الفكر الحداثي للكاتب محمد اديب السلاوي، كتاب جديد صدر مؤخرا (عن مطابع الرباط نت / المغرب) للاستاذ محمد السعيدي، وهو في اعتقادي اول كتاب يتناول بالتحليل فكر ناقد تشكيلي / مسرحي / سياسي، ينتمي لجيل الاستقلال، أغنى الخزانة المغربية والعربية خلال الخمسين سنة الماضية، بحوالي أربعين مؤلفا تتناول قضايا مغربية ثقافية، اجتماعية، سياسية مختلفة، ولكنها مترابطة على جسم واحد، هو المغرب الراهن وقضاياه الفكرية والثقافية والسياسية. في هذا الكتاب، أعاد الاستاذ السعيدي ترتيب الكثير من اوراق الكتابة النقدية لهذا الباحث الناقد، بتحليل اكاديمي عميق، لا يسعى فقط اعادة الاعتبار للاستاذ السلاوي، الذي فضل دائما وابدا الاشتغال بصمت، ومراكمة أطروحاته النقدية على مستوى كبير من الاهمية العلمية، ولكن يسعى قبل ذلك وبعده الى الاعتراف بمثقف أخصب الذاكرة الثقافية المغربية، وساهم في بلورة قيمها الأخلاقية والثقافية. في نظرنا ان كتاب الاستاذ السعيدي، الذي صدر في وقته، استطاع أن يحقق أمرين اثنين بلا منازع، أولهما قراءة اكاديمية متأنية في أعمال مختارة للأستاذ السلاوي، في الفنون التشكيلية والثقافة والسياسة بالمغرب الراهن، وهي قراءة تحليلية متكاملة، تعطي الانطباع منذ الوهلة الأولى، أن السلاوي كاتب متفرد في ثقافته وتكوينه وأطروحاته، وأن الباحث محمد السعيدي بإصداره هذا الكتاب استطاع بنباهة الباحث المتتبع، الإلمام والإحاطة بفكر الكاتب. ثانيهما، قراءة النصوص النقدية للمفكر السلاوي، حسب مسارها العام، مما جعلها مفتوحة الى أقصى الحدود على مناهج النقد وأطروحاته الاكاديمية. يستفاد من قراءة الاستاذ محمد السعيدي للفكر الحداثي للناقد محمد أديب السلاوي، ان هذه القراءة لم تنحصر فقط في فهم الخصوصية النصية لكتابات ناقدنا الكبير ولكنها تجلوزت ذلك الى المستويات المتعددة لهذه الكتابات، وهو ما يجعلها تؤرخ للتصورات التي حددها محمد اديب السلاوي لفكره النقدي، وفق الادوات التعبيرية الخاصة والراصدة للتطور التاريخي الذي عرفته الفنون التشكيلية، والثقافة، والنقد السياسي في مغرب الالفية الثالثة، وهو ما جعل الباحث السعيدي يستخلص يسهولة ويسر البنية العامة المؤطرة لكتابات علم كبير من أعلام ثقافتنا المعاصرة. بهذا المعنى يعيد كتاب " الفكر الحداثي للكاتب محمد اديب السلاوي" طرح سؤال الكتابة النقدية، من خلال نصوص هذا الكاتب، وهو ما يجعل هذا الكتاب برمته دعوة الى المعاهد والمدارس والكليات المختصة، لاستقطاب أطروحات السلاوي النقدية الى مناهجها الدراسية، لما لها من تأثير...وأهمية ثقافية وعلمية لا اختلاف حولها.