باستثناء صحيفة الخبر التي إمتلك طاقمها بعض الشجاعة المهنية لتسليط الضوء على مضمون خطاب الرئيس الفرنسي أمام نواب غرفتي البرلمان المغربي بما فيه الجزء المتعلق بموقف فرنسا التابث من مقترح الحكم الذاتي , إبتلعت جل إن لم نقل كل المنابر لصحفية للجيران بما فيها الوكالة الرسمية للأنباء لسانها و تجردت مما تبقى من مصداقيتها التي ظلت حاضرة بسبق إصرار و ترصد كلما تعلق الأمر ولو بتصريح عارض لمسؤول جزائري أو إنفصالي يتضمن اللمز و الغمز في المغرب و نظامه و حتى مؤسساته . حتى الوكالة الرسمية الجزائرية للأنباء بثت الخميس الماضي قصاصة يتيمة عن حلول هولاند بالرباط , تستعرض برنامج زيارته و من حينها ركنت للصمت المطلق و فضلت الحديث أمس عن خطورة الألغام التي خلفها " المحتل المغربي " برمال الصحراء على خطاب هولاند الذي تضمن شقا مهما يهم مستقبل و مصير منطقة الاتحاد المغاربي . صحيفة الجنرالات الشروق و مالكها العميل السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية قبل أن يتحول الى بوقها الاعلامي الذي لا يشق له غبار إنتظر يوما كاملا تعليمات أولياء نعمته قبل أن يخط على صدر صحيفته عنوانا يعكس حجم صدى الصدمة الهولاندية نسبة الى هولاند على أولياء نعمته "هولاند يطعن الجزائر بالمغرب ؟" هكذا عنوان صحفي الشروق مادة عن زيارة الرئيس الفرنسي ليخلص من تلقاء نفسه الى خلاصة خطيرة تنضح بلا شك من إناء بعض الأطراف النافذة بهرم السلطة الجزائرية التي تحرك قلمه السيال إلى أن الزيارة فضحت ازدواجية وتلاعب الفرنسيين بما يسمى "الصداقة" مع الجزائر. في معقل الانفصاليين بالرابوني ما زال وقع الصفعة المدوية لخطاب هولاند يؤرق سبات قيادة الانفصاليين التي باشرت عملية تدليس و تضليل عجيبة و غريبة و معهودة في تعاملها مع رزمة المواقف التي أعلن عنها و التي كان لها مفعول الدوش البارد على أحلام و مخيلات المراكشي و طغمته . ما يسمى بوكالة أنباء المرتزقة و التي تتحكم في خيوطها حرم الزعيم الأبدي للبوليساريو و ووزيرة ثقافته الجزائرية الأصول لم تجد حرجا للتلاعب بخطاب هولاند و تزويره بطريقة مضللة مبتذلة مكتفية بالاشارة الى أن الرئيس الفرنسي أكد دعم بلاده لحل قضية الصحراء على أساس قرارات الأممالمتحدة و أن هذا الأخير توصل عشية قدومه للرباط برسالة من رئيس عصبة الانفصاليين مفادها أن موقف فرنسا تجاه القضية الصحراوية يشكل عائقا أمام السلام و العدل مشيرا إلى أنه لم يفت الأوان لإعادة النظر في هذا الموقف. و واقع الأمر أن محور الجزائر / تندوف كان يمني النفس بانعطاف جذري لموقف باريس من النزاع المفتعل بالصحراء المغربية . و على أساس هذه الأمنية بنى ذات المحور حساباته و مخططاته منذ زيارة ساكن الايليزي للجزائر نهاية السنة الماضية , و إعتقاد العديد من الساسة بالبلد الجار و بمخيمات الرابوني أن تكسير الرئيس الاشتراكي للتقليد الذي سار عليه أسلافه في شأن تخصيص المملكة المغربية بأول زيارة رئاسية للمنطقة ينضح بعزم الايليزي على تعديل موقفه من ملف الصحراء أو على الأقل إعادة النظر في دعمه التقليدي اللامشروط لمقترح الحكم الذاتي . و في خضم التكهنات و الحروب الديبلوماسية العلنية و الخفية التي كانت تتنافس لتقويم موازين علاقة باريس بقطبي شمال إفريقيا , و تدخل لوبي الانفصاليين بالعاصمة الفرنسية للتلويح بمراسلة قديمة لرئيس الحكومة لفرنسي ايرولت خلال عهدته كعمدة لمدينة نانت الى جمعية مقربة من لوبي الانفصاليين و تسويقها إعلاميا كنصر و مكسب ديبلوماسي وشيك لطروحات الانفصاليين . خلاصة الأمر أن حصون عاصمة الأنوار باريس إستعصت مجددا على محاولات التضليل و الضغط التي صرف خلالها لوبي الانفصاليين أغلفة ضخمة من عائدات النفط الجزائري لجر الحكومة الفرنسية نحو معترك خصوم وحدة المملكة ... فشلت مناورات الأطراف المعادية لمصالح المغرب في نيل مرادها و لكن ستظل ذاكرة الكتابات و التعاليق و المواقف الصادرة عن بعض الأقلام و المنتديات الوطنية بداخل المغرب وصمة عار على جبينهم تجاه صلابة الاجماع الوطني المقدس حول وحدة تراب الوطن الذي تجرأ في لحظة ما بعض المتنطعين على المساومة به إرضاء لنرجسية عابثة