إيطاليا تؤكد على الشراكة الاستراتيجية "الأساسية" بين أوروبا والمغرب    في إنزال وطني بالرباط.. طلبة الطب يطالبون بإقالة ميراويو (صور وفيديو)    "الاستقلال" يصادق على اللجنة التنفيذية    رحيل أيقونة الفن المغربي نعيمة المشرقي عن عمر يناهز 81 عاما    مطالب نقابية لأخنوش بالإشراف المباشر على الحوار الاجتماعي بقطاع الصحة    حزب الله: التواصل مع صفي الدين "مقطوع"    "الأسود" يلتحقون بمعسكر المعمورة    محكمة تغرم مجلس جماعي 5 مليون لفائدة سيدة تعرض لهجوم كلاب ضالة    وفاة الممثلة المغربية نعيمة المشرقي    هكذا كان رد أمين حارث على وليد الركراكي … !    مصدر ل"برلمان.كوم": المغرب يواصل تنويع شراكاته ويمدد اتفاقية الصيد مع روسيا.. وقرار العدل الأوروبية عزلها دوليا    بلجيكا من دون دي بروين ولوكاكو أمام إيطاليا وفرنسا    الفنانة المغربية نعيمة المشرقي تغادرنا إلى دار البقاء    في عمر ال81 سنة…الممثلة نعيمة المشرقي تغادر الحياة    "احذروا".. زخات رعدية قوية مصحوبة ب"التبروري" وبهبات رياح غدا الأحد بعدد من المناطق        مجلس جماعة امطالسة يصادق على ميزانية 2025 وتمويل اقتناء عقار لاحتضان مركب للتكوين في المهن التمريضية    التوقيع بالجديدة على إعلان نوايا مشترك لتعزيز التعاون المغربي الفرنسي في قطاع الخيول        "لا يقول صباح الخير".. لويس سواريز يهاجم مدرب المنتخب مارسيلو بييلسا    وفاة الممثلة القديرة نعيمة المشرقي بعد مسار فني حافل بالعطاء    أيقونة الفن المغربي نعيمة المشرقي تغادر دنيا الناس    توقيف شخص بطنجة لتورطه في قضية تتعلق بالسرقة بالعنف باستعمال السلاح الأبيض    عام على الإبادة... أوقاف غزة: إسرائيل دمرت 79 في المائة من المساجد و3 كنائس واستهدفت 19 مقبرة    رحيل أيقونة الفن المغربي نعيمة المشرقي    معاناة 40 بالمائة من أطفال العالم من قصر النظر بحلول 2050 (دراسة)        البكوري: عملنا يستند على إعمال مبدأ القانون في معالجة كل القضايا مع الحرص على المال العمومي    استجواب وزيرة الانتقال الطاقي أمام البرلمان عن الفجوة بين أسعار المحروقات في السوقين الدولية والوطنية    رسالة بنموسى في اليوم العالمي للمدرس    "أطباء لبنان" تطلق نداء عاجلا لوقف "مجزرة" إسرائيل بحق الجهاز الصحي    هيئة: أكثر من 100 مظاهرة في 58 مدينة مغربية تخليدا للذكرى الأولى لمعركة "طوفان الأقصى"    الجامعة تحدد أسعار تذاكر مباراة الأسود وإفريقيا الوسطى    جيش إسرائيل يقصف مسجدا بجنوب لبنان    شركات يابانية تلجأ إلى الذكاء الاصطناعي لتعويض نقص العمالة    السكوري يُطلق منصة رقمية لخدمة التشغيل        من قرية تامري شمال أكادير.. موطن "الموز البلدي" الذي يتميز بحلاوته وبسعره المنخفض نسبيا (صور)    دراسة تكشف معاناة 40 % من أطفال العالم من قصر النظر بحلول 2050    وزير الإعلام الفلسطيني يزور مقر الفيدرالية المغربية لناشري الصحف بالدار البيضاء    قافلة المقاول الذاتي تصل الى اقليم الحسيمة    بعد قرار محكمة العدل الأوروبية.. هنغاريا تؤكد على الشراكة الاستراتيجية مع المغرب وتدرس تطويرها وتوسعتها لمجالات عدة    الحسيمة.. تخليد الذكرى 69 لانطلاق العمليات الأولى لجيش التحرير بالشمال    محكمة التحكيم الرياضي تخفف عقوبة توقيف بوغبا        طقس السبت ممطر في بعض المناطق    "ميتا" تعلن عن إنشاء نموذج ذكاء اصطناعي جديد    مدرسة التكنولوجيا تستقبل طلبة بنصالح    مهنيون يرممون نقص الثروات السمكية    تسجيل حالة إصابة جديدة ب"كوفيد-19″        إيقاعات ناس الغيوان والشاب خالد تلهب جمهور مهرجان "الفن" في الدار البيضاء    وزارة الصحة تكشف حقيقة ما يتم تداوله حول مياه "عين أطلس"    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الذكرى الستين لاستقلال المغرب: الاستقلال حلقات مترابطة من البناء وتجديد الانتماء.. بقلم // ع. القادر الإدريسي
نشر في العلم يوم 19 - 11 - 2015

بحلول الذكرى الستين لاستقلال المغرب، تعود إلى الذاكرة ملحمة المجد التي قادها جلالة الملك محمد الخامس أبو الحركة الوطنية، الذي ناضل مع شعبه، فكان رائداً للنضال من أجل التحرير والاستقلال، ونموذجاً راقياً للثبات والصمود والتضحية من أجل أن يعيش المغاربة أحراراً في وطن حر، فدخل التاريخ من بابه الواسع، باعتباره ملكاً خاض المعارك ضد الاستعمار، ورفض أن يستسلم له، وقاوم فكان المقاوم الأول، وثار في وجه الدسائس الاستعمارية حتى كان الملك الثائر الذي قاد ثورة الملك والشعب في بعدها العميق، وليس في مداها التاريخي وحيزها الزمني، على اعتبار أن المعارك الوطنية التي انخرط فيها الملك منذ سنة 1930 وإلى أن عاد مظفراً منتصراً إلى أرض الوطن في 16 نوفمبر سنة 1955، كانت حلقات متعاقبة من ثورة الملك والشعب من أجل طرد المستعمرين، وتحرير الإرادة الشعبية، واستعادة السيادة الوطنية التي اغتصبت في 30 مارس سنة 1912 بالتوقيع على معاهدة فاس الذي جرى في ظروف مشبوهة وتحت الضغط والإكراه والتمويه والتزوير والتزييف.
لقد استرجع المغرب استقلاله الوطني بعودة جلالة الملك محمد الخامس إلى أرض الوطن من المنفى الذي دام ثمانية وعشرين شهراً، وتزامنت تلك العودة المظفرة مع حلول عيد العرش في 18 نوفمبر سنة 1955، الذي وجّه فيه جلالة الملك خطاباً إلى شعبه قال فيه (في هذا اليوم الميمون أزف لك، شعبي العزيز، بشرى انتهاء عهد الحجر والحماية، وبزوغ فجر الاستقلال والحرية). وعلى الرغم من فسخ عقد الحماية والإعلان عن استقلال المغرب قد تما يوم 2 مارس سنة 1956، فإن عودة جلالة الملك إلى الوطن كانت إعلاناً وطنياً عن استقلال المغرب. فقد حل جلالة الملك بباريس قادماً إليها من المنفى، يوم فاتح نوفمبر سنة 1955. وفي يوم 6 نوفمبر وقع جلالة الملك مع وزير خارجية فرنسا أنطوان بيني (تصريح لاسيل-سان-كلو) الذي اعترفت بموجبه الحكومة الفرنسية بمشروعية الملك محمد الخامس وبنهاية عقد الحماية الذي أصبح متجاوزاً. ومما جاء في ذلك التصريح (إن سلطان المغرب أكد موافقته على تشكيل حكومة مغربية للتسيير والتفاوض، فتكون ممثلة لمختلف التيارات الموجودة في الرأي المغربي (كذا)، ويكون من جملة مهامها إنجاز إصلاحات دستورية ذات نظام ملكي دستوري). وقبل أن يغادر جلالة الملك محمد الخامس فرنسا عائداً إلى الوطن، وجّه نداءاً إلى الشعب الذي قال فيه : (شعبنا الوفي النبيل، نوجّه لك هذا النداء، لنعبر لك عما يخالجنا من فرح عظيم بمناسبة رجوعنا القريب لوطننا العزيز، بعدما قضينا أكثر من عامين في المنفى، وقد كنا وإياك في المحنة سواء طيلة هذه الغربة نشاطرك آلامك ونقاسمك آمالك، وسنعود إليك ايها الشعب النبيل إن شاء الله، ونحن على ما تعهد منا من إيمان قوي وثبات على المبدإ، وسهر على مصالح الأمة، وعمل ما فيه خيرها وسعادتها). وبذلك يكون استقلال المغرب قد تم يوم عودة الملك، ويكون ما تم يوم 2 مارس سنة 1956، من باب تحصيل حاصل ليس إلاّ.
لقد كان الشعب المغربي يؤمن إيماناً راسخاً أن استقلال الوطن مرهون بعودة الملك من المنفى، وأن سيادة المغرب في سيادة العرش المغربي، وأن جلالة الملك محمد الخامس هو رمز الدولة المغربية. وكان الاستعمار الفرنسي يدرك هذا جيداً، ولذلك كان مصراً على نفي الملك وأسرته حتى يخلو له الجو، ويمارس سياسته الاستعمارية، فارتكب الجريمة الكبرى التي تحدّى بها القوانين الدولية، والتي كانت دافعاً قوياً لتفجير الأوضاع في المغرب في ثورة وطنية كان الملك هو رمزها وكان تحريره وإعادته إلى الوطن هما هدفها. فلم يكن محمد الخامس إلا خادم شعبه والمدافع الأمين عن سيادة الوطن. فلو لم يكن من هذا المستوى الراقي من الحكام والقادة الذين يملكون الإرادة والقدرة على الصمود والمواجهة والثبات على المبادئ الدينية والوطنية، لما كان النفي وما رافقه من محنة ومعاناة وغربة عن الوطن. ولذلك اقترن اسم جلالة الملك محمد الخامس بالاستقلال، فكان هو صنو الاستقلال ورمزه ومظهر للإرادة الوطنية المعبرة عنه. وهو ما تجلى في الاستقبال المنقطع النظير الذي خصصه الشعب للملك المنتصر العائد من المنفى إلى الوطن، فقد كانت تلك العودة، عودة للاستقلال الذي اغتصب في 30 مارس سنة 1912.
ولم تكن السبل معبدة أمام الملك المنتصر الذي تغلب على الإرادة الاستعمارية، ولم تكن الظروف مواتية تماماً لبناء الدولة المغربية المستقلة. وإنما كان على الملك أن يخوض معارك أخرى لتحرير السيادة الوطنية من الهيمنة الاستعمارية، ولترسيخ الأسس للدولة الحديثة، ولتحقيق مطالب الشعب في أن يتحرر من ضغوط المستعمر ويتخلص من مخلفاته، وفي أن تؤسس الدولة على قاعدة ديمقراطية، وفي إطار ملكية دستورية حتى تكون الانطلاقة سليمة. وقد بذل الملك جهوداً كبيرة، وقاوم الضغوط وانتصر في إقامة القواعد للدولة الحديثة، وإن لم يكمل بناء تلك القواعد، فقد عاجله الموت وهو في عز الشباب وفي ذروة العطاء والبناء. وجاء بعده وارث سره جلالة الملك الحسن الثاني، فواصل المسيرة الديمقراطية، وأقام نظام الملكية الدستورية وقطع أشواطاً في بناء الدولة الحديثة، ولكنه واجه تحديات قوية استطاع أن يقاومها في شجاعة نادرة، وتوجهت همة الملك إلى استكمال الوحدة الترابية للمملكة، فكان تحرير الصحراء المغربية بالمسيرة الخضراء أحد معالم العهد الحسني.
وإذا تجاوزنا المفهوم التقليدي لاستقلال الدول إلى المفهوم الحضاري الشامل والعميق، فإن الاستقلال ليس مرحلة تاريخية منفصلة عما يعقبها من مراحل، ولكنه حلقات مترابطة من البناء والنماء وتجديد الانتماء. ولذلك فإن الاستقلال يعلو ويشمخ ويتعزز ويترسخ بالإنجازات التي تتحقق وبالمكاسب التي تتراكم، وبالنقلات النوعية التي تتم، وبالانتصارات في معارك البناء والنماء. وهذا ما يتم خلال هذه المرحلة، بقيادة جلالة الملك محمد السادس الذي أقام القواعد الجديدة للمغرب المعاصر، وأنشأ الدولة الديمقراطية في إطار الملكية الدستورية، وجدّد وطوَّر، فكان ملك التجديد وقائد التطوير ورائد التحديث. وبذلك زاد استقلال المغرب قوةً ورسوخاً، وتعمّق مفهوم الاستقلال الوطني، وتعززت السيادة الوطنية، وأصبح المغرب دولة قوية ذات مناعة وقدرة على مواجهة التحديات من أي نوع كانت، ونموذجاً فريداً للدول الصاعدة الآمنة والمستقرة في محيطها العربي والإفريقي. وهذا الواقع الجديد المعيش هو من المكاسب العظيمة التي حققها المغرب بقيادة جلالة الملك محمد السادس، الذي يسير على هدى جده الملك الثائر المناضل محمد الخامس، ووالده الملك المجدد المحرر الحسن الثاني. فهذه حلقات مترابطة لا تنفصم عراها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.