قبل حوالي أسبوعين وفي أوّل لقاءاتِ منتدى وكالة المغرب العربي للأنباء قال عمر عزيمان، رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي: "سنصطدم بتفاقُم الأزمة" وذلك نتيجة لعدم اصلاح التعليم وتوالي مسلسل الفشل والاخفاق، وزاد بحدة أكثر واصفا الامر الذي يمكن ان يحدث ب "السيناريو الكارثي". وأول أمس تحدث وزير التربية الوطنية والتكوين المهني عن الوضعية الصعبة التي يعيشها القطاع. مثل هذه التصريحات ليست مفاجئة كل ما فيها أن الاول صدر عن مؤسسة دستورية والثاني عن المسؤول الاول عن القطاع مع ما يحمل ذلك من دلالات، خاصة في التصريح الثاني: إذ كيف يعقل أن الوزير ومنذ تسلمه الوزارة وهو ما فتئ ينتقد ويشخص وضع المدرسة تحت اشراف وزارة هي المسؤولة عنه بمبدأ استمرارية الادارة ، بل أكثر من هذا، الوزير نفسه مر قبل قرابة العقدين تقريبا كمشرف على القطاع ولا نعلم ما قدمه لإصلاح المنظومة. وكمثال على التخبط الحاصل، ملف اليوم المتعلق بالدكاترة العاملين بالقطاع المدرسي والذي يراوح مكانه منذ عشر سنوات، وهنا نذكر بما جاء في الجزء الرابع من تقرير المجلس الأعلى للتعليم المكرس لهيئة ومهنة التدريس، وقد تم التركيز فيه على مسألة الموارد البشرية الخاصة بالمدرسة اعترافا بالدور الحاسم للمربي في مشروع الإصلاح. وأهمية هذه الوثيقة تكمن في الخلاصات اللماحة التي تم تشييدها ومنها أن "وزارة التربية الوطنية هي السلطة الوصية على التربية والتكوين لكن الملاحظ أنها آخر المستفيدين من النخب التي تشرف هي على تكوينها وتصرف عليها الكثير من المال والجهد والوقت". وهو ما ينطبق على الدكاترة العاملين بالقطاع المدرسي الذين صرفت عليهم الدولة الكثير للحصول على تلك الشواهد ولا تستفيد منهم، هنا فقط وجبت الاشارة، ودرءا لكل التباس، أن داخل هذه الفئة من مدرسي ومدرسات قطاع التعليم المدرسي نجد من يمكن أن نسميهم "دكاترة مزيفون" فبعضهم حاصل على شهادة الدكتوراه لكن لا انتاجات ولا بحث علمي، بل لن يستطيع تركيب جملة سليمة بلغة أجنبية. لكن هذه الحالات تبقى محدودة وترجع إلى طبيعة التكوين داخل الجامعة المغربية التي تتخبط نفسها في شاكل كثيرة مما جعلنا دائما نتذيل ترتيب الجامعات العالمية بل وحتى العربية والافريقية . فقبل أسبوعين صدر تقرير ''المجلس الوطني للبحوث'' أكبر مؤسسة للبحث بإسبانيا وهو ثالث معهد عالمي في التصنيف من حيث العلمية والمصداقية بعد ويبوماتريكس وشنغهاي ، وقد صنف هذا المعهد جامعة القاضي عياض في الرتبة 2631 عالميا من بين 19 ألف جامعة، وفي الرتبة35 عربيا؛ متبوعة بجامعة الأخوين التي حلت في الرتبة 49عربيا(3358دوليا). واحتلت جامعة الحسن الثاني عين الشق بالدار البيضاء الرتبة 66 عربيا (4124 دوليا)، وجامعة محمد الأول بوجدة 88 عربيا و (5098دوليا) ومدرسة المحمدية للمهندسين، وجامعة محمد الخامس السويسي وجامعة عبد المالك السعدي 95و 96و97 على التوالي عربيا. وعلى الصعيد الإفريقي، صنفت الجامعات المغربية في مراتب متدنية حيث جاءت أول جامعة مغربية في الرتبة 37 في الوقت الذي صنفت الدراسة 8 جامعات من جنوب إفريقيا في ريادة اللائحة إفريقيا بالإضافة إلى جامعات من نيجريا ومالي والسينغال وغانا وزيمبابوي، فهذه الدول الافريقية التي تعاني ما تعانيه احتلت مراتب متقدمة. ما وصلنا اليه كانت علاماته قد تبدت منذ سنوات ولكن يتكرر دائما نفس الكلام من طرف المسؤولين. وهنا نذكر بالدراسة التي سبق لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي أن كلفت بها الدكتور محمد الشرقاوي، وكان من خلاصات الدراسة التي أنجزتها لجنة علمية ترأسها الشرقاوي أن %55 من الأساتذة الجامعيين لم ينشروا ولو سطرا واحدا، فيما %70 منهم غير راضين عن وضعهم المهني، و %46 منهم يرغبون في ممارسة مهن حرة. خلاصة الدراسة أسالت الكثير من المداد، واعتبر الأساتذة وتنظيماتهم النقابية ما خلصت إليه فيه نوع من التدجين خصوصا وان الترقية تشترط حضور ندوات وأنشطة أكاديمية ونشر بحوث ومقالات علمية.هل تحكرك المسؤولون لما صدرت الدراسة؟ الجواب هو لا ، بل سارعوا لإقبار النتائج والباقي يعرفه الجميع.