استفاقت فرنسا أول مس على حداد عام على أرواح ضحايا الاعتداءات الإرهابية التي هزت باريس مساء الجمعة إثر عملية احتجاز رهائن وإطلاق نار وتفجيرات أوقعت 129 قتيلا إلى حد الآن وأكثر من 350 جريحا من بينهم 99 إصابتهم خطيرة، فيما قتل سبعة إرهابيين إما برصاص الشرطة أو بتفجير أنفسهم. وقد استهدفت الاعتداءات الإرهابية غير المسبوقة بفرنسا، مناطق مختلفة بباريس وتخللتها تفجيرات وعملية احتجاز رهائن وإطلاق رصاص، مما دفع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إلى إعلان حالة الطوارئ في البلاد وإغلاق الحدود، بينما أعرب العالم عن إدانته وسخطه. وكان حوالي 1500 شخص موجودين في مسرح باتاكلان عندما اقتحمه أربعة مهاجمين بدأو بإطلاق الرصاص عند المدخل على الجموع هاتفين الله اكبر. وعمد ثلاثة من المسلحين الأربعة إثر اقتحام قوات الأمن المكان إلى تفجير أحزمة ناسفة كانوا يضعونها على أجسادهم، في حين قتل الرابع برصاص الشرطة. ويقع المسرح على مسافة قريبة من مقر صحيفة "شارلي إيبدو" الساخرة التي هاجمها إرهابيون في يناير 2015 وقتلوا عددا من أعضاء مجلس التحرير والعاملين فيها. ومن بين الأعمال الإرهابية الأخرى التي شهدتها باريس مساء الجمعة، اعتداء وقع خارج ملعب فرنسا "ستاد دو فرانس" شمال العاصمة، تخللته ثلاثة انفجارات. وكان الرئيس الفرنسي موجودا في الملعب يشاهد مباراة ودية بين منتخبي ألمانياوفرنسا، إلى جانب حوالي ثمانين ألف متفرج آخرين، عندما تم إبلاغه بأن الانفجارات ليست عرضية وأن أحداثا تقع في مسرح باتاكلان، فغادر المكان. وأحصت الشرطة عددا من عمليات إطلاق النار ولاسيما في شارع بيشا وشارع شارون قرب ساحة الجمهورية، فيما انتشر 1500 جندي إضافي في الشوارع والأحياء الباريسية بناء على أمر من الرئيس فرانسوا هولاند الذي وصف ما حصل أمس بأنه "عمل حربي .. ارتكبه داعش ودبر من الخارج بتواطؤ داخلي"، مؤكدا على أن ما تدافع عنه فرنسا هو "الوطن لكن الأمر يتخطى ذلك بكثير، إنها قيم الإنسانية" داعيا الفرنسيين إلى "الوحدة ولم الشمل والهدوء. وتتوالى ردود فعل العديد من العواصم العالمية والمنظمات الإقليمية والدولية والمؤسسات الدينية المستنكرة للهجوم الذي يعد الأكثر دموية في تاريخ فرنسا، بين من وصفه ب"الهمجي الإرهابي الجبان" الذي لا يمكن التساهل معه، ومن رأى فيه استهدافا خسيسا للديمقراطية وللمبادئ الإنسانية العليا، وصنف مرتكبيه في خانة الظلام والبربرية الوحشية التي لا مكان لها ضمن منظومة القيم التي ينشدها إنسان اليوم. ويرى بعض المحللين من التيار اليساري الفرنسي تعليقًا على سلسلة الهجمات الإرهابية التي ضربت العاصمة الفرنسية، أن سياسات التمييز التي تنتهجها السلطات الفرنسية ضد المسلمين على أراضيها تسببت في انضمام المزيد من مواطنيها إلى التنظيمات المتطرفة في سورياوالعراق، وهو ما خلص إليه تقرير أصدره مجلس الشيوخ الفرنسي في أبريل الماضي والذي لفت إلى أن 1430 شخصا على الأقل من بين الجهاديين الأوروبيين الذين يقاتلون في صفوف داعش في العراقوسوريا، يحملون الجنسية الفرنسية. ورصدت أجهزة المخابرات الفرنسية خلال العام الجاري نحو 1570 شخصا آخر تعتقد باريس أنهم على صلة بطريقة أو بأخرى بشبكات إرهابية سورية، فيما هناك 7 آلاف آخرين من الفرنسيين عرضة لانتهاج نفس المسار والانضمام إلى المسلحين، لافتة إلى أن أكثر من 150 شخصا فرنسيا يعتنقون الفكر المتشدد الآن في السجون الفرنسية.