شهدت الرباط تظاهرة غاضبة تضاربت حولها الآراء والتقييمات، فمن قائل أن أكثر من 200 ألف شخص شاركوا فيها، ومن قال أن أزيد من 10 آلاف شخص، ومنهم من اكتفى بعدد غير معين قائلا أن الآلاف من المغاربة كانوا في هذه التظاهرة. ولعل أهم تقييم لهذه المظاهرة يتمثل في أنها جاءت أولا كرد فعل على إقفال باب الحوار الاجتماعي، وثانيا أنها عملية تسخينية في انتظار تظاهرات الطبقة العاملة في فاتح ماي المقبل. الملاحظ كذلك في تظاهرة الرباط، العودة القوية لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي نزل بقيادته إلى شوارع الرباط ليقود المعارضة ضد حكومة بن كيران مستعينا ببعض النقابات، وبجمع الإخوة الأعداء في إطار خطة حزبية نقابية وجهت رسالة بالواضح والمرموز للحكومة. رسالة الواضح بعثت «أمْراً يومياً» لمن يهمه الأمر يقول إن الحزب قادم بقوة لشغل الفراغ الموجود في الساحة. أما رسالة المرموز فتعني ما تعنيه أن نفس الحزب خرج متعافيا مما سُمّيَ ب «أزمة المؤتمر» التي كثر حولها الجدل، وهو الآن يقود المعارضة الحزبية والنقابية. وكأنه يقول: لقاؤنا في المحطات المقبلة. وبغض النظر عن هذا الخروج الاتحادي، لوحظ نوع من التقارب بين حزب الوردة الاشتراكي وحزب البديل الحضاري الإسلامي المتحد بقيادة مصطفى المعتصم المعتقل السابق فيما يُعرف بخلية عبد القادر بليرج. ويأتي هذا التقارب في شوارع العاصمة بعد الدعوة المفتوحة لحزب النهج الديموقراطي لإقامة تقارب أو تحالف مرحلي مع جماعة العدل والإحسان، وهو التقارب التحالف الذي يثير أكثر من علامة استفهام. أما الملاحظة الأساسية التي خرج منها الذين تتبعوا مظاهرة الرباط تتمثل في اعتبارها «بروفة» لما ستكون عليه التظاهرات العمالية لفاتح ماي المقبل، والتي من المحتمل جدا أن يجتمع فيها اليساريون والإسلاميون إلى جانب الأجراء والموظفين والطبقة الشغيلة والمعطلين.. وكلهم أعلنوا غضبهم على حكومة بنكيران وكلهم يجمعون على مطالبتها بالرحيل، هذا إلى جانب مجموعات متفرقة، مثل جمعية «أطاك» اليسارية «وحركة 20 فبراير» التي رددت (وستردد) شعاراتها وأهازيجها التي تدور حول التخلص من الديكتاتورية والاستبداد. كما لوحظ أيضا في هذه المظاهرة تقارب نقابي جمع بين الكونفدرالية الديموقراطية للشغل والفدرالية الديموقراطية للشغل «وتوحدهما» حول إصدار بيان مشترك يجمع مطالبهما.