بصوت مبحوح تكاد الحشرجة تمنع كلماته من الانبثاق من بين الشفتين تحدث عم الضحية ليخبرنا والحزن يعتصر قلبه أن الشاب الذي صدمته سيارة قبل أزيد من شهر قد لفظ أنفاسه الأخيرة، بعد أن ظل طيلة المدة التي تلت الحادثة جثة هامدة، فاقدا للوعي لا يستطيع إلى الحركة أو الكلام سبيلا.. حزن ظهر على أفراد الأسرة مضاعفا لأن النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية ببرشيد قررت مباشرة بعد إحالة السائق عليها تمتيعه بالسراح، والإفراج عن السيارة التي يخيل لكل من شاهدها أنها ارتطمت بعود إسمنتي، وليس بآدمي.. مات «يوسف الظريف» هكذا اتصل بنا عم الضحية المعروف بلقب «بلفقير» ليخبرنا أن يد المنون امتدت ظهر أمس الأحد إلى هذا الشاب لتضع حدا للمعاناة التي تسبب له فيها سائق متهور، كان يسير في الاتجاه المعاكس، ليقذف به إلى المجهول، ليعيش حيا كالأموات طيلة شهر.. وتعيش أسرته أياما من الضياع والتيه بين أقسام المستشفيات ومصالحها، من المصحات الخاصة إلى المستشفيات العمومية.. متشبثين بالأمل الذي سبق للطبيب أن زفه للأسرة قائلا إن: «يوسف إن عاش سيظل بقية العمر مشلولا عاجزا عن الحركة»... قصة معاناة «يوسف» انطلقت في الأسبوع الأول من شهر شتنبر الماضي ، عندما كان يسير آمنا مطمئنا قرب تجزئة التلال بجماعة سيدي رحال الشاطئ.. لم يكن يدري هو ولا أسرته الصغيرة، أن سائقا متهورا، اختار «عنوة» أن يسير في الاتجاه المعاكس والممنوع من طريق آزمور، سيعجل بوضع حد لسلامته وطمأنينة أسرته، عندما صدمه بقوة، ليحمل جسده فوق مقدمة السيارة ويسير به مسافة بلغت عشرات الأمتار، قبل أن يتركه مضرجا في دمائه، ليفر بالسيارة إلى وجهة مجهولة. وكان بعض من التقت «أحداث أنفو» مباشرة بعد الإفراج عن السائق صرحوا بكثير من الغيظ بأنه «كاذب من قال إننا سواسية أمام القانون»، عندما اختاروا الحديث عن تفاصيل حادثة كان ضحيتها شاب في مقتبل العمر، رقد 12 يوما بعد الحادثة بقسم العناية المركزة بمصحة البيضاء، كلفت أسرته حوالي 90 ألف درهم، قبل أن تضطر إلى نقله إلى مستعجلات مستشفى ابن رشد، ليظل يصارع آلامه من أجل التشبث بالحياة هو الذي أصيب إصابات بليغة بالرأس والعمود الفقري، فغدا لا يقوى على الحركة ولا يستطيع الكلام، فلم تنجح العملية الجراحية التي أجريت له بمستشفى ابن رشد. ورغم كل ذلك قررت النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية ببرشيد إخلاء سبيل من تسبب لهذا الشاب في معاناته، والأكثر من ذلك أن تعليمات من وكيل الملك صدرت إلى مركز الدرك الملكي بسيدي رحال قضت بالإفراج عن السيارة التي كانت رهن الحجز، هي التي تضررت كثيرا بفعل الحادث، فكيف سيكون الضرر الذي ألحقته بمن صدمته.. حيث فارق الحياة ظهر الأحد الماضي. كان «يوسف الظريف» يشع حيوية ونشاطا، ويساهم في إعالة أسرته بما يكسبه من عرق جبينه، بعد أن احترف مهنة الحلاقة. ولأن مجموعة من الأشخاص عاينوا هذه الحادثة، وكانوا شهودا عليها، لحق بعض أصحاب الدراجات النارية الثلاثية العجلات بالسيارة الفارة، حيث تمكنوا من إيقافها قرب «دوار الغابة»، ليتم تقديمه إلى مركز الدرك الملكي.. وحتى بعد الاستماع إليه وتسجيل محضر بمخالفته التي تسببت في معاناة شاب في مقتبل العمر.. قررت النيابة العامة تمتيعه بالسراح.. فماذا عساها تفعل لتطبيق القانون بعد أن لفظ الشاب الضحية أنفاسه الأخيرة متأثرا بالإصابات البليغة التي أصابته في مقتل..؟