ألقى وزير الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة بحجر ثقيل في المشهد السياسي والاجتماعي حين صرح في ندوة صحافية على هامش أشغال المنتدى الافريقي الحادي عشر اعتماد توجه ينزع نحو العمل بعقود عمل في الوظيفة العمومية كإجراء لتحديث المرفق العمومي بالمغرب، وذلك على غرار ماهو معمول به في القطاع الخاص. ومن شأن هذا التصريح أن يخلق الارتباك لدى جحافل العاملين في القطاع العمومي الذي يشغل حاليا 860 ألف موظف ضمنهم 521 ألف بالقطاعات الوزارية و 190 ألف بالمؤسسات العمومية و 150 ألف بالجماعات المحلية، بينما يحتضن قطاع التربية الوطنية 54 في المائة من هؤلاء الموظفين متبوعا بقطاع الداخلية ب 15,6 في المائة وقطاع الصحة ب 8,8 في المائة. وبالنظر إلى تصريح الوزير فإن هذه الأعداد الكبيرة ستخضع ل «عقد تصبح بموجبه الوظيفة مثل القطاع الخاص، بحيث يصبح مسارها مرتبطا بمردودية الموظف» هذا موازاة مع إعلان نية الحكومة اتخاذ إجراءات نقل الموظفين العموميين من أماكن عملهم نحو أماكن أخرى حسب الحاجيات حتى لو لم يطلب الموظف العمومي نقله. وتلقت بعض الجهات النقابية هذه التصريحات بنوع من التشكيك والتخوف، تحيل إلى أصداء الفاتح من ماي الأخير التي لاتزال تتردد بسبب مقاطعة مركزيات نقابية للتجمعات وإعلانها مواقف سلبية من حصيلة التشغيل وحالة الاحتقان التي خلفها عدم مأسسة الحوار الاجتماعي، وبالتالي فإن التوجه الذي تم الإعلان عنه من طرف وزير الوظيفة العمومية سيزيد من حالة التوتر والاحتجاجات، فيما وصفت جهات نقابية أن هذا الاتجاه ينساق وراء إملاءات المؤسسات الدولية الهادفة إلى رفع الدولة يدها عن أدوارها الاجتماعية في التوظيف وتقليص كتلة الأجور وخوصصة القطاع العمومي. في هذا السياق صرح عبد السلام اللبار باسم الاتحاد العام للشغالين بالمغرب أن المركزية النقابية التي يمثلها لا يمكنها أن تساير هذا الاتجاه الذي يميل في رأيه نحو تعقيد مسطرة العمل والرفع من معاناة الموظف، مضيفا أن الإدارة المغربية تنقصها آليات التحفيز الكفيلة بإرساء شروط المردودية التي يبحث عنها كل مسؤول إداري. كما أكد عبد السلام اللبار أن اعتماد عقود العمل يضع الموظف تحت مزاج الرئيس المباشر وهذا سيخلق بلبلة، ليشير إلى أن تخليق الإدارة يجب أن يسايره التحفيز وتطوير أساليب الإدارة دون أن يعني ذلك المجازفة واعتماد إصلاح على حساب الموظف. ونبه في هذا الإطار إلى ما يحدث في القطاع الخاص من تحايل في عقود الأجراء وتجديدها مرارا وتكرارا ما يؤثر على الاستقرار النفسي للأجير وسعيه إلى الترسيم، فضلا عن التسريحات التي تؤثر سلبا على عملية استقطاب القطاع الخاص لليد العاملة. وأعلن في الختام أن الاتحاد العام للشغالين يحترم رأي الوزير لكنه يدعو إلى الاستشارة مع النقابات وينبه إلى أن النجاعة في الإصلاح تقتضي عدم كبح الموظف وقتل روح العمل.