موثقو إفريقيا يشيدون بنظرائهم المغاربة    توقعات أحوال الطقس اليوم الأحد    آلاف الأشخاص يتظاهرون في لشبونة احتجاجا على عنف الشرطة    تجار: استيراد اللحوم الحمراء لن يخفض اسعارها الا في حدود 80 درهم    هذا برنامج زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمغرب    بنكيران: دعم العدالة والتنمية لفلسطين واجب وطني وديني رغم اتفاق التطبيع    فوز ثمين لنهضة بركان على الوداد    جهة طنجة تحافظ على المرتبة الثانية في دينامية إحداث المقاولات بالمغرب    حجز 72 كلغ من الكوكايين خلال عمليتين منفصلتين بميناء "طنجة ميد" والكركارات    قنصلية المملكة بمورسيا تخرج عن صمتها حول واقعة الاعتداء على مواطن مغربي    جهة طنجة تترقب تساقطات تصل إلى 35 ملم خلال عطلة نهاية الأسبوع    وزير الخارجية الإسباني: إعادة فتح جمارك سبتة ومليلية قيد المناقشة مع المغرب    البوجدايني: مهرجان الفيلم بطنجة مناسبة للتعرف على جيل جديد من المبدعين    بوتخريط يكتب: "الكلوب".. حين تشاهد المكان، يمكنك أن تكمل بقية الحكاية!    تسجيل حالة إصابة جديدة بفيروس "كوفيد-19"    بسبب ضعف الإقبال... سعيدة فكري تغيب عن سهرة لها بأكادير    البواري يعلن عن تدابير لدعم الفلاحين    جمعية المحامين تقرّر مقاطعة الجلسات    "أدباء العراق" يحتفي بالشاعر بنيس    الرئيس الفرنسي سيلقي خطابا في البرلمان المغربي    فيلم "عصابات" لكمال الأزرق يتوج بالجائزة الكبرى للدورة ال 24 لمهرجان الفيلم بطنجة    البطولة الاحترافية "إنوي" للقسم الأول (الدورة 8) .. نهضة بركان يفوز على مضيفه الوداد الرياضي (1-0)    نهضة بركان تزيد وضعية الوداد سوءا … وتتربع على صدارة الدوري المغربي … !    الرياضة للجميع / جمع عام: السيدة نزهة بدوان تؤكد أن موسم 2023-2024 كان بحق استثنائيا بكل المقاييس    إيران تعلن خسائرها بعد الضربة الإسرائيلية    "أيت أوزين" مجموعة موسيقية تسعى للحفاظ على التراث الأمازيغي    مؤزارا بضباط الشرطة... مجلس المنافسة يقتحم مقر شركة لتوصيل الطلبات قال إنه يشتبه "ارتكابها ممارسات منافية" للمنافسة    الكاف يحسم جدل مباراة ليبيا ونيجيريا بعد احتجاز بعثة الأخيرة بالمطار    طالب طب يضع حدا لحياته بسبب أزمة طلبة الطب والصيدلة    زكية الدريوش.. العلبة السّوداء لأخنّوش في الصّيد البحري مدّد لها وعاشرت ثلاث رؤساء حكومات    تساقطات مطرية محليا قوية يوم السبت والأحد بعدد من أقاليم المغرب    بنكيران: نرفض التطبيع مع إسرائيل.. والعثماني مُطالَب بالاعتذار عن التوقيع    السينغال تحرز لقب "كان الشاطئية"    تعديل حكومي أم عقاب سياسي؟    توقعات بتسجيل تساقطات مطرية وانخفاض في درجات الحرارة بالمغرب    الملك محمد السادس يهنئ الرئيس الفيدرالي لجمهورية النمسا بمناسبة العيد الوطني لبلاده    من بينها الحسيمة وتطوان.. المكتب الوطني للمطارات يعتزم استثمار 123 مليار لتوسيع عدد من المطارات    ارتفاع عدد حالات التسمم الغذائي في "ماكدونالدز" بالولايات المتحدة الأميركية    منظمون: الدورة ال15 من الماراطون الدولي للدار البيضاء ستعرف مشاركة عدائين عالميين يمثلون أزيد من 50 بلدا    انخفاض مفرغات الصيد الساحلي والتقليدي بميناء طرفاية    وهبي: القانون الدولي يخدم البلدان القوية .. و"التأويلات المفرطة" تستدعي اليقظة        "الواشنطن بوست": هل تُمارس إسرائيل تطهيرًا عرقيًا حقيقيًا في غزة؟        إيران تقلل من أضرار هجوم إسرائيل    اختبار أول صعب ل"الصديقي" رفقة يوسفية برشيد أمام "الراك"    إيران: إسرائيل استهدفت نقاطا عسكرية في طهران وخوزستان وإيلام مخلفة "أضرارا محدودة"    هجوم إسرائيلي جديد يستهدف مواقع لتصنيع الصواريخ في إيران    تلفزيون إيران: 6 انفجارات قرب طهران    أكاديمية المملكة تتذوق "الطبخ الأندلسي" .. مؤرخ: المطبخ يصنع الأخوة الحقيقية    بعد وفاة شخص وإصابة آخرين إثر تناولهم "برغر" من "ماكدونالد" بأمريكا.. السبب هو البكتيريا الإشريكية القولونية    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    فرط صوديوم الدم .. الأعراض والأسباب    التغير المفاجئ للطقس بيئة خصبة لانتقال الفيروسات    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية في ملف الصحراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصص الجاسوسية العالمية: كيم فيلبي وإختراق المخابرات الأمريكية
نشر في العلم يوم 14 - 07 - 2013

ألقى المسؤول الاستخباراتي الأمريكي "قنبلة كلامية كبيرة" على مسامع هذا الصحافي المتحمس في "الصنداي تايمز" وهي ان فيلبي كان يعمل كضابط اتصال بريطاني مع كل من وكالة الاستخبارات المركزية ومكتب التحقيقات الفيدرالي ويوضح المؤلف ان هذا السر كان مثيراً للغاية بحيث يضفي بعداً درامياً كبيراً على هروب فيلبي. فقد كان معناه أنه خلال ثلاثة أعوام من فترة الحرب الباردة فإن فيلبي كان في بؤرة عمليات الاستخبارات الغربية ضد السوفييت. وكانت الخطورة تتمثل ايضاً في أن فيلبي كان قد تمكن من اختراق جهاز الاستخبارات الخارجية البريطانية وبعدها نجح ايضاً في اختراق وكالة الاستخبارات المركزية في أمريكا! وتبين أيضاً ان مدير الوكالة ولتربيديل قد أعطى فيلبي الضوء الأخضر لمعرفة تفاصيل ما يدور في الوكالة على كل المستويات.
ويشير ايفانز إلى أن هذا كان معناه ايضاً ان فيلبي كان بوسعه ان يلم بكافة العمليات السرية الامريكية باستثناء ما يعرفه المدير العام لهذه الوكالة شخصياً. وكانت الخطورة التي نبه اليها ايفانز في هذا المجال انه من المؤكد ان فيلبي ومن قبله بقية هذه الشبكة من العملاء المزودجين قد تمكنوا من كشف وثائق وأسرار عسكرية وسياسية حساسة للروس وجهاز "الكي.جي.بي".
واتضح ايضاً ان ماكلين كان عضواً في لجنة سياسية مشتركة أمريكية بريطانية تتولى مسؤوليات خاصة بالشؤون المتعلقة بالسلاح النووي الغربي ولهذا فإن ايفانز ويشاركه في ذلك خبراء عديدون كانوا يعتقدون أن فيلبي وزميليه السابقين كانوا يمثلون اكبر شبكات التجسس نجاحاً في التاريخ.
ولكن ايفانز كان يواجه عقبات شديدة في محاولته كشف تفاصيل قصة هروب فيلبي وتداعياتها الخطيرة سياسياً واستخباراتياً، فقد كانت هناك معارضة شديدة من رئيس التحرير العام للتايمز، وهو دينس هاملتون بالنسبة للخوض في هذه الأزمة الكبيرة، فقد كان يرى ان ذلك سيصب في النهاية في مصلحة السوفييت وكذلك سيعرض للخطر عملاء جهاز الاستخبارات البريطانية في الخارج وتوجه هاملتون لمقابلة رئيس الوزراء البريطاني في ذلك الوقت هارولد ويلسون، وحضر اللقاء ايضاً السير ديك هوايت مدير جهاز الاستخبارات الخارجية في بريطانيا، ووافق هاملتون على ان تقوم "الصنداي تايمز" بعرض كل مقالة عن فيلبي قبل نشرها وذلك لتفادي الكشف عن أسرار قد تضر بأمن البلاد. ولكن المشكلة هي ان هاملتون لم يكن قد ابلغ فريق التحقيقات الصحافية الذي كان ايفانز قد كلفه بمتابعة خيوط هروب فيلبي بذلك، ولكن الصحيفة واصلت مع ذلك نشر تفاصيل قصة شبكة الجواسيس البريطانية العاملة في خدمة الاتحاد السوفييتي للمرة الأولى في التاريخ.
وكانت أخطر هذه الأسرار ان فيلبي بالذات حاول تقويض الأمن الغربي على نحو مستمر وبلا هوادة، وبالتالي فقد علم الرأي العام على نحو مثير للصدمة أن كل عمليات التجسس البريطانية ضد السوفييت كان محكوماً عليها بالفشل التام بسبب اطلاع فيلبي للسوفييت على كل تفاصيلها مسبقاً.
وعلاوة على ذلك فإن تعيين فيلبي في عام 1949 كضابط اتصال بين الاستخبارات البريطانية ووكالة الاستخبارات المركزية ومكتب التحقيقات الفيدرالي كان قد جعله يقف على كل الخطط التي تدبرها الوكالة ضد موسكو وكذلك ابلاغه للسوفييت بأسماء الجواسيس الأمريكيين والبريطانيين.
ومن بين المفارقات الأخرى المثيرة في هذه الأزمة أن خبراء شؤون الاستخبارات الغربيين كانوا يعتقدون انه إذا لم تكن خيانة فيلبي قد انكشفت ولم يهرب إلى موسكو فإنه كان في الوقت المناسب سيتولى منصب مدير جهاز الاستخبارات البريطانية في الخارج، وكان هذا لو حدث سيلحق ضربة قاصمة بالعمليات الاستخباراتية البريطانية والغربية في دول المعسكر الشيوعي. وكان فيلبي قد اطلع أيضاً بحكم عمله على سيل البرقيات المتواصلة بين القنصلية الوطنية في نيويورك ومع كبار المسؤولين في موسكو وكان عملاء التجسس البريطانيين والأمريكيين قد تمكنوا من اختراق شفرة هذه الاتصالات، وفي اوائل عام 1951 ادرك فيلبي من خلال اطلاعه على هذه البرقيات أن مكتب التحقيقات الفيدرالي كان على وشك ان يكشف سر ماكلين زميله السابق باعتباره جاسوساً مزدوجاً، وكانت الطامة الكبرى هي ان ماكلين كان يشغل وقتها منصب رئيس الإدارة الأمريكية في وزارة الخارجية البريطانية، ويشير المؤلف إلى ان جهاز الاستخبارات الداخلية البريطانية كان يخطط للتحقيق في أنشطة ماكلين بعد هذه الشكوك الأمريكية حول نواياه الشريرة.
ومن بين الأسرار الأخرى التي تكشفت لنا في هذا الصدد ان فيلبي أوفد زميله الآخر بيرجيس من واشنطن إلى لندن لكي يقوم بترتيب عملية هروب ماكلين وذلك لأنه كان يخشى من أن الأخير قد بدأ ينكشف كعميل مزدوج.
ولكن الرياح لم تأت بما تشتهي السفن، كما يقولون فقد وقعت بعد ذلك سلسلة من الكوابيس. وقد اعترف فيلبي في حديث بعد ذلك مع "الصنداي تايمز" في عام 1988 عن هذه الفترة المثيرة ودوره فيها.
فقد كان من المفترض ان يرافق بيرجيس ماكلين خلال رحلته عبر بحر الشمال "المانش" في طريقه إلى فرنسا وذلك تحسباً لامكانية تراجعه عن الهروب في اللحظة الأخيرة. وبدلاً من ذلك فإن بيرجيس توجه هو نفسه في مايو عام 1951 إلى موسكو. وهرب الرجلان "بلا عودة" وسط دهشة واستياء المسؤولين في بريطانيا وأمريكا. وسلطت الأضواء بعد ذلك على فيلبي حيث كان يقوم على عكس تعليمات الاستخبارات السوفييتية بمشاركة بيرجيس في الاقامة في منزل واحد في واشنطن، وهكذا حامت حول فيلبي هذه الشكوك الكبيرة، وفعلاً صدرت الأوامر باستدعائه على الفور من عمله في واشنطن وتعرض لما يشبه المحاكمة الداخلية من قبل جهاز الاستخبارات الداخلية في بريطانيا، ولكن لم يثبت ارتكابه أي مخالفات ومع ذلك تم فصله من عمله. وبعد ذلك تمكن فيلبي من الحصول على وظيفة أخرى حساسة وهي العمل كمراسل لكل من صحيفة "الأوبزرفر" ومجلة "الايكونومست" البريطانيتين، وواصل فيلبي اتصالاته مع اصدقائه في جهاز الاستخبارات الخارجية البريطانية، ولكن صلاته مع الاستخبارات السوفييتية توقفت ظاهرياً.
ولكن التطور الجديد بعد ذلك كان حصول الاستخبارات البريطانية فجأة على أدلة دامغة حول عمالة وخيانة فيلبي. وبالتالي أوفدت الاستخبارات البريطانية فريقاً للتحقيق مع فيلبي في بيروت في محاولة لاقناعه بضرورة الاعتراف بخيانته وبالفعل واجه فيلبي المحققين ولكنه بذكائه المعهود تمكن من التسويف والمماطلة والسعي لتفادي الاعتراف بجرمه. ولكنه كان في الوقت نفسه يدبر في الخفاء في يناير من عام 1963 عملية هروبه وفراره إلى موسكو وتخلى بذلك عن كل التزاماته وارتباطاته في بيروت بما في ذلك زوجته وأطفاله وعائلته وأصدقاؤه وعشيقاته. وقد أصدر فيلبي نفسه بعد ذلك في عام 1968 كتاباً عن قصة خيانته لبلاده تحت عنوان "حربي الصامتة".
ليس هناك ما يندم عليه
ولكن المسؤولين السوفييت مارسوا أساليب الرقابة المشددة ضد الكتاب وحذفوا صفحات طويلة منه. وحاول المسؤولون الاستخباراتيون في الغرب أن يكتشفوا أي خيوط جديدة حول خيانة فيلبي وكذلك السعي للحصول على الدروس المستفادة من هذه القصة المثيرة. ولكن مساعيهم أحبطت بالكامل فلم تكن هناك بالفعل أي رسائل أو ألغاز يكشف عنها فيلبي في كتابه. وأسدل الستار في عام 1988 على هذه الأحداث المثيرة وذلك بوفاة فيلبي في موسكو. ويشير الكتاب إلى أن فيلبي كان قد أعلن قبل ذلك بشهور قليلة انه ليس لديه ما يأسف عليه. وأكد أنه قام باتخاذ "القرارات الصائبة" وليس هناك ما يندم على فعله منذ أن التزم في الثلاثينات من القرن العشرين بالعمل في "خدمة الاتحاد السوفييتي والشيوعية". وصب فيلبي الزيت على النار بالقول بأن أمله هو "أن تنتصر الشيوعية".
أما بيرجيس فقد كان قد توفي في موسكو في عام 1963 ولحقه ماكلين في عام 1983. وبالتالي فإن الجواسيس الثلاثة لم يبقوا على قيد الحياة حتى نهاية الشيوعية. والمشكلة هي أنهم لم يواجهوا بالفعل العدالة في بلادهم لكي يحاكموا على جرمهم وخيانتهم.
ويتحدث المؤلف عن الدروس المستفادة التي استخلصها من قصة خيانة فيلبي وسعي صحيفته إلى كشف الحقائق، في مواجهة عقبات شديدة من جانب الحكومة وأجهزة الاستخبارات البريطانية.
ويوضح الكتاب ان ايفانز تلقى تحذيراً قبل بدء نشر هذه القصة المثيرة من أجهزة الاستخبارات التي طالبته بعدم نشر أي تفاصيل اكتشفها فريق التحقيقات في المطبوعة عن فيلبي. ولجأت أجهزة الاستخبارات بالفعل إلى إصدار أمر قضائي بهذا المعنى وذلك في أول سبتمبر من عام 1967 وكانت الحجة هي أن هذه المعلومات ستضر بالأمن القومي والمصالح الوطنية البريطانية، ولذلك فإنه "ينبغي عدم اذاعة أي شيء عن الأماكن والمهام والأشخاص المعنيين الذين عملوا في خدمة الاستخبارات البريطانية. ويقول المؤلف إن هذا الموقف كان يمثل محاولة مباشرة لعدم نشر هذه التحقيقات الصحافية المهمة. ولكن ايفانز يقول إنه قرر تجاهل هذه التحذيرات تماماً. وبالفعل تم نشر قصة "الجاسوس الذي خان جيلاً" في أول أكتوبر من عام 1967.
وكان المؤلف يرى أن النتائج التي استخلصتها التحقيقات الصحافية في هذا الشأن كانت مثيرة للقلق الشديد. وكذلك فإنها كشفت كيف تمكن فيلبي طيلة هذه المدة الطويلة من ممارسة الخيانة ضد بلاده بلا رقيب. وكذلك فإنه استغل ما يعتبره المؤلف "عقدة الطبقية" السائدة حتى اليوم في المجتمع البريطاني. فإن بعض الطبقات الارستقراطية والثرية هنا تعتقد حتى اليوم انه بوسعها أن تفلت من أي عقاب أو مساءلة لأنها فوق القانون، وستلقى الدعم من الطبقة الحاكمة التي تعتبر نفسها جزءاً منها.
ويعرب الكتاب عن الأسف لأنه لم يتم تنفيذ برنامج اصلاح موسع للأجهزة الاستخباراتية بعد فضيحة فيلبي والأخطاء الفادحة التي وقعت في هذا المجال. ويستهجن ايفانز الحملة التي شنتها المؤسسة الحاكمة ضد صحيفة "الصنداي تايمز" والمطبوعات الأخرى التي حاولت تسليط الأضواء على هذه الفضيحة. والغريب في الأمر من وجهة نظر الكتاب ان الاستياء والسخط لم يكن موجهاً ضد فيلبي نفسه. وفي اطار هذه الاتهامات وجهت اتهامات إلى ايفانز بأنه كان يخدم من خلال اثارته للفضيحة "الاستخبارات السوفييتية". وقد كان هناك اتجاه رسمي لربط الفضيحة بنظرية المؤامرة من قبيل محاولة تشويه الحقائق وعدم مواجهة الرأي العام والاقرار بحدة الأزمة التي تعاني منها أجهزة الاستخبارات.
وقد تفاقمت حدة المشكلة عندما سعى وزير الخارجية ونائب رئيس الوزراء العمالي عندئذ جورج براون إلى التدخل شخصياً في الأزمة.
فقد شجب براون خلال جلسة لمجلس العموم موقف ايفانز واصراره على اذاعة تفاصيل الفضيحة متجاهلاً التحذيرات الرسمية إليه. واتهم براون الذي كان لا يفيق من السكر ايفانز بأنه خائف وذلك خلال حفل عشاء خاص كان يحضره روي طومسون مالك مجموعة "التايمز" السابق، قبل استحواذ روبرت ميردوخ عليها. ولكن رئيس الوزراء هارولد ويلسون نمى إلى علمه في اليوم التالي أن نائبه براون كان مخموراً حتى الثمالة خلال حفل العشاء الخاص. وقام ويلسون بتوبيخ براون بشدة ولذلك فإنه كان يشعر بالندم خلال اليوم التالي.
ومن ناحية أخرى يقول ايفانز ان تجربته الخاصة بالتحقيق الموسع في فضيحة فيلبي كانت تمثل أول مواجهة مباشرة له مع الحكومة البريطانية وما يعرف باسم "المؤسسة السياسية الحاكمة" التي تتمتع بالنفوذ والسلطة وكذلك فإنها نتاج ما يسميه المؤلف والدوائر الساحرة والطبقة الارستقراطية وخريجي جامعتي أكسفورد وكامبريدج وكذلك الصحافة المحافظة.
ويشير ايفانز إلى أن المجتمع البريطاني قد أصبح الآن أكثر تنوعاً وتعدداً ويضم أعراقاً مختلفة بالمقارنة مع ما كان سائداً منذ عدة عقود مضت. ولكن المؤلف يتوصل إلى قناعة بأن الأجهزة السرية لن تتغير فهي لا تزال تميل إلى العمل في الخفاء. ومع ذلك فإنه يشدد على أهمية الشفافية والمساءلة بالنسبة لهذه الأجهزة مهما كانت تتعلل بضرورة السرية والعمل من وراء الستار.
غدا: الجاسوس الغامض


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.