من التقاليد الواضحة والراسخة لدى سكان الصحراء، ارتداؤهم لما يسمونه في الكثير من المناطق ب»الدراعية»، ففضلا على أن جذور هذا اللباس ضاربة في التاريخ، فلا يمكن أن نقول عنه دائما إنه لباس تقليدي أو محافظ، لأنه استطاع الاستمرارية والتطور، بكل ما تحمله كلمة استمرارية من معنى، ومواكبة كل التغيرات التي طرأت في أنماط حياة الإنسان الصحراوي، و»الدراعية» في حقيقة الأمر تبقى دائما وأبدا لباسا مميزا ومحترما. في الأسبوع الماضي، خلال فعاليات المنتدى الاجتماعي العالمي بتونس، لاحظت إهانة هذا اللباس، إهانة ما بعدها إهانة، ولو أن الذين كانوا من رواء هذه الفعلة معروفين في التاريخ وفي الجغرافية، على أنهم باستطاعتهم القيام بهذا السلوك المخزي وأكثر. فاتضح لي بالملموس أن من بين الأخطاء التي ترتكبها عناصر من «البوليساريو» على كثرتها ، الازدراء والاستهتار بالدراعية، فالكثير منهم خلال تحركاتهم، كان يختار عن قصد، متى يرتديها ومتى ينزعها. الذي أعرفه حق المعرفة، أن هذا اللباس هو رمز للأصالة من جهة، ودليل على الطابع الهوياتي من جهة أخرى، خاصة عند المواطن المغربي في الأقاليم الجنوبية المغربية، لكنها عند الانفصالي شيء آخر، يستعملها للخدعة والاحتيال. وتيقنت من الأمر عندما كنت أحضر العديد من اللقاءات والندوات، وفيها حاول الانفصاليون استفزاز صحفيين وباحثين من المغرب ومن الخارج، وكان الانفصاليون يرتدون الدراعية عنوة. تأكدت بأن في الأمر حكاية، لأن الشاب الذي تجرأ، بل استفز الصحافي الإيطالي، الذي كان يناقش علاقة «البوليساريو» بتنظيم القاعدة، كان حينها يرتدي «الدراعية، وكان قد انسلخ من طابعه الآدمي، وهاجم الصحافي الإيطالي بإشارات مقلقة لإخافته وترهيبه ، لكن ما أن مر بعض الوقت، حتى التقيت الشاب نفسه في أحد ممرات كلية العلوم القانونية بالمركب الجامعي المنار بزي «طروابييس»، وقد نزع عنه «الدراعية» وتأبطها، فالتساؤل الذي حضرني إذاك، هو لماذا الدراعية عند الهجوم ونزعها في حالة السلم؟، قلت في نفسي «الدراعية» ليست بذلة رياضية في الحين استدركت أنها يمكن أن تكون بذلة عسكرية بالنسبة للانفصالي، لأنه يرتديها عندما يريد أن يتحول إلى وحش كاسر معتقدا أنها تعطيه شحنة للانسلاخ من الإنسانية والمرور إلى المرحلة الحيوانية. وهنا انكشفت اللعبة.