمسلمين وتنكر حقهم في إثبات ذواتهم من خلال جغرافيا مسلمة تبني وجودهم على أساس التميز الإسلامي. ولا يفوت اليمين المتطرف أية هجمة إرهابية بغيضة على فرنسا ليبني رصيده السياسي على قضيتين أساسيتين هما الإسلام والهجرة. ولما فشل في كسب التأييد الشعبي لموقفه الناقم على الهجرة، عمد إلى توجيه أنظار الفرنسيين والأوربيين بشكل عام، نحو الإسلام والإرهاب على اعتبار أنهما العدوان الجديدان بعد سقوط الاتحاد السوفياتي وحلف وارسو. ويمكن القول إنه حقق بعض النجاح في هذا الاتجاه، حيث العديد من الساسة والإعلاميين الفرنسيين المحسوبين على التيار الاشتراكي بدأ ينتابهم القلق من الحضور الإسلامي حتى وإن كان هذا الحضور منفتحا ومتفهما للعلمانية التي تسكن الضمير السياسي الفرنسي منذ قرن ويزيد. ويخشى المسلمون في معظمهم من أن يتحول العداء للإسلام وتغذية الإسلاموفوبيا، من منهج شعبوي انتخابي متطرف إلى منظومة فكرية قد تتلاقى حولها نخب فكرية وسياسية تجمع العديد من التيارات.