أظن أن معظم كتَّاب المقالات سيكتبون هذه الأيام عن الحادث الإرهابي في فرنسا، وسنقول كعادتنا إن الإسلام لا يعرف هذا العنف ولا علاقة له بالإرهاب، وسيصب بعضنا جام غضبه على أولئك الإرهابيين، وسيتعجب البعض الآخر من هؤلاء المتطرفين الذين ولدوا في فرنسا وعاشوا فيها وتعلموا في مدارسها ولم يعرفوا فقرا ولا بؤسا ومع ذلك هجموا على جريدة ساخرة فقتلوا من قتلوا وجرحوا من جرحوا وهم يقولون «ثأراً لرسول الله»!. وبغض النظر عن التحليل النفسي لمن ارتكبوا هذه الجريمة إلا ان الأمر كشف عن ان خطة الغرب الخاصة ب «تفجير المنطقة العربية» باستقدام الخلافات العقائدية وباستخدام مشروع الإسلام السياسي سترتد إلى صدر العالم الغربي، فقبل ان تصعد جماعة الاخوان رائدة الإسلام السياسي الى كرسي الحكم في مصر وحكومات الغرب تدعم تلك الجماعة وتعضد مواقفها السياسية، وبعد ثورات الربيع تحرك الامبراطور الأمريكي رائد الغرب لكي يضع على رأس الجماعة «إكليل الحكم» وعندما ثار الشعب على الاخوان وقفت أمريكا ومن خلفها «توابعها» الأوروربية لكي تعيد الجماعة للحكم مرة أخرى واستخدمت في ذلك كل الوسائل بما فيها تشويه ثورة الشعب المصري وممارسة الضغوط المالية واستخدام الحصار الاقتصادي البغيض، ولكن كل هذا لم يجد أمام الشعب المصري!. ولا أظن ان أمريكا وتوابعها ورد في خاطرهم ان دعمهم لهذا المشروع الإرهابي من الممكن ان ينقلب عليهم، بل ظنوا بسذاجة مفرطة وغباء منقطع النظير ان الإرهاب قد طالهم في أحداث الحادي عشر من سبتمبر بسبب ان الحكومات العربية تضيق الخناق على مشروع الإسلام السياسي وتمنعه من الوصول الى الحكم، لم يتصور مستشارو الأمن القومي في بلاد الغرب أنهم من الممكن ان يستخدموا جماعات التطرف دون ان تنفجر في وجوههم. وسبحان الله يغير ولا يتغير، عندما قام غول التطرف في بلادنا وأخذت جماعة الاخوان تمارس عنفها وإرهابها ضد الشعب، فاحتلت الميادين وفجرت القنابل وقتلت الآلاف وفجرت الكنائس، بل ولا تزال الى الآن تقتل ضباط الشرطة وتضع القنابل المفخخة في كل مكان، وقتئذ لم تسكت المنظمات الحقوقية الغربية عن الاجراءات التي اتخذتها الدولة المصرية ضد الإرهابيين، وانتفضت حكومات الغرب بما فيها فرنسا ضد الشعب المصري، وقرأنا التقارير المزيفة من منظمة هيومان رايتس عن فض الاعتصام الإرهابي للاخوان في ميدان رابعة، وخرجت تقارير منظمة العفو الدولية التي تدين الاجراءات القضائية التي اتخذها القضاء المصري ضد من ارتكب جرائم الإرهاب. واليوم تقوم فرنسا باعتقال العشرات من المشبوهين دون ان تستند الى قانون أو تحترم حقوق الإنسان، وستتحرك آلة التعذيب لاستنطاق المعتقلين كما كان يحدث في غوانتانامو، ولكنك لن تسمع همسة من منظمات حقوق الإنسان، ولن ترى اعتراضا من الحقوقيين، ولن تعترض الحكومات الغربية بل ستجد فرنسا كل دعم ومؤازرة، وأيضا لن نقرأ تقارير ادانة من منظمة هيومان رايتس، أو منظمة العفو الدولية، وعندما ستصدر أحكام قضائية ضد المتهمين لن تسمع أبدا صوتا يعترض على هذه الأحكام!. ولأن القاعدة الذهبية تقول «من زرع شوكا جناه» فان الغرب كله سيعاني في السنوات القادمة من إرهاب وعنف مشروع الإسلام السياسي، هذا المشروع الذي يسيء للإسلام ويشوه صورته، ويختزله في القتال والحرب والسيف، ومن حفر حفرة لأخيه وقع فيها.