دخلت أوكرانيا عهدا جديدا أمس الأحد، غداة يوم تاريخي في ثاني أكبر دول شرق أوربا شهد إقالة الرئيس فيكتور يانوكوفيتش بحكم الأمر الواقع والإفراج عن زعيمة المعارضة يوليا تيموشنكو التي لقيت استقبالا حافلا من قبل أنصارها في ساحة الاستقلال وسط العاصمة كييف. لكن الأمل في إخراج أوكرانيا من أزمتها يشوبه قلق متزايد لدى الأسرة الدولية من أن يتعزز الانقسام في هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه 46 مليون نسمة، بين الشرق الناطق بالروسية ويعتمد الثقافة الروسية ويشكل أغلبية، والغرب القومي والناطق بالأوكرانية. فقد عبر رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك مساء السبت عن قلقه من وجود قوى تهدد وحدة وسلامة أراضي أوكرانيا، دون أن يحدد طبيعتها. من جهتها، دعت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاترين آشتون المسؤولين السياسيين الاوكرانيين الى التحرك "بمسؤولية" لحماية "سلامة اراضي اوكرانيا" و"وحدة البلاد". ورحب وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس بالإفراج عن تيموشنكو، وأكد أن فرنسا "مثل شركائها الاوروبيين توجه نداء لحماية وحدة وسلامة أراضي البلاد والامتناع عن القيام باعمال عنف". كما دعا وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير، المسؤولين السياسيين في أوكرانيا إلى فعل كل ما يمكنهم من اجل الحفاظ على "وحدة اوكرانيا وسلامة اراضيها". وقال في بيان ان "اساس كل القرارات السياسية يجب ان يكون الحفاظ على سلامة اراضي اوكرانيا ووحدتها الوطنية". أما البيت الأبيض فقد أكد في بيان "نحن مستمرون في الدعوة إلى وقف العنف من الجانبين والتركيز على حوار ديموقراطي سلمي وفقا للدستور الأوكراني". ووعدت واشنطن بالعمل مع "حلفائها وروسيا والمنظمات الأوروبية والدولية المناسبة" بهدف دعم أوكرانيا "مزدهرة وموحدة وديموقراطية". وفرضت أوكرانيا نفسها على اجتماع مجموعة العشرين في سيدني. وبدون أن يرد ذكرها في البيان الختامي قرر عدد من أعضاء المجموعة التحدث عنها بموقف موحد في مؤتمراتهم الصحافية. وقال وزير الاقتصاد والمال الفرنسي بيار موسكوفيسي ان "عدة دول اتفقت على تأكيد دعمها" لاوكرانيا "في مؤتمراتها الصحافية في نهاية مجموعة العشرين بعبارات متطابقة". ورفض تحديد هذه الدول التي قررت المشاركة في هذا الإعلان شبه المشترك، لكن روسيا واحدة منها بالتأكيد. من جهة أخرى، التقى وزير الخزانة الأمريكي جاك ليو نظيره الروسي أنطون سيلوانوف على هامش قمة العشرين للبحث في الوضع في أوكرانيا. وقال مسؤول في وزارة الخزانة الأمريكية اليوم الأحد ان ليو "شدد على الحاجة إلى الاستقرار والإصلاح الاقتصادي". وفي ساحة الاستقلال التي اطلقت عليها المعارضة اسم الميدان، هتفت تيموشنكو "أنتم أبطال أنتم أفضل من في أوكرانيا". وطلبت المعارضة التي ظهرت بضفيرتها الشهيرة وجلست على كرسي متحرك أمام حوالى خمسين ألف شخص في ساحة الاستقلال، من المتظاهرين مواصلة معركتهم. وقالت "إذا قال لكم أحد إن الامر انتهى ويمكنكم العودة إلى بيوتكم، لا تصدقوه فعليكم أكمال العمل". وأسفرت أعمال العنف التي بلغت ذروتها هذا الأسبوع عن سقوط ثمانين قتيلا بعد أزمة حادة مستمرة منذ ثلاثة أشهر، وهو مستوى غير مسبوق من العنف في هذا البلد الفتي الذي كان جمهورية سوفياتية سابقة. وخلال نهار طويل من الأحداث المتلاحقة يوم السبت الماضي، قرر البرلمان الأوكراني الإفراج عن يوليا تيموشنكو التي حكم عليها بالسجن سبع سنوات في 2011 بتهمة إساءة استخدام السلطة. كما قرر تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة في ماي، في إقالة للرئيس فيكتور يانوكوفيتش بحكم الأمر الواقع. وينص القرار الذي تبناه النواب ويحدد يوم 25 ماي موعدا للانتخابات الرئاسية المبكرة على أن "الرئيس يانوكوفيتش ابتعد عن السلطة ولم يعد يمارس مهامه". لكن يانوكوفيتش الذي تنتهي ولايته في مارس 2015، أكد أنه لا ينوي أبدا الاستقالة وذلك في كلمة بثها التلفزيون. وقال "لن أغادر البلاد الى أي مكان. ولا اعتزم الاستقالة. فأنا الرئيس المنتخب شرعيا". مضيفا ان "البلاد تشهد انقلابا" واصفا البرلمان بانه "غير شرعي". وأعلنت وزارة الدفاع الأوكرانية في بيان يوم السبت الماضي ان الجيش "لن يتورط" في النزاع الذي يشهده هذا البلد بين الرئيس يانوكوفيتش ومعارضيه. وأخيرا، قال حرس الحدود الأوكراني لوكالة "فرانس برس" إن الرئيس المقال بحكم الأمر الواقع فيكتور يانوكوفيتش حاول السبت رشوة حرس الحدود في دونيتسك لكي يسمحوا لطائرته بمغادرة البلاد، لكن محاولته باءت بالفشل.