اختتم البرلمان بمجلسيه النواب والمستشارين الدورة التشريعية الخريفية بحصيلة غنية سواء على مستوى التشريع أو المراقبة البرلمانية بعدما تجاوزت هذه الحصيلة عتبة المعدل المتعارف عليه خلال الولايات التشريعية السابقة بالمصادقة على 41 نصا تشريعيا ، بما فيها مشروع القانون المالي 2013 و 27 اتفاقية دولية ، بينما اقتصرت حصة المبادرات التشريعية التي يتقدم بها اعضاء البرلمان على مقترحين قانونيين فقط يتعلقان بالنظامين الأساسيين لموظفي كل من مجلس النواب ومجلس المستشارين في الوقت الذي توجد لدى اللجان البرلمانية الدائمة بمجلسي البرلمان قصد الدراسة 120 مقترح قانون ،57 لدى مجلس النواب و63 لدى مجلس المستشارين ،الأمر الذي يطرح إشكالية دستورية حقيقية تتمثل في المهمة الدستورية الموكولة لأعضاء البرلمان في مجال التشريع ليس فقط من حيث الدراسة والتصويت على مشاريع القوانين التي تحيلها الحكومة على المؤسسة التشريعية ،ولكن أيضا كصانعي القوانين من خلال ما يتقدمون به من مبادرات تشريعية وفقا لأحكام الفصل 78 من الدستور ، خاصة وأن هذا الاخير نص على وجوب تخصيص يوم واحد على الأقل في الشهر لدراسة مقترحات القوايين كما جاء في الفصل 82 من الدستور . وإذا كانت حصيلة الدورة التشريعية غنية من حيث عدد القوانين المصادق عليها ، فإن هذه الحصيلة تأتي في غياب المخطط التشريعي ، بعدما سجلت الدورة عدم المصادقة على أي قانون تنظيمي أو قانون تأسيسي كما هو منصوص عليه في الفصل 86 من الدستور وغيره من الفصول ، بما فيها الفصل 171 الذي بموجبه تحدد بقوانين تأليف وصلاحيات وتنظيم وقواعد سير مؤسسات وهيئات حماية الحقوق والحريات والحكامة الجيدة والتنمية البشرية والمستدامة والديمقراطية التشاركية الواردة من الفصل 161 إلى الفصل 170 من الدستور ، الأمر الذي يطرح إشكالية التفعيل السليم للدستور في غياب تسريع وثيرة القوانين المرتبطة بالمخطط التشريعي بعدما نص الفصل 86 من الدستور على وجوب عرض مشاريع القوانين التنظيمية المنصوص عليها في الدستور قصد المصادقة عليها من طرف البرلمان داخل الولاية التشريعية الحالية 2011-2016 ، مع العلم أن أعضاء البرلمان تقدموا بمبادرات تشريعية تهم القوانين التنظيمية والقوانين التأسيسية وصلت 12 مقترح قانون في الوقت الذي لم تقم فيه الحكومة بإحالة أي مشروع قانون يخص هذه القوانين على البرلمان. وهذا ما يجعل المتتبعين للشأن البرلماني يطرحون تساؤلا عريضا في ظل هذه الوضعية التي تنضاف إليها النصوص التشريعية المتبقاة التي وصلت إلى 153 نصا تشريعيا ، 23 منها تتعلق بمشاريع القوانين ، 19 منها لدى مجلس النواب و14 لدى مجلس المستشارين ، و120 تهم مقترحات القوانين ، 57 منها لدى مجلس النواب و63 لدى مجلس المستشارين ، هذا التساؤل المطروح بإلحاح في ظل هذه الوضعية : ماذا بعد اختتام الدورة التشريعية ؟ هل البرلمان في عطلة ؟ أم سيتم اللجوء إلى دورة استثنائية لدراسة النصوص التشريعية المتبقاة والمخطط التشريعي في حالة إعداده ؟ أم سيتم الاكتفاء بمناقشة هذه النصوص التشريعية على مستوى اللجان البرلمانية الدائمة حتى تكون جاهزة للمصادقة عليها مباشرة بعد افتتاح دورة ابريل كما ينص على ذلك الفصل 80 من الدستور الذي بمقتضاه تحال مشاريع ومقترحات القوانين لأجل النظر فيها على اللجان التي يستمر عملها خلال الفترات الفاصلة بين الدورات .