أكد الأستاذ الحسين الملكي أن القرار المشترك لوزير العدل والحريات ووزير الاقتصاد والمالية بشأن الزيادة في تعريفة أجور المفوضين القضائيين قرار غير مشروع ومُجحف ومُسيء للمرتفقين للقضاء والمهن القضائية، فضلا عن تعارضه مع مقتضيات دستورية تتحدث عن تسهيل الولوج للعدالة والتدابير الإجرائية في إطار حق المحاكمة العادلة، ثم النجاعة. وأشار الملكي، المحامي بهيئة الرباط، في لقاء نظمه «منتدى المحامين بالمغرب» مساء الجمعة بهيئة المحامين بالرباط، أن القرار الوزاري يُنسف قواعد وقوانين وخلق عدة إشكالات، مشيرا إلى السياق التاريخي لإحداث قانون الأعوان القضائيين سنة 1980 وتعطيله لمدة 9 سنوات، وذلك في إطار تفويض خدمة عمومية، حيث تم خلق مهنة حرة لكنها غير مستقلة، وأن الدولة - التي هي المعنية بإجراءات التبليغ والاستدعاء والتنفيذ - تستخلص الرسوم القضائية من المتقاضي، وفق ما هو وارد في المواد 1 ، و2، و4، و6 و22 من قانون الرسوم القضائية، لكنها تدفع في اتجاه رفع مزيد من الكلفة المادية على المتقاضي، علما أن مصالحها تفاوضت جيداً وفرضت شروطها حينما تعلق الأمر بمناقشة الزيادة في تعريفة الجانب الزجري الذي تتحمل نفقاته الدولة. وشدد الأستاذ الحسين الملكي على أن ما يستوجب المزيد من التدقيق هو أن الإدارة القضائية ملزمة بأداء أجرة المفوض القضائي في إطار نسب معينة، وذلك مقابل ما تستخلصه الدولة من المتقاضين رسوم قضائية، والذي يعد بملايير الدراهم، مشيرا إلى مسألة الاختيارية، التي حددها الفصل 37 من ق.م.م في آخر تعديل له سنة 2004، وكذا ما تضمنه قانون حرية المنافسة والأسعار الذي حدد الخدمات الاستراتيجية، ومنها مهنة المفوض القضائي. من جهته أوضح الأستاذ خليل الإدريسي، المحامي بهيئة الرباط أنه بحث في الخلفية التشريعية لنص القرار الوزيري موضوع تعريفة أجور المفوضين القضائيين فلم يجد أمامه إلا تصريح لوزير العدل والحريات أكد فيه لبعض نقباء المحامين «أن القرار ليس منزها، وقابلا للمناقشة، وأنه كان أمام ضغط المتقاضين». وأبرز الأستاذ خليل أنه بالرجوع إلى نص القرار المشترك فإنه يتضح غياب استحضار المرجعية الدستورية وقانون حماية المستهلك، وأن صياغة مواد القرار الوزاري قابلة لكل التأويلات، فضلا عن انعدام استحضار «المخطط الإجرائي لإصلاح منظومة العدالة»، التي منها ما يتحدث عن الآليات الحديثة للتبليغ، وتسهيل الولوج للعدالة التي تتسلم بشأنها وزارة العدل والحريات مبالغ دولية مهمة في إطار مساعدات. من جهة أخرى صرح الأستاذ النقيب حسن وهبي ل«العلم» أن اللقاء الذي جمع مكتب جمعية هيئة المحامين بالمغرب مع وزير العدل والحريات يوم الجمعة الماضي قدمت فيه الجمعية مذكرتين حول موضوع تعريفة الزيادة في أجور المفوضين القضائيين عن الأعمال التي يقومون بها في الميدان المدني والتجاري والإداري، تصبان في الاتجاه الذي أشرنا إليه في عدد يومي السبت والأحد من جريدة «العلم»، وأن الحوار مع الوزارة سيستأنف يوم الجمعة المقبل. وللإشارة فإن التنفيذ على المستوى الزجري كان متوقفا منذ سنوات إلا أن الحكومة اضطرت الجلوس مع المفوضين القضائيين للزيادة في ثمن التعريفة الذي كان محدداً في 3 دراهم ليرتفع إلى 7 دراهم بالنسبة للدولة، كما عرفت تعريفة أجور المفوضين القضائيين في الميادين المدنية والإدارية والتجارية زيادات بدءاً من 20 درهما، مما يؤكد من جهة «المنطق» الذي تتعامل به الحكومة مع المرتفقين، سواء الدولة وعموم المتقاضين، ومن جهة ثانية عقلية اجترار المشاكل وغياب البحث عن حلول آنية لفض الخلافات في إبانها، أي استعمال مقولة: «وقت ما جاء الخير ينفع»، دون الالتفات إلى ضياع المال والوقت العام، ومصالح المتقاضين التي لاتقدر بثمن، وذلك في زمن الحديث عن الحكامة، والحكامة الجيدة وما إلى ذلك من ضمان الخدمات وجودتها وتشجيع الاستثمار.