أنهت الحكومة عملها «الإصلاحي» فيما يتعلق بتخليص صندوق المقاصة من عبء دعم أسعار الغازوال، وهي بذلك قطعت شوطا مهما نحو خنق أنفاس مؤسسة اقتصادية واجتماعية لعبت أدوارا رئيسية وحاسمة في ضمان الاستقرار السياسي الذي ظل ينعم به المغرب طيلة عقود من الزمان. والمؤكد أن الحكومة لن تتوقف عند هذا الحد، بأن أعفت صندوق المقاصة من أن يدعم سعر الغازوال، بل إن الأمر يتعلق بجولة من جولات الحرب الحكومية على صندوق المقاصة، وها نحن نقولها من الآن وسيذكر التاريخ ذلك، الحكومة ستوجه فوهة رشاشها المدمر للقدرة الشرائية للطبقات الفقيرة والمتوسطة، وستختار هدفا آخر مرتبطا هو الآخر بالدعم الذي يقدمه صندوق المقاصة، وهذا الهدف لن يكون غير غاز البوتان أو السكر، وستعود الحكومة لترديد نفس الأسطوانة المعتادة من خلال القول بأنه من غير المقبول أن يتدخل صندوق المقاصة بحوالي ثمانين درهما في كل قنينة غاز بوتان كبيرة لفائدة أشخاص ميسورين، ولا يعقل أن يدعم صندوق المقاصة الميسورين على حساب الفقراء، كما ستعلن معارضتها العنيفة لاستخدام السكر المدعم من طرف صندوق المقاصة في صناعة الحلويات التي تباع بأسعار جد مرتفعة. وعوض أن تبدع الحكومة حلولا عملية ومنطقية تضمن استثناء كاملا للميسورين من الدعم المخصص لغاز البوتان فإنها لن تكلف نفسها عناء ذلك وستعلن الرفع التدريجي للدعم المخصص لغاز البوتان بما سيلحق أضرارا كبيرة بالطبقتين الصغيرة والمتوسطة، ولن تكلف الحكومة نفسها تعب مواجهة صانعي الحلويات لتقنين استعمالهم للسكر المدعم، بما يضمن عدم استعمال هذه المادة في غير أهدافها، فإنها لن تفعل وستلتجئ إلى الطريق القصيرة وهي الرفع التدريجي للدعم مما سيترتب عنه زيادات صاروخية في سعر السكر. إن صندوق النقد الدولي يكاد يفقد صوابه من قوة فرحته وسعادته بحكومة تمتثل بالحرف للتعليمات والتوجيهات المناهضة للاختيارات الاجتماعية، ويكاد يعاين مسؤولو هذه المؤسسة الدولية أن انضباط حكومة الأستاذ عبد الإلاه بنكيران يكاد يكون غير مسبوق في تاريخ الحكومات المغربية منذ الاستقلال إلى الآن. إنها حكومة تمثل المؤسسات المالية العالمية أكثر مما تمثل شعبا اسمه الشعب المغربي.