المغرب وإسبانيا يعززان التعاون القضائي استعداداً لكأس العالم 2030    نشرة إنذارية: تساقطات ثلجية وزخات مطرية رعدية قوية الأربعاء والخميس بعدد من مناطق المملكة    دنيا بطمة تعود لنشاطها الفني بعد عيد الفطر    وزارة الصحة : تسجيل انخفاض متواصل في حالات الإصابة ببوحمرون    الصحافة الإسبانية تشيد بابراهيم دياز، صاحب هدف الفوز أمام أتلتيكو    طنجة: توقيف مواطنيْن من جنسية بولونية موضوع أمر دولي بإلقاء القبض صادر عن السلطات القضائية الأمريكية    استقبال الدفعة الأولى من الأباتشي    "الكتاب" يشيد بعدم ذبح الأضاحي    تداولات بورصة البيضاء بأداء سلبي    حقوقيون يرفضون تشديد أحكام مدافعين عن ضحايا "زلزال 8 شتنبر"    "أونسا" يطمئن بشأن صحة القطيع    عمرو خالد: 3 أمراض قلبية تمنع الهداية.. و3 صفات لرفقة النبي بالجنة    المحكمة العليا ترفض قرار ترامب    ضحايا «البوليساريو» يفضحون أمام مجلس حقوق الإنسان انتهاكات فظيعة في مخيمات تندوف    وكيل أعمال لامين يامال يحسم الجدل: اللاعب سيمدّد عقده مع برشلونة    هذه مقاييس التساقطات المطرية المسلجة خلال يوم واحد.. وهذه توقعات الخميس    مونديال الأندية.. "فيفا" يخصص جوائز مالية بقيمة مليار دولار    قصص رمضانية.. قصة بائعة اللبن مع عمر بن الخطاب (فيديو)    المعرض الدولي للسياحة ببرلين.. الوزير الفيدرالي الألماني للشؤون الرقمية والنقل يشيد بكثافة العلاقات المغربية الألمانية    مطار محمد الخامس يلغي التفتيش عند المداخل لتسريع وصول المسافرين    مسؤول يفسر أسباب انخفاض حالات الإصابة بفيروس الحصبة    دراسة: النساء أكثر عرضة للإصابة بمرض ألزهايمر من الرجال    العثور على أربعيني ميتًا نواحي اقليم الحسيمة يستنفر الدرك الملكي    القناة الثانية تتصدر المشهد الرمضاني بحصّة مشاهدة 36%    المغرب يؤكد في قمة القاهرة أن غزة جزء من التراب الفلسطيني والشعب الفلسطيني له حق التقرير في مستقبلها    إطلاق كرسي الدراسات المغربية في جامعة القدس بفلسطين    «دلالات السينما المغربية»:إصدار جديد للدكتور حميد اتباتويرسم ملامح الهوية السينمائية وعلاقتهابالثقافة والخصائص الجمالية    «محنة التاريخ» في الإعلام العمومي    النيابة العامة تتابع حسناوي بانتحال صفة والتشهير ونشر ادعاءات كاذبة    طنجة تتصدر مدن الجهة في إحداث المقاولات خلال 2024    تحذير من حساب مزيف باسم رئيس الحكومة على منصة "إكس"    أمن طنجة يحقق في واقعة تكسير زجاج سيارة نقل العمال    كسر الصيام" بالتمر والحليب… هل هي عادة صحية؟    ضمنها الحسيمة ووجدة.. حموشي يؤشر على تعيينات جديدة بمصالح الأمن الوطني    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال 24 ساعة الماضية    اليماني: شركات المحروقات تواصل جمع الأرباح الفاحشة والأسعار لم تتأثر بالانخفاض في السوق الدولية    دورة مجلس جهة سوس ماسة.. مستوى رديء وغياب نقاش حقيقي    رئيس مجلس المنافسة يتجاهل "سخرية" أوزين ويرفضُ "المناوشات السياسية"    أبطال أوروبا.. قمة ألمانيا بين البايرن و ليفركوزن واختبار ل"PSG" أمام ليفربول    هذه أبرز تصريحات ترامب في خطابه أمام الكونغرس    مكملات غذائية تسبب أضرارًا صحية خطيرة: تحذير من الغرسنية الصمغية    الصين تعلن عن زيادة ميزانيتها العسكرية بنسبة 7,2 بالمائة للعام الثالث على التوالي    ترامب يرفض المقترح العربي لإعادة إعمار قطاع غزة    اجتماع بالحسيمة لمراقبة الأسعار ومعالجة شكايات المستهلكين    المنتخب المغربي يدخل معسكرا إعداديا بدءا من 17 مارس تحضيرا لمواجهة النيجر وتنزانيا    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    زيلينسكي يقترح هدنة للبدء في محادثات سلام ويقول إنه يريد تصحيح الأمور مع ترامب    "هِمَمْ" تحذر من الاتجاه الخطير للقمع المنهجي للرأي والتعبير وتطالب بالوقف الفوري للمتابعات    دوري أبطال أوروبا لكرة القدم.. أرسنال يتفوق بنتيجة عريضة على إيندهوفن (7-1) ويضمن بنسبة كبيرة تأهله إلى الربع    وقفة احتجاجية وسط الرباط ترفض "تنصل إسرائيل" و"مقترح ترامب"    دوري أبطال أوروبا لكرة القدم .. ليل يعود بتعادل ثمين من ميدان دورتموند    موقف واضح يعكس احترافية الكرة المغربية وتركيزها على الميدان بدل الجدل    عمرو خالد يكشف "ثلاثية الحماية" من خداع النفس لبلوغ الطمأنينة الروحية    وزارة الثقافة تطلق برنامج دعم المشاريع الثقافية والفنية لسنة 2025    في حضرة سيدنا رمضان.. هل يجوز صيام المسلم بنية التوبة عن ذنب اقترفه؟ (فيديو)    "مرحبا يا رمضان" أنشودة دينية لحفيظ الدوزي    عمرو خالد: هذه أضلاع "المثلث الذهبي" لسعة الأرزاق ورحابة الآفاق    بريسول ينبه لشروط الصيام الصحيح ويستعرض أنشطة المجلس في رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النافذة
نشر في العلم يوم 10 - 02 - 2013

ارتداد معكوس لأشعة الشمس الصباحية، تخترق الألواح الزجاجية لنافذة البيت المواجه للمقهى،تحاشاها النادل طويلا متسائلا مع نفسه باستغراب:
- ترى من سكن هذا البيت المهجور.. وفتح هذه النافذة اللعينة..؟
ضاع سؤاله مع وفود الزبائن، وانصهاره في دوامة طلباتهم التي لا تنتهي..
كان محقا بتساؤله؛ فجل المنازل المجاورة للمقهى والمحيطة بالسوق قد غادرها أصحابها مكرهين، وتحولت إلى مخازن يكدس فيها التجار سلعهم، كما أن الشارع الذي يفصل الحي عن السوق أصبح غاصا بالباعة، إما متجولين بعرباتهم طولا وعرضا، أو مفترشين الأرض بسلعهم المختلفة.. يعج بالفوضى والصخب من طلوع الشمس إلى غروبها، تتناثر فيه الكلمات البذيئة، وغالبا ما تتطور إلى مشادات بين الباعة والزبائن أو الباعة أنفسهم.
اضطرت أسرة سعاد التخلي عن شقتها بالطابق الثالث والسكن بهذا البيت الأرضي، بعد أن صدمتها سيارة كانت تسير بسرعة مفرطة عند عودتها من إعداديتها، أقعدتها الفراش مدة طويلة، غادرت على إثرها مقاعد الدراسة و فقدت معها القدرة على المشي، لتصبح سجينة كرسي متحرك.
اختارت سعاد هذه الغرفة لنافذتها الكبيرة والمطلة على الشارع ،وتركت بينها وبين سريرها فراغا ،حتى يتسنى لها أن تتحرك بكرسيها كما تشاء.
أصبحت هي متنفسها الوحيد وبوابتها إلى العالم الخارجي الذي افتقدته، وألغت المسافات والحدود مع عزلتها المضنية،تجلس وراءها متخفية بستائرها،تحرك ألواحها الزجاجية يمينا ويسارا ،تتابع عن كثب ما يجري في الشارع،تراقب أخلاط البشر تغذو وتروح في تزاحم وتدافع، وصياح الباعة يعلو وينخفض بعرض بضائعهم وأثمانها، بنغمات مختلفة تؤثث هذا الفضاء الملتهب والمتناقض .
تعرفت على رواد المقهى أوقات جلوسهم وطلباتهم، و أسماء الباعة وبضائعهم من أصواتهم، تشاركهم نكتهم بابتسامتها، و حزنهم بقلقها، وتذمرهم باستيائها،لاتفارقها إلا ساعة الظهيرة عندما يخلو الشارع من رواده والمقهى من جالسيه، لتجتمع مع أسرتها على الغذاء وانتظار ممرضتها في المساء..
تعلقت كثيرا بهذه النافذة، التي كانت تفصل بين عالمين مختلفين متناقضين تعيشهما في آن واحد، عالم داخلي وعالم خارجي، عالم الصمت و عالم الصخب.. عالم داخلي بالبيت يسوده الصمت والسكون، فأبوها قليل الكلام وأمها غارقة في شؤون البيت،لا يبدده إلا أخوها عند قدومه في نهاية الأسبوع، وعالم خارجي بالشارع والسوق يحتضن الصخب والحركة،ولون آخر للحياة التي لا تنتهي..
كانت منارتها الدافئة التي أنارت سبيلها ،وأخرجتها من ضائقة الأحزان والانكفاء على الذات ،والالتجاء في حالتها إلى الأحلام كملاذ ومهرب، لتلج بها إلى عوالم أخرى لم تكن تبالي بها من قبل، تلتقط وتسجل في ذهنها مسارات الحياة بجميع أوجهها المختلفة، لأناس يكابدون شظف العيش متجاوزين همومهم.
لاحظت الممرضة تحسنا ملموسا في حركات رجلي سعاد، وتجاوبها السريع في الترويض، ابتسمت لها وهي تقول:
!- ما السر في تحسنك بهذه السرعة... حقا، إنه شيء مذهل...
نظرت إليها بعيون قلقة وشفتاها تفتر عن ابتسامة قادمة، كعادتها لم تقل شيئا بل تابعت تمارينها بشيء من الحماس.
بدأت حالتها تتحسن شيئا فشيئا ،والسوق يزداد صخبا وجلبة مع قدوم العطلة الصيفية، إلا أن الروائح النتنة القادمة من أقصى القمامة والتي تزكم الأنوف عندما تباغتها الريح، تضطرها أن تقفل نافذتها عدة مرات، وتتابع ما يجري بسمعها..
هذا الصباح فاجأها صمت ثقيل على غير عادته، تحركت من فراشها ثم زحفت نحو كرسيها دون ان تستعين بأمها، أدارت عجلاته بسرعة نحو النافذة ،حركت ألواح زجاجها كعادتها، أرسلت بصرها في كل الاتجاهات،الشارع يكاد يكون خاليا من رواده، جامدا من ضوضائه، وصمت رهيب يحتويه..اختفى الباعة بأصواتهم ونداءاتهم المتكررة ، ورواد المقهى غاب معظمهم.. أصاخت سمعها جيدا كانت بعض الأحذية الثقيلة تجوب المكان، حاولت الوقوف وهي على كرسيها المتحرك لتفتح النافذة وتتجلى حقيقة الأمر ،ندت عنها صرخة قوية مزقت سكون البيت، هرعت إليها أمها بسرعة فوجدتها واقفة على رجليها، متشبثة بألواح النافذة وهي مفتوحة على مصراعيها، وكرسيها المتحرك مقلوبا على مقربة منها..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.