تعيش حكومة عبد الإله بنكيران ارتباكا ملحوظا منذ إعلان بعض الشركات رفع أسعار الحليب، إذ لوحظ أن الوزير المكلف بالشؤون العامة والحكامة نجيب بوليف كان قد صرح بأن الحكومة ليس لها علم مسبق بهذه الزيادة،بينما يفاجأ المواطنون بأن نفس الوزير يصرح بعد أيام أن الحكومة ستتدخل لدى هذه الشركات من أجل استفسارها عن قرار الزيادة،واتخاذ الإجراءات اللازمة في حقها. ويكمن الارتباك في كون هذه الشركات وغيرها لم تعد تأبه بوجود الحكومة والمنظومات الرقابية والقوانين والأنظمة ولا تهتم بشيء اسمه حماية المستهلك،بل ولا حتى المواطنين، والحليب ما هو إلا نموذج من جملة مواد طالتها فوضى الزيادة في الأسعار، فكم من المواد عرفت ارتفاعا في أسعارها دون أن تتحدث وسائل الإعلام عنها بسبب الطرق التدليسية التي تتم بها هذه الزيادات، فالخبز مثلا يعرف زيادات صاروخية دون أن يشعر المواطنون بها، فقطعة الخبز التي تراقبها مصالح الدولة في وزنها ونوعها وسعرها، هي قطع تحترم فيها المخابز هذه المعايير، لكن هذه الأخيرة تعمد إلى صنع أنواع من الخبز مضافا إليه بعض المواد المزينة كالزيتون أو السمسم وتضاعف ثمنه، وتنفلت من الرقابة لأنه لا يندرج ضمن اللائحة التي تنص على مواصفات محددة تتخذ كأساس للمراقبة. ومازال الناس يؤكدون أن وزن قنينة الغاز عرف نقصا مقابل عدم رفع سعر هذه المادة، كما أن الأسعار الخاصة بالمواد الغذائية تعرف تضاربا بين منطقة وأخرى ومتجر وآخر حيث تعرف فوارق من 10 إلى 20%. كل ذلك مع وجود مكاتب تنتصب على بعد أمتار من هذه المتاجر تحمل أسماء من قبيل مكتب الصحة البلدي،ومصلحة مراقبة الغش والمصالح الاقتصادية بالعمالات. وتجد جمعيات حماية المستهلك نفسها حائرة ومحرجةً أمام شكايات المواطنين الذين يئنون تحت وطأة هذه المضاربات في انتظار من يحميهم منها. المواطنون يحاولون تَحَسُّسَ المواطن التي تتدخل فيها الدولة لحمايتهم من هذه الفوضى، فوزارة الداخلية بمفتشيها ومسؤوليها في العمالات والولايات ووزاة الفلاحة بمكاتبها المكلفة بمحاربة الغش في المواد الغذائية ومكاتب الصحة البلدية الملحقة بمختلف أقاليم المملكة،كلها تقف عاجزة أمام هذه الفوضى التي تضرُب القدرة الشرائية للمواطنين وتشعرهم بأنهم يخضعون لقانون الغاب الذي لا يعرف إلا الغلبة للأقوى. على الحكومة أن تسارع الى التدخل بشكل حازم من خلال مصالحها ومكاتبها ومجالسها ومفتشيها الذين عليهم أن يغادروا مكاتبهم والنزول إلى الأسواق والمتاجر للوقوف على هذه الفوضى،ومحاولة الحد منها من أجل حماية المواطنين.