قامت مجموعة من المسلحين بمداهمة وتفتيش بعض المنازل في عرسال بشمال شرق لبنان الليلة الماضية وهددت مجموعة من الأهالي بتصفيتهم لدعمهم الأجهزة الأمنية اللبنانية. وقالت صحيفة النهار اللبنانية أن هذه المداهمات تنذر بإمكانية عودة المشاكل إلى عرسال التي كان قد سيطر المسلحون عليها مطلع الشهر الجاري، خصوصا أن جبهتها مفتوحة على حدود واسعة ولا يمكن للأجهزة الأمنية اللبنانية مراقبة كل السبل المؤدية إلى البلدة، في ضوء انتشار واسع للمسلحين في الجرود الفاصلة (المناطق الجرداء النائية) عن سوريا والتي باتت ملاذا لكل الهاربين من الجهتين اللبنانية والسورية. ورأت الصحيفة أن هذا الدخول ينذر بإمكان خطف مدنيين يضافون إلى العسكريين الأسرى والذين يبلغ عددهم حاليا نحو 30 من دون إمكانية تحديد العدد بدقة إذ ثمة شهداء للجيش سقطوا في أرض المعركة ولم يتمكن زملاؤهم من سحب جثثهم مما أدخلهم في عداد المفقودين. وأشارت الصحيفة إلى أن قضية العسكريين الأسرى لدى "جبهة النصرة" و"تنظيم داعش" قد دخلت النفق الطويل المظلم، إذ أن تكرار سيناريو الأفلام المصورة يذكر بقضية المخطوفين اللبانيين الشيعة في بلدة أعزاز السورية الذين ظهروا مرارا في تسجيلات مصورة يدينون "حزب الله" وسياساته ويشيدون بخاطفيهم، قبل أن يطلقوا ويعودوا إلى مواقفهم المعلنة بتأييد الحزب وأمينه العام، من دون التوجه بكلام بذيء إلى قطر الوسيط الأساس في عملية الإطلاق، وقد قصد اولئك الدوحة وكرموا باعطائهم منحا مالية. ولم يؤكد أي مصدر أمس دخول قطر مجددا على خط الوساطة فيما رجحت مصادر سياسية أن يكون المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم عاود مهمته الوساطية مع الدوحة، في استمرار لما انجزه في قضية مختطفي اعزاز، وللمهمة المستمرة في ملف المطرانين المخطوفين. وعلمت "النهار" أن هيئة العلماء المسلمين التي دخلت على خط التفاوض لإطلاق العسكريين لم تكلف من أي جهة رسمية لبنانية، وإنما كانت مبادرة منها، خصوصا ان احد مشايخ الهيئة يرتبط بعلاقة مصاهرة مع احد مسؤولي "جبهة النصرة" كما له أقارب بين سجناء رومية، الأمر الذي دفعه إلى المبادرة بتأييد من الهيئة. لكن المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود، خصوصا ان وزير الداخلية نهاد المشنوق ابلغ "النهار" قبل أيام رفضه مبدأ المقايضة، وهو الموقف الذي اعلنه قائد الجيش العماد جان قهوجي الذي نأى بنفسه عن عملية التفاوض. وابلغ مصدر امني "النهار" أن طرح إطلاق سجناء في رومية رفض في الأساس بعد التشاور ما بين السياسيين والأمنين وفي طليعتهم رئيس الحكومة وزير الداخلية ووزير العدل اشرف ريفي "إذ لا يمكن تلبية مطالب الخاطفين الإرهابيين، ولا يمكن للدولة أصلا أن تفاوض هؤلاء الناس، لأنها تضرب هيبتها أولا، وتفسح في المجال أمام أي مجموعة إرهابية لخطف عسكريين والتفاوض لمقايضتهم بسجناء أو أي مطالب أخرى". واكد المصدر ان "إطلاق السجناء يتعلق بالقضاء وليس بالسلطة السياسية أو الأمنية. ولا يمكن ضرب هيبة القضاء على هذا النحو". أما تنظيم (داعش) فلم يحدد مطالبه لإطلاق العسكريين بعد ولم يكلف اي جهة بالوساطة أو بالتفاوض، مما يجعل المهمة معقدة اكثر، لعدم وجود قناة اتصال بالتنظيم، ولن يكون إذا لم يتحرك خط التفاوض مع "النصرة".