لم يجد رئيس الحكومة السيد عبد الالاه بنكيران ما يقدمه من حصيلة للمغاربة بمناسبة السنة الثانية من عمر حكومته غير الاقرار بفشله في ترجمة وعود حزبه للمغاربة و لكنه مع ذلك إختار كعادته الحيط القصير لتبرير هذا الفشل و تسويقه للرأي العام حين خاطبه قائلا : المغاربة لن يؤاخذونا إذا لم نصل للنتائج لأسباب معقولة و مقبولة " و هذه أول مرة في التاريخ السياسي للمملكة يجزم فيها وزير أول و رئيس الحزب الحاكم الذي حملته زوابع الربيع العربي الى دفة الحكم بشعارات التغيير و الاصلاح و محاربة الفساد بلغة الواثق بنفسه و قدراته البلاغية على أن الناخبين و المواطنين سيلتمسون له الأعذار لاخفاقاته و فشله في تدبير شؤونهم اليومية و سيمنحونه صكوك الغفران و الرضا رغم عدم قدرته على ترجمة وعوده الانتخابية الى تدابير و إجراءات ملموسة . لابأس فالسيد رئيس الحكومة يقر بعظمة لسانه بأن فترة ولايته قصيرة جدا و تنتهي بسرعة و كان قاب قوسين أو أدنى أن يلتمس تمديدا لها عسى يتوفر لفريقه و حزبه ما يكفي من الزمان ليفي بوعوده المعلقة تجاه الشعب المغربي . لا ننكر أن للسيد بنكيران قدرة عجيبة على التصنع و تسويق الأوهام في قفازات حريرية و الرجل الذي أدرك متأخرا أن الوقت يداهمه كحسام القدر الفاصل لم يفقد مواهبه الغريبة في المزاوجة بين شخصيات معقدة و متضادة في الوقت نفسه . فبنكيران رئيس الحكومة يعترف بأن مسار الممارسة يكشف الصعوبات غير المتوقعة وفي نفس الوقت بنكيران الداعية الصوفي يقدم لمريديه وصفة السذاجة كبديل للنجاح في المهام و مقاربة الاشكاليات الضخمة لموقع المسؤول ثم في الأخير نفس الشخص من وراء قناع الزعيم السياسي يشدد على أن معركة الاصلاح طويلة و لاتتوقف فقط مع قفترة ولايته على رأس الجهاز التنفيذي للدولة . من الصعب وضع حدود للشخصيات الملتبسة و المتداخلة للسيد بنكيران و لعل علماء الاجتماع السياسي مدعوون لتفكيك حقائق هذا المسؤول الرسمي و الحزبي الذي بات يوظف مصطلح النية باسقاطاته المجتمعية و الاثنوثقافية في تبرير خياراته السياسية المحضة بعد أن فشلت قفشات العفاريت و التماسيح في القيام بالمتعين طيلة سنتين