خاطئ من كان يعتقد أن الأستاذ عبد الإله بن كيران رئيس الحكومة حجز ساعة وربع من البث في القناتين الأولى والثانية مساء أول أمس لتحديد أولويات حكومته الثانية واستعراض البرامج الطموحة وبسط مجمل الإشكاليات الصعبة التي تمثل تحديات أمام بلادنا خلال المرحلة المقبلة، خاطئ من كان يعتقد أن الرجل وضع قناتين عموميتين رهن إشارته - وهذه حالة لا تحدث إلا مع جلالة الملك - ليفسر للرأي العام أسباب فشل تجربته الحكومية الأولى وكيفية استخلاص العبر مما حدث، خاطئ من كان يعتقد أن بن كيران أقام الدنيا ولم يقعدها ليتحدث للمغاربة عن رؤيته كرئيس حكومة لمغرب 2025 وما بعده، خاطئ من كان ينتظر من بن كيران أن يتخلص من عقدة رئيس الحزب التي لازمته لحد الآن، وأنه سيخاطبهم هذه المرة كرئيس حكومة. ففي سابقة غريبة ومثيرة وخطيرة أصدر رئيس الحكومة أوامره لوزيره في الاتصال ليحضر إليه قناتين عموميتين وفريقا من الصحافيين إلى الإقامة المخصصة له، وليحجز له البث لمدة أكثر من 75 دقيقة، وهذه ممارسة لم تحدث حتى في سنوات الرصاص ليكيل التهم للناس ويطلق لسانه المتسلط لإلحاق الأذى بالآخرين. عبد الإله بن كيران تحدث كرئيس حزب مرة أخرى واستعرض وجهة نظره كرئيس لحزب العدالة والتنمية في وقائع حصلت، ووجه تهما خطيرة لمنافس سياسي له إلى درجة دفعته إلى ممارسة الكذب والافتراء . وهذا ما لا يسمح به القانون ويتعارض والأعراف الديموقراطية. وكان لحزب الاستقلال ولأمينه العام النصيب الأوفر من السباب والقذف والادعاءات في خروج بن كيران الجديد، بل ويتضح أن الرغبة في الرد على حزب الاستقلال وعلى أمينه العام كانت وحدها السبب الرئيسي في قرار بن كيران الاستحواذ على الإعلام العمومي لمدة طويلة جدا، إذ يبدو أن الفضاء الإعلامي المفتوح لم يتسع للرجل وقرر استغلال نفوذه والهيمنة على وسيلتي إعلام عموميتين، وهذا يذكرنا بالزمن الصعب الذي كانت فيه الحكومة تحتكر التلفزة وتستغلها للترويج لمواقفها، وكانت التعزيزات واضحة ومتجلية حيث كانت وكالة المغرب العربي للأنباء جاهزة لنقل رسائل قصيرة في الهواتف النقالة تنقل لحظة بلحظة ما كان يروج له بن كيران.