في خطوة فريدة من نوعها في ظل حكومة تهلل للفساد وتتشدق به في كل تصريحاتها وخرجاتها الرسمية والإعلامية، أعلنت وزارة التجهيز والنقل واللوجستيك عن طلب منافسة، هو الثاني من نوعه في غضون سنتين، من أجل إنشاء مراكز للمراقبة التقنية للعربات تحت رقم 01/م و ت ت /م ن ط س ط/ 2015، يهدف إلى الترخيص ل 80 مركزا إضافيا موزعة على كل جهات المملكة. وبالرجوع إلى بنود دفتر التحملات الخاص بطلب المنافسة السالف الذكر، يتبين أن الوزير الرباح قرر أن يضرب بعرض الحائط بكل القوانين والمراسيم المنظمة لقطاع المراقبة التقنية للعربات، في تجاوز سافر لاختصاصاته الدستورية كعضو في الحكومة مهمته الأولى السهر على احترام القانون أو اقتراح تعديل القوانين التي ربما لا يراها ملائمة على المجلس الحكومي وعلى البرلمان قصد المصادقة. وليست هذه المرة الأولى التي يعلن فيها الوزير الرباح عن طلب عروض من هذا النوع ، فقد سبق لوزارته أن منحت السنة الماضية عشرات الرخص في مجال المراقبة التقنية(انظر نتائج طلب العروض على الموقع الرسمي للوزارة) وذلك في خرق سافر للقانون واستهتار صارخ بالنصوص المنظمة للمهنة، ناهيك عن منح أشخاص معينين رخصا لفتح مراكز للمراقبة التقنية دون أن يشاركوا في طلب عروض السنة الماضية،إذ أن لائحة المرخصين التي تم نشرها على موقع الوزارة لا تضم أسماء المحظوظين الذين تمت إضافتهم إلى اللائحة السرية الموجودة بالمصالح المركزية للوزارة. وهكذا،فإن دفتر التحملات الجديد الخاص بطلب المنافسة لهذه السنة،يتضمن خروقات قانونية واضحة وجهلا أو تجاهلا تاما بالنصوص المرتبطة بالأنشطة الاقتصادية بشكل عام، يفترض في من حرروه ومن صادقوا عليه،أن يكونوا أول من يسهر على احترام القوانين الصادرة عن البرلمان. وسنكتفي هنا بعرض الخروقات المرتبطة بالقوانين المنظمة للمراقبة التقنية للعربات. تنص المادة 267 من القانون رقم 05.52 المتعلق بمدونة السير على الطرق على ما يلي : «تسلم الرخصة لممارسة المراقبة التقنية، بعد الإعلان عن المنافسة، إلى الأشخاص المعنوية التي تلتزم بفتح واستغلال شبكة لمراكز المراقبة التقنية تتكون من عدد أدنى من المراكز ومن خطوط المراقبة تحدده الإدارة وبالتقيد ببنود دفتر للتحملات، تضعه الإدارة، يحدد على الخصوص ما يلي: القدرات المالية والتقنية التي يجب أن تتوفر عليها الشبكة المؤهلات المطلوبة للقيام بالمراقبة التقنية المنصوص عليها في هذا القانون وسائل وكيفيات استغلال مراكز المراقبة التقنية عمليات المراقبة التقنية « ويتبين من خلال قراءة بسيطة لهذه المادة أن طلب العروض يجب أن يكون موضوعه اختيار شخص معنوي يلتزم بفتح واستغلال شبكة لمراكز الفحص التقني وليس بفتح واستغلال مركز للفحص التقني. وبذلك فالمراكز التي تم الترخيص لها وكذا تلك التي سيتم اختيارها بناء على طلب العروض السالف الذكر، تعتبر مراكز لاغية وتعتبر رخص فتحها واستغلالها باطلة بقوة القانون. فما بني على باطل فهو باطل. واستباقا للتجاوزات التي قد تصدر عن الوزارة في مجال الترخيص غير المشروع لأشخاص معنوية يكون هدفها ريعي بالدرجة الأولى، فقد صدر بتاريخ 29 سبتمبر 2010 المرسوم رقم 421.10.2 بتطبيق أحكام القانون رقم 05 .52 المتعلق بمدونة السير على الطرق والذي ينص في مادته 116 على ما يلي : »تسلم رخصة فتح واستغلال شبكة لمراكز المراقبة التقنية المنصوص عليها في المادة 267 من القانون رقم 02 52 من لدن وزير التجهيز والنقل. يحدد العدد الأدنى من المراكز ومن خطوط المراقبة التقنية المشار إليه في الفقرة الأولى من المادة 267 السالفة الذكر في ثلاثين )30( مركزا وخمسة وسبعين )75( خطا للمراقبة التقنية موزعين على الأقل على نصف جهات المملكة. « وتكون بذلك هذه المادة التطبيقية قد أقفلت باب التأويل على المتخصصين في التحايل على القانون، حيث أكدت مرة أخرى على أن طلب العروض يتم توجيهه حصريا لإحداث شبكات للمراقبة التقنية تم تحديد عددها الأدنى وعدد خطوطها الدنيا وامتدادها الجغرافي الأدنى، وليس لإحداث مراكز منفردة من خطين اثنين تمنح لغير المهنيين وتعود بالقطاع إلى عهد تحكم السماسرة والوسطاء والمرتشين من داخل الوزارة وخارجها وإلى المتاجرة غير المشروعة في الرخص وتشجيع اقتصاد الريع الذي ما فتئ وزير التجهيز والنقل واللوجستيك يتشدق بمحاربته ، فهل يجرؤ الوزير الرباح على تنويرالرأي العام ومالكي الشبكات الخمس المرخص لهم حاليا والذين لم يجرؤوا على مواجهته خشية الانتقام منهم حول : هل كان يعلم السيد الوزير بخرقه للقانون، وذلك بمنحه رخصا باطلة بقوة القانون على امتداد سنتين، أم أنه ضحية، ما سوف يسميه، مؤامرة من طرف مسؤولي الوزارة ! هل يجرؤ السيد الوزير على إلغاء الرخص التي تم منحها خارج القانون خلال سنة 2014، وإلغاء طلب العروض المفتوح حاليا لمنح 80 رخصة إضافية للفحص التقني ،وأن يلتزم بتطبيق القانون الذي صادق عليه البرلمان وأصبح يلزمه أكثر من غيره !