أوشكت مجلة "نيوزويك"، التي كانت ذات يوم واحدة من أهم المجلات في وسائل الاعلام الامريكية، على الاختفاء من منافذ توزيع الصحف والمجلات حيث من المقرر ان تتحول المطبوعة، التي قدمت تحليلات اخبارية أسبوعية لأجيال من الامريكيين، الى موقع اليكتروني على شبكة الانترنت فقط. فقد أعلنت تينا براون رئيسة تحرير المجلة وبابا شيتي الرئيس التنفيذي في أكتوبر 2012 أن آخر نسخة مطبوعة للمجلة ستتوافر بمنافذ توزيع الصحف والمجلات في الولاياتالمتحدة يوم الحادي والثلاثين من ديسمبر 2012. ومن المقرر ان تختفي ايضا عدة طبعات دولية من مجلة "نيوزويك". وستصبح النسخة الإليكترونية، "نيوزويك غلوبال"، نسخة واحدة لكل العالم متاحة للمشتركين عبر أجهزة القراءة الاليكترونية على الانترنت وأجهزة الهاتف المحمول واجهزة الكومبيوتر اللوحي. وكتبت براون وشيتي في مقال "اننا ننتقل بنيوزويك، لا نقول وداعا لها.. لانزال ملتزمين لنيوزويك وللمدرسة الصحافية التي تمثلها. ان هذا القرار لا يدور حول نوعية العلامة التجارية أو الصحافة - انها قوية مثلما كانت دائما، ولكنه يتعلق بالتحديات الاقتصادية التي تواجه المطبوعات وتوزيعها". ومع ذلك، فإن كريستوفر ستيرلينغ الأستاذ الفخري لعلوم الإعلام والشؤون العامة في جامعة جورج واشنطن قال انه لا يعتقد أنه بامكان هذا التحول انقاذ المجلة الأسبوعية، التي بدأت تفتقد مكانتها وأهميتها في ظل توافر الاخبار على مدار الساعة طيلة أيام الاسبوع. وقال: "لا ادري كيف ستتمكن نيوزويك من العثور على موقع قدم لها وسط هذا القدر من المنافسة الشرسة على شبكة الانترنت". ولكن مجلة "نيوزويك" ليست الوحيدة التي ستختفي. وقال ستيرلينغ ان المنافذ الاخبارية التقليدية تخوض عملية "منهجية" بينما تكافح من أجل إعادة اكتشاف نفسها في الحقبة الرقمية. وقال ستيرلينغ لوكالة الانباء الالمانية إن "المجلات تتضاءل شيئا فشيئا، ان الامر يبدو كمشاهدة صديق عزيز يحتضر.. وأعتقد أننا سوف نرى الكثير من الاسماء المألوفة تختفي". وأشار الى أن مجلة "نيوزويك" كانت دائما الثانية في الترتيب بعد منافستها الاكبر "تايم"، لقد كانت "نيوزويك" أكثر "اثارة" من خلال ما تقدمه من موضوعات ذات صبغة استقصائية على نطاق واسع. وقالت باتريشيا فالن، أستاذة مساعد بجامعة جورج واشنطن، إن نيوزويك مجلة "مهمة ومبدعة للغاية"، وتحظى بمتابعة قوية يكشفها تنافسها مع مجلة "تايم". وأشارت الى أن القراء ينقسمون بين أنصار متشددين ل"نيوزويك" أو أنصار متشددين ل"تايم"، وفي كل الاحوال لايخلو منزل من واحدة منهما من الناحية التقليدية. وقالت فالن لوكالة الانباء الالمانية "كانت نيوزويك شيئا يتم الحفاظ عليه ووضعه على موائد القهوة". ووفقا لفالن، فإن الافراد سيفقدون قدرتهم على اخراج مجلة اخبارية في أي مكان وأي وقت. وكان ل"نيوزويك" تاريخ مشهود منذ تأسيسها عام 1933. بعد صدور طبعتها الاولى في 17 فبراير من نفس العام، مع سبع صور على غلافها توضح مسيرة نازية بين موضوعات اخري. وكان العدد الواحد يتكلف 10 سنتا وبلغ سعر الاشتراك السنوي في ذلك الوقت أربعة دولارات. وقامت شركة "واشنطن بوست" بشراء مجلة "نيوزويك" عام 1961، ونمت لتصبح ثاني أكبر مجلة اسبوعية في الولاياتالمتحدة. ويقول ستيرلينغ إن "نيوزويك" كانت في اوجها خلال تلك الفترة. وبلغت ذروتها عام 1991 حيث بلغ حجم توزيعها 3.3 ملايين نسخة، انخفضت تدريجيا إلى 5.1 مليون بحلول يونيو 2012، وفقا لمركز "بيو" للأبحاث. ومع ذلك، أشارت "نيويورك تايمز" الى إنه حتى وهي في ذروتها، كانت إيرادات "نيوزويك" مجرد كسر من تلك التي تحققها ال"تايم". وبدأ تراجع المجلة عام 2009، عندما قرر رئيس تحريرها في ذلك الوقت جون ميتشام خفض التوزيع للنصف لتفادي الإفلاس بعدما خسرت الشركة 20 مليون دولار في الربع الاول من ذلك العام وحده، حسبما ذكرت صحيفة "واشنطن بوست". ورفعت المجلة ثمن الاشتراكات من 45 سنتا للاصدار الواحد الى 90 سنتا لتعويض خسائر عائدات الاعلانات حيث تخلى القراء عن المجلة الورقية لصالح الاخبار التي يتابعونها على شبكة الانترنت. وقال ميتشام عام 2009 انه "اذا لم نتمكن من إقناع مليون ونصف مليون شخص أننا نستحق أقل من دولار واحد في الأسبوع، فإن السوق سيكون قد قال كلمته". ومع ذلك، فإن جهود ميتشام الحثيثة لم تكن كافية لانقاذ المجلة وتم بيعها في اغسطس 2012 لرائد الصوتيات سيدني هارمان بدولار واحد مقابل تحمله الديون المالية للمطبوعة. وبدأ التحول إلى المحتوى الرقمي فقط عام 2010، عندما اندمجت "نيوزويك" مع "ذا دايلي بيست"، وهو موقع رأي أسسه براون عام 2008. وعلى موقعها الاليكتروني، وصفت شركة "نيوزويك/دايلي بيست" الاندماج بأنه "يجمع بين موقع الاخبار السريع المتواصل على مدار 24 ساعة طيلة أيام الاسبوع مع العمق والتحليل وقوة التحقيق التي تتمتع بها مجلة ورقية عظيمة". حاليا، تجتذب العملية المشتركة 19 مليون زائر على الانترنت شهريا، تتوقع الشركة أن يزداد عددهم بينما يستمر المستهلكون في التحول الى استخدام الاجهزة الرقمية. ويوضح الاعلان عن تحول "نيوزويك" الى العالم الرقمي ان عدد مستخدمي الاجهزة اللوحية زاد في الولاياتالمتحدة وحدها إلى 70 مليون شخص، مقارنة ب13 مليون فقط قبل عامين. وبرغم كافة الجهود، يتوقع ستيرلينغ أن تختفي المجلة بشكل كامل، بينما تقول فالين ان الانتقال الى عالم التكنولوجيا الرقمية سوف يسمح للمجلة بتقديم محتوى الوسائط المتعددة وتقديم مادة صحافية بنفس الجودة المعروفة عنها. ومع ذلك، فإن اختفاء المجلة المطبوعة من منافذ توزيع الصحف والمجلات والمقاهي سيخلف بالتأكيد فراغا في المشهد الاعلامي المتغير بالولاياتالمتحدة.