عبر جمعويون عن عدم ارتياحهم لاتفاقيات التبادل الحر، ودق هؤلاء الجمعويون ناقوس الخطر جراء ما ترتب عن الأربع حلقات من المفاوضات والتي عقدت آخرها ببروكسيل في ابريل 2014، وتم التأكيد على انجاز دراسة جدوى حول أثر الاتفاقية موضوع التفاوض من طرف المغرب، ودعا هؤلاء الجمعويون إلى لقاء نهاية هذا الأسبوع بالرباط لتقييم تجربة المغرب في هذا الإطار في غياب تقييم دقيق ومستقل لأكثر من 15 سنة من سياسة الانفتاح التجاري، وقد شرع المغرب في التفاوض من أجل التوقيع على «اتفاقية التبادل الحر الشامل والمعمق» مع الاتحاد الأوروبي، وفي مارس 2013 بدأت الحكومة هذه المشاورات مع الجانب الأوروبي، وهذا الاتفاق الجديد يتضمن تحريرا كليا لقطاع الخدمات وحركة رؤوس الأموال واندماج تام للمغرب في المنظومة الأوروبية. وفي هذا الإطار تندرج «حرب الطماطم» أو ما يسميه الاقتصاديون «قصة الطماطم» حيث اعتمد الاتحاد الأوروبي في دجنبر 2013 السياسة الفلاحية المشتركة 2014 2020 وفي أبريل 2014 أصدر مجلس الاتحاد الأوروبي من جانب واحد ودون تفاوض تدابير التنفيذ المترتبة عن هذا الإصلاح الذي ينطبق على الدول خارج الاتحاد الأوروبي بما في ذلك المغرب اعتبارا من 1 أكتوبر 2014. أشار كتاب أعدته جمعية «أطاك المغرب» أن هذه التدابير تشمل تعديل أحكام سعر دخول الفواكه والخضراوات، ويتعلق الأمر باستبدال آلية التعشير المحددة على أساس القيمة الحقيقية للسلع بمقدار جزافي عند الاستيراد يتم تحديده على أساس متوسط أسعار المنتجات المستوردة والمسوقة في 49 سوقا تمثيلية داخل الاتحاد الأوروبي فضلا عن إجمالي الكميات المستوردة، ومن شأن هذا التغيير أن يؤدي إلى رفع رسوم الدخول وبالتالي الحد من حجم الواردات وهذا سيؤدى إلى ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية المغربية مما سيجعلها أقل «تنافسية» بكثير في السوق الأوروبي. ويتمتع المغرب بموجب اتفاقية تحرير المنتجات الفلاحية فيما يخص الطماطم بحصة تصديرية سنوية تبلغ 240000 طن موزعة بين أكتوبر وماي مع سعر دخول اتفاقي (46,1 أورو على 100 كلغ) وإعفاء من الرسوم الجمركية وتتمتع الكميات المصدرة خارج هذه الحصة بتخفيض قدره 60% من الرسوم الجمركية أي دفع 57% بدلا من 14,4% المسجلة في التعريفة الجمركية المشتركة على أساس أسعار دخول منظمة التجارة العالمية والتي تتغير على مدار السنة على سبيل المثال من 62,6 يورو على 100 كلغ في أكتوبر إلى 112,6 يورو على 100 كلغ في أبريل، وعلى الرغم من هذا النظام الذي اعتبرته «أطاك المغرب» قاهرا تمكن المصدرون المغاربة في موسم 2013 2012 من تصدير حوالي 390,000 طن من الطماطم لأسواق الاتحاد الأوروبي فقط أي 150000 طن زائدة عن الحصة الثابتة المقدرة ب 240000 طن حسب الإتفاقية، وهذا الفائض هو المستهدف من خلال الأحكام الجديدة للمقدار الجزافي عند الاستيراد التي اتخذت تحت ضغط من المنتجين الأوروبيين الكبار. ويذكر أن الحكومة المغربية وضعت في موقف حرج حين اختتمت الجولة الرابعة من المفاوضات بشأن الاتفاقية، وسعى المسؤولون الأوروبيون لطمأنة الحكومة المغربية مدعين أن الأحكام الجديدة كانت ذات صبغة تقنية أكثر منها تجارية وسيتم أخذ المخاوف المغربية بعين الاعتبار. وسيكون لمصدري الطماطم الكبار الإمكانيات لتنويع إنتاجهم وأسواقهم في البلدان خارج الاتحاد الأوروبي (روسيا وكندا والدول الاسكندنافية والخليج وافريقيا) وأن المنتجين المصدرين الرئيسيين استغلوا قرار الاتحاد الأوروبي لمحاولة انتزاع المزيد من التنازلات من الحكومة المغربية.