هذا العنوان بقي عالقا بذهني، وقد كان مقدمة مقال للراحل عبد الجبار السحيمي، الذي كنت ككل المغاربة، أكثر المعجبين بما طرزه قلمه في عموده الشهير «بخط اليد». الرجل كتب مقالا حينذاك وعنونه، ب «مات الرجل»، وكانت أسباب نزول المقال بهذا العنوان آنذاك وفاة «محمد اليخلوفي..» الذي كان موقوفا في حملة التطهير الشهيرة عن الفساد في حقبة الثمانينيات.. مات الرجل في السجن، قبل أن يصدر في حقه حكم بالإدانة أو غيرها. فالظنين بريء حتى تثبت إدانته بمنطوق القانون. لكن قبل الإدانة وبعد الوفاة، شحذت الأقلام وكثر الكلام عن ثروته الضخمة وقنوات تجميعها، وعن سلوكه وضلوعه في متاهات أصحاب الحال، الذين شكلوا غطاء وطوقا يحميه ضد المتابعة، ليسقط وحده ويؤدي الفاتورة من سمعته وسمعة أسرته التي حملت وزره بعد الوفاة. أستحظر هذا العنوان «مات الرجل»، وأنا أتابع ما يكتب اليوم وما تلوكه الألسن، وأيضا ماحملت ذيول المقالات على المواقع، من تعاليق «وهاشتاك » عن ظروف الوفاة، والأسباب التي جعلت الرجل عبد الله باها يتواجد في المكان والزمان .. عن حيثيات تتحدث عن آخر لحظاته في هذه الدنيا، وكأن الحاكي كان معه لحظة بلحظة، كلام ولغط ولغو حتى... والحقيقة ذهبت مع صاحبها، كل هذا لايهم لكن الغائب الأكبر كان عند الذين لايعلمون، ولا علاقة لهم بخبايا الأمور وقواعد لعبة لايتقنونها ولايفهمون تفكيك خيوطها.. غابت عنهم كلمة «الله أعلم وكفى..». فالرجل مات، ترك ألغازا وحمل معه أسرارا، لكن لنتعامل معه بأخلاق الدين ، الله يرحمه وكفى، ولن يكون ذلك إلا بالصمت والسكوت، وماعدا ذلك فهو يفوت علينا حسنة إكرام الميت.