أكد عبد اللطيف الجوهري والي بنك المغرب أنه باستثناء القطاعات الاقتصادية المرتبطة بالطلب الخارجي فإن الاقتصاد المغربي يظل حتى الآن من الأزمة المالية التي يعرفها العالم حاليا. وقال في ندوة صحفية أول أمس بالرباط عقب اجتماع مجلس بنك المغرب إن أساسيات الاقتصاد المغربي متينة جدا، وأن السوق النقدية لا تعاني أزمة سيولة، موضحا أن منح القروض البنكية، من جميع الأنواع، لا يزال يسير بوتيرة إيجابية حيث ارتفع مجموع القروض الممنوحة من قبل القطاع البنكي منذ يناير 2008 إلى نهاية نونبر الماضي بنسبة 26 في المائة مقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية. وبدا الجوهرى متفائلا بخصوص آفاق نمو هذه القروض مع نهاية السنة، وتوقع أن تصل نسبته إلى 24 في المائة. وبدا هذا التفاؤل أكبر بخصوص صحة الاقتصاد الوطني بشكل عام، وفي هذا السياق قال والي بنك المغرب إنه بالرغم من مؤشرات الأزمة التي تلقي بظلالها على العالم وعلى بعض القطاعات في المغرب فإنه من المتوقع تحقيق نتائج إيجابية جدا في نهاية العام الجاري، إذ من المتوقع ألا ينزل معدل النمو عن 6 في المائة، بحساب مجموع القطاعات الفلاحية وغير الفلاحية. وتوقع أن يتواصل هذا الأداء الإيجابي خلال السنة المقبلة، مستحضرا آخر تقارير البنك الدولي التي أكدت أن الاقتصاد المغربي لا يزال محافظا على متانته ومرشح لتحقيق نتائج إيجابية، وفي هذا الإطار قدم الجوهري مجموعة من المعطيات الرقمية تفيد أن توقعات النمو خلال سنة 2009 ستتجاوز 5 في المائة، وأن عجز ميزان الأداءات لن يتعدى 2.54 في المائة. وخفض بنك المغرب التوقعات المتعلقة بمعدل التضخم خلال السنة المقبلة، ليحصرها في 2.9 في المائة بعد أن كانت التوقعات التي أعلنها في شتنبر الماضي قد حددت هذا المعدل في 3.6 في المائة. يذكر أن معدل التضخم سجل خلال شهر نونبر الماضي تراجعا إلى 3.9 في المائة بعد أن سجل 4.6 في المائة على أساس سنوي خلال الفصل الثاني من السنة الجارية، وعزا بنك المغرب هذا التراجع إلى الانخفاض الذي شهدته أسعار المواد الأولية والغذائية في السوق العالمية، خاصة أسعار البترول التي انخفضت إلى أدنى مستوياتها خلال سنوات. وقال الجوهري إن هذه التوقعات الإيجابية تأتي في سياق عالمي يعرف تطورا سريعا للأزمة حيث بات ركود الاقتصاد الأمريكي أمرا واقعا. وكان بلاغ بنك المغرب الذي صدر عقب اجتماع مجلس البنك قد أشار إلى أن تباطؤ الاقتصاد العالمي من شأنه أن ينعكس أيضا على بعض قطاعات الاقتصاد الوطني، وخاصة الموجهة للطلب الخارجي، وهو ما يدفع إلى المراهنة على استمرارية الطلب الداخلي للحفاظ على الأداء القوي للاقتصاد الوطني. وثمن الجوهري في هذا الإطار الجهود التي بذلتها الحكومة حتى الآن لمواجهة الانعكاس المحتمل للأزمة، مشيرا بشكل خاص إلى الإجراءات التي تم اتخاذها لتعزيز القطاع السياحي من خلال العمل على رفع دينامية السياحة الداخلية من جهة ومن أخرى التفكير في صيغ جديدة لتسويق المنتوج الموجهة للسياح الأجانب. كما أن الإجراءات المتعلقة بدعم الطبقة الوسطى والاهتمام بالمقاولات الصغرى والمتوسطة وإصلاح صندوق المقاصة، ومراجعة التركيبة الحالية لأسعار الوقود من شأنه حسب والي بنك المغرب الإسهام في إخراج المغرب من تداعيات الأزمة التي تهب على شركائه الاقتصاديين الأساسيين. ودعا إلى ضرورة التنسيق بين مختلف القطاعات لكي تكلل هذه الجهود بالنجاح، مؤكدا أن التنسيق مع بنك المغرب أيضا أساسي لضمان أن يتفاعل القطاع البنكي المغربي مع ما تقوم به الحكومة، مشيرا إلى أن الأبناك تسعى إلى رفع قروضها للاقتصاد خلال السنة المقبلة بنسبة 16 في المائة. وبخصوص تنفيذ السياسة النقدية أكد عبد اللطيف الجوهري أن السوق البنكية لا تعاني مطلقا من أزمة ثقة، وأن تسبيقات بنك المغرب تصل حاليا إلى 16 مليار درهم أسبوعيا. وقال إن دور البنك المركزي خلال سنة 2009 هو المحافظة على السعر المرجعي للفائدة في سوق القروض بين الأبناك، مؤكدا بذلك ما أفاده بلاغ مجلس البنك الذي أشار إلى أنه مع «توجه ميزان المخاطر نحو الانخفاض وبتطابق توقعات التضخم مع هدف استقرار الاسعار قرر المجلس الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير في نسبة 3.5 في المائة». كما قرر تخفيض نسبة الاحتياطي النقدي خلال السنة المقبلة إلى 12 في المائة بالنظر إلى مستوى العجز في السيولة على صعيد السوق النقدية. الإبقاء على سعر الفائدة المرجعي في نسبة 3.5 في المائة