من حق - بل من واجب - السلطات العمومية أن تقوم بهدم منازل بنيت بطرق غير قانونية، ولم تحصل على تراخيص، وإن كانت عملية الهدم يجب أن تحترم المساطر والقوانين الجاري بها العمل. لكن قبل أن تقوم السلطات بعملية الهدم لابد للمسؤولين الذين أصدروا تعليمات بداية الهدم أن يستحضروا أن هذه المنازل مبنية فعلا وقائمة، وهي ليست مستوطنات تحضر جاهزة ويتم تركيبها في دقائق، بل إنها مباني سواء كانت مبنية بالآجور أو بغيره، وبناؤها استغرق وقتا على كل حال، ومن المؤكد فإنها بنيت بمباركة السلطات المحلية نفسها التي تقوم الآن بهدمها والمباركة لم تتم لوجه الله، بل حصلت نتيجة ممارسات يعرفها القاصي والداني. إن بناء هذه المساكن تم بعلم المقدم والشيخ والخليفة والقائد، ولكن صمت كل هؤلاء كان له ثمن معين لذلك مهم أن يصدر مسؤولون أوامرهم بهدم منازل بنيت دون احترام المساطر المعمول بها، ولكن الأهم وليكون العمل مكتملا ومكتسبا للمصداقية وللمشروعية لأبد لهم أن يأمروا بفتح تحقيق حول الظروف التي بنيت فيها هذه المساكن، من سمح ببنائها، ومن غض الطرف؟ ولماذا غض الطرف ؟ أما وأن يظلم المواطن مرتين، مرة حينما يكون مضطرا ومجبرا للدفع لمسؤول أو أكثر في السلطة المحلية ليغض عنه الطرف لبناء مسكن، وثانية حينما تحضرنفس السلطة المحلية لهدم ما بني ، فهذا مالا يمكن أن يحل هذه المعضلة، لأنه سيبقى هناك دوما من يدفع ومن يقبض، والبناء العشوائي سيتواصل، وستستمر مأساة الهدم.